العراق

قيادة داعش .. المرحلة الجديدة

علي قيس
21 مايو 2020

نجح جهاز المخابرات العراقي بالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية بإلقاء القبض على "حجي عبد الناصر قرداش"، أحد أبرز قيادات داعش، قديما والآن.

من هو حجي قرداش؟

هذه أبرز المعلومات عن حجي قرداش كما ذكرها بيان لجهاز المخابرات.

•    اسمه طه عبد الرحيم عبد الله بكر الغساني، ويكنى بـ"حجي عبد الناصر قرداش" وأيضا "أبو محمد".

•    من مواليد ١٩٦٧ تلعفر، ويسكن حي مشيرفة بالموصل.

•    انتمى عام ٢٠٠٧ لتنظيم القاعدة في محافظة نينوى وعمل بصفة إداري بولاية الجزيرة لغاية نهاية العام.

•    شغل بعدها منصب والي الجزيرة، وخلال فترة توليه المنصب قام بعدد من العمليات الإرهابية.

•    بداية عام ٢٠١٠، كلف من قبل والي الشمال بالعمل نائباً له، وبأمر من زعيم تنظيم داعش الأسبق "أبو عمر البغدادي"، تم تكليفه بشغل منصب والي ولايات الشمال (جنوب الموصل والموصل والجزيرة وكركوك).

•    نهاية عام ٢٠١١ التقى بزعيم داعش السابق "أبو بكر البغدادي" في أطراف محافظة بغداد وكلفه الأخير بشغل منصب أمير التصنيع والتطوير.

•    كُلّف بعدها من قبل البغدادي بالذهاب إلى سوريا وعمل مصانع أسلحة ومتفجرات وكواتم لتجهيز الولايات.

•    بعد حدوث انشقاقات بالتنظيم وانشقاق جبهة النصرة عن داعش تم تكليف قرداش بمنصب والي الشرقية (الحسكة ودير الزور والرقة).

•    شغل بعدها بأمر من البغدادي منصب والي البركة وبعد إعلان الخلافة كلف بمنصب نائب أمير اللجنة المشرفة، وبعدها أميرا اللجنة، ثم نائبا للعدناني وأميراً للجنة المفوضة بعد مقتل الأخير، إضافة إلى تكليفه كنائب للبغدادي.

•    كان المشرف الأول عن معركة كوباني والسيطرة على مدينة تدمر وحلب ودمشق ومعارك الباب، وله دور كبير في أحداث بلدة الباغوز الأخيرة، التي اتخذها داعش آخر معاقله.

•    مسؤول عن صناعة وتطوير غاز الخردل الذي استخدام باستهداف القوات العراقية داخل العراق.

•    كان دوره بارزا في أغلب المفاوضات التي جرت بين التنظيم والفصائل والمجاميع الأخرى، ومشرفا على كافة المفاصل الإدارية ومفاصل التصنيع والتجهيز.

مرحلتا التحالف والانتخاب

ورغم اختلاف القيادات التكفيرية المتعاقبة على تنظيمات القاعدة وداعش في العراق، فإن قادة داعش الجدد، ومنذ ظهورهم ككوادر وسطية في عهد الزرقاوي 2004 وحتى صعودهم على رأس هرم القيادة عام 2019، يعدون من أهم القيادات الأيديولوجية التي برزت بشكل تراتبي متنامي على ساحة الجماعات التكفيرية الجهادية.

ويفصل الخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي مراحل القيادة لتنظيمي القاعدة وداعش في دراسة، خصّ موقع (ارفع صوتك) بنسخة منها.

ووفقا لأبرز ما جاء في الدراسة، فإن التحالفات الجهادية لتنظيم القاعدة في العراق وفروعه بعد عام 2004 شهدت مراحل وتطورات عكست في جوهرها عدة اجتهادات فقهية بين:

- الانفتاح المرتبط بالزرقاوي (2004- 2006)، ويتيح هذا الانفتاح مشاركة الفصائل السلفية الجهادية ضمن مجلس شورى يرسم السياسات ويخطط العمليات وينسق الأدوار على أرض الواقع.

- التطور إلى مرحلة الانتخاب الذي يرتبط بمنهجية أبو عمر البغدادي  (2006 – 2010)، حيث ينتخب بعض الفصائل من السلفية الجهادية لتنسيق القليل من عمليات الميدانية المشتركة وبشرط تكون الريادة والقيادة بيدهم فهم يستعملون تلك الفصائل ولا يعطوها القيادة.

- التوحد المرتبط بمنهجية البغدادي (2010-2019) ويعتمد "كل من لا يبايع فهو خارجي أو مرتد أو عدو فيلزم بالبيعة أو القتل".

وأصحاب تيار الانفتاح على الجماعات التكفيرية يتصلون بمنهجية الزرقاوي في ضرورة جمعها بمجلس شورى ضمن منظمة واحدة يخرج قرارها موحدا.

وهؤلاء يطلق عليهم جماعة مجلس الشورى أو مجلس العمل الجهادي الموحد، وهم يتفقون أيضا مع تيار الانتخاب في اعتماد سياسة تنسيق مشروطة، فـ"العلاقة تنسيقية محدودة".

مرحلة إعادة التكوين

وفي فترة سيطرة تنظيم داعش على الساحة الجهادية التكفيرية في العراق، قهر التنظيم كل الفصائل الجهادية وحتى المتحالفة معه مثل (أنصار السنة وكتائب أبي بكر الصديق وجماعة جيش المجاهدين قاطع نينوى)، حيث ألزم البغدادي كل تلك الجماعات إلى أن تكون بيعتهم وولائهم ومرجعيتهم العقائدية والفقهية والتنظيمية والمنهجية أساسا له.

أمّا اليوم، فإن تنظيم داعش في مرحلة المراجعة وإعادة التكوين يبحث عن بيئة حاضنة أو حليف محلي، بشرط أن يكون تحالفه مع من يعتقد صحة إسلامه ولو "شكليا".

وهذه مسألة ضرورة بالنسبة له بعد كل هزيمة واسعة، ومطلب تنظيمي يحتمه مبدأ الولاء لبيعة الخلافة.

وقد تحالف الزرقاوي مع الجماعات السلفية والإخوانية والصوفية العراقية التي يصنفها (بالبدعية).
وتحالف أبو عمر البغدادي (2006-2010) مع أنصار الإسلام وكتائب أبو بكر السلفي والجماعة السلفية المقاتلة رغم أنه يعتبرهم جماعات خارجة عن تنظيم القاعدة في العراق آنذاك.

وقد أشارت استخبارات الشرطة الاتحادية العراقية ذلك في مناطق شمال بغداد، وجنوب صلاح الدين.

ورصدت عودة تنظيم داعش للعمل بمعونة عناصر تتبع بقايا أنصار الإسلام شمال وشرق ديالى.
والتحقيقات القضائية أكدت أنه في شرق صلاح الدين يعتمد على بقايا القاعدة من جناح الظواهري.

وفي شمال غرب الموصل رصد التحالف الدولي مصالحة وتنسيق لداعش مع مجموعة صغيرة من تنظيم حراس الدين.

وقد تلجأ قيادة داعش الجديدة بقيادة أبو إبراهيم القرشي، إلى مراجعة علاقاتها مع الفصائل المسلحة وإحداث مصالحة مع المجتمع السني، وهذا يؤكد ميل اللجنة المفوضة الجديدة (أعلى لجنة تنفيذية في الهيكل التنظيم لداعش) بقيادة "حجي عبد الله قرداش"، ويشاركه بهذا الرأي كل من القيادات التنفيذية العليا الجديدة في داعش "حجي جمعة البدري وحجي تيسير العراقي وأبو سعد الليبي وأبو مالك التميمي الجزراوي" لتنفيذ هذا الخيار مع مجلس الشورى.

التكيف قبل الهجرة

ورصدت دوائر المعلومات المختصة أن تنظيم داعش في ولايتي العراق والشام أخذ يتكيف مع الهزيمة ويطور خططه من أجل البقاء أطول مدة ممكنة في المنطقة دون الاضطرار إلى هجرها بشكل كلي تجاه ولايتي (غرب أفريقيا وشرق آسيا).

وهذا لن يكون حتى يعتمد على مبدأ جديد في العلاقات مع البيئات التي يتستر فيها.
والمبدأ الجديد هو "تحالف محلي مع تدمير وإبعاد عيون القوات الأمنية من الموارد البشرية المتعاونة مع دوائر الاستخبارات".

وهذا واضح منذ انطلاق حملة اغتيالات متسلسلة ومنظمة للمختارين في القرى والمناطق التي يتواجد فيها فلول التنظيم.

الاستراتيجية القادمة

وتعد قيادة داعش الجديدة من أهم الكوادر الوسطية والميدانية.

وبعد إعلان البيعة لأبي إبراهيم القريشي خليفة للبغدادي، تم رصد بداية عهد جديد يعتمد جملة من الخطوات المنهجية والتنظيمية والاستراتيجية القادمة، منها:

- الحرص على ارتباط التنظيم بأبو مصعب الزرقاوي، المعروف بكونه الأشدّ دموية بين أقرانه من القادة.

- إطلاق مرحلة جديدة وهي "قتال اليهود".

- "ساحات المعارك" المقبلة، وهي العراق، واليمن، والشام، وسيناء، وليبيا، والصومال، وخراسان، وباكستان، والهند، والقوقاز، وغرب ووسط أفريقيا، وتونس، والجزائر.

- البدء بقبول المصالحة مع المجتمعات السنية، ومنحها فرصة للتوبة، وتحذيرهم من أن "الحساب قادم والفاتورة طويلة".

- حرب ال‘نهاك المجهد الدائمة التي تقوض الاستقرار، فالنظام السياسي لا يمكن أن يكون مستقرا مع الأزمات الأمنية التي تستهدف الأمن الاقتصادي والاجتماعي.

التحديات التي تواجه صمود قادة داعش الجدد:

- إرث الهزيمة الثقيل الذي تركه البغدادي لهم، وفقدانهم الحاضنة المنسجمة معهم عقائديا ومنهجيا.

- إحياء نموذج الصحوات "الحشد العشائري والمناطقي وحشد الدفاع"، التي مثلت صدمة لقادة القاعدة وداعش في العراق، وذلك لعدم القدرة على الاختباء منها.

- التحولات الفكرية والسياسية التي شهدتها المناطق السنية في العراق، وصعود عدد من القوى السياسية المتحالفة مع الأحزاب السياسية الشيعية القريبة من إيران.
 

علي قيس

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.