العراق

الصحراء والقرى الخالية... ملاذ داعش الآمن

22 مايو 2020

بمعدل أكثر من عملية مسلحة يوميا، ينفذها عناصر تنظيم داعش في مناطق موزعة شمالا في محافظة نينوى، نزولا إلى كركوك وصلاح الدين وأطراف العاصمة بغداد، حتى شرق البلاد في محافظة ديالى وغربها في محافظة الأنبار.

ورغم أنها هجمات سريعة، يعتمد المهاجمون فيها تكتيك الانسحاب السريع والاختباء بعد التنفيذ، لكنها تسفر بالمجمل عن ضحايا بين قتلى وجرحى في صفوف المدنيين والقوات الأمنية.

ويرجح مراقبون أن الهدف من هذه الهجمات "إعلامي لصالح التنظيم"، مستبعدين تمكنه من تحقيق أهداف تصل إلى مرحلة السيطرة على المناطق كما حصل في 2014.

خلية الإعلام الأمني ============== عناصر من عصابات داعش الارهابية تتعرض على نقطة ١٧ التابعة إلى الفوج الثالث في اللواء...

Posted by ‎خلية الإعلام الأمني‎ on Sunday, May 3, 2020

تطور الهجمات

لكن على أرض الواقع هناك هجمات مسلحة وهناك ضحايا، يحاول مسلحو داعش من خلالها إنهاك القوات الأمنية وإرعاب المدنيين.

تعتمد خلايا داعش على استغلال الهفوات الأمنية والنقاط الهشة في الخطط العسكرية الموضوعة لتأمين المناطق التي تم تحريرها من التنظيم.

يقول علاء حمد حسن، وهو ضابط سابق برتبة عميد في الجيش العراقي، إن "خلايا داعش النائمة ما زالت موجودة في بعض المناطق المحررة، وهي بدأت تتحرك والدولة رصدت ذلك".

ويضيف في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن عناصر داعش تستهدف "المناطق التي تخلو من النقاط العسكرية أو تكون بعيدة عنها".

يقطن العميد حسن في إحدى قرى ناحية الشورة (جنوب غرب نينوى)، وقد تعرضت قريتهم إلى هجوم مطلع الأسبوع الجاري.

واعتاد عناصر التنظيم زرع العبوات الناسفة في الطرق المؤدية من وإلى القرية، ليستهدفوا بها دوريات القوات الأمنية والحشد العشائري، لكن هجومهم هذه المرة كان مسلحا أسفر عن مواجهات استمرت لساعات، وانتهى بإصابة أحد أفراد الحشد العشائري وانسحاب مسلحي التنظيم، "ويعتبر هذا الهجوم تطورا في أساليب داعش"، بسحب وصف الضابط المتقاعد.

ويوضح أن "الهفوات الأمنية وتواجد القطعات العسكرية على الشوارع الرئيسية وعدم وجود نقاط ثابتة لها في مساحات الجزيرة الواسعة والمناطق الزراعية، إضافة إلى وجود قرى خالية من السكان، عوامل تسمح لمجاميع داعش بالحركة وتنفيذ الهجمات".

ويرى العميد السابق أنه "وفق العرف العسكري لا يمكن نشر قوات أمنية في كل المناطق، خصوصا المفتوحة كالمناطق الصحراوية الممتدة شمال وغرب العراق، لكن بالمقابل الأمر يحتاج إلى إعادة نظر في الخطط العسكرية والأمنية".

الحاجة لخطط أمنية جديدة

ومن بين النقاط التي يجب مراعاتها في الخطط الأمنية، المسح الجوي لتلك المناطق وتكثيف الجهد الاستخباري، فضلا عن تأهيل الطرق والبنى التحتية بما يسمح بسرعة حركة القوات الأمنية.
يصف العميد حسن عمليات داعش بأنها "غير كبيرة"، ويعتبر أن الهدف منها "إثبات وجود، والوضع السياسي المتأزم يساعدها على ذلك".
عامل الوقت
وتعتمد الخطط الهجومية التي ينفذها عناصر داعش على "عامل الوقت، بما يسمح لهم بالانسحاب قبل وصول القوات الأمنية الداعمة"، وفقا للضابط حسن.

الموضوع مؤشر لدى القيادات الأمنية العليا بحسب الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العميد يحيى رسول، الذي يوضح أن "نشر القطعات العسكرية في المناطق الصحراوية التي تشكل 40% من مساحة العراق هو ضرب من المستحيل".

ويكشف الزبيدي في حديث لموقعنا أن القيادات الأمنية ستلجأ إلى "تطوير أساليب المراقبة بالاعتماد على طائرات الاستطلاع الجوي والجهد الاستخباري".

ويضيف "نعتمد حاليا على طائرات الجيش العراقي المسلحة في عمليات مسح المناطق الصحراوية وعمليات الإنزال للقوات المحمولة جوا في المناطق المؤشرة استخباراتيا لدينا، والتي يصعب وصول القطعات البرية لها".

"أسود الجزيرة"

وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي قد أعلن نية الأجهزة الأمنية تنفيذ عمليات عسكرية لملاحقة فلول داعش والقضاء على ما تبقى منها.

ووفقا للناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، فإن عمليات "أسود الجزيرة"، التي انطلقت مؤخرا لتفتيش القطعات العسكرية في المناطق الصحراوية وصولا إلى الحدود مع سوريا، أسفرت حتى الآن عن "قتل مجموعة من الإرهابيين وتدمير عجلات مفخخة وعبوات ناسفة والاستيلاء على معدات ووثائق "مهمة" تعود للتنظيم.

يقول الزبيدي إن عملية أسود الجزيرة انطلقت "بعد توجيه القائد العام للقوات المسلحة خلال زيارته لمقر الحشد الشعبي بملاحقة ما تبقى من فلول داعش".

خلية الإعلام الأمني ============== القوات الأمنية في قيادة عمليات صلاح الدين خلال عمليات اسود الجزيرة والتي انطلقت صباح...

Posted by ‎خلية الإعلام الأمني‎ on Saturday, May 16, 2020

العملية كانت باشتراك عمليات محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار وديالى والجزيرة والبادية أيضا، واشتركت فيها قطعات الجيش والحشد الشعبي والشرطة، وبإسناد القوات الجوية العراقية، وذلك من خلال أكثر من 11 محور، وجرت وفق معلومات استخبارية دقيقة.

يقول الزبيدي "العملية حققت النتائج التي تم التخطيط لها في قيادة العمليات المشتركة، وسيكون هناك استمرار لمثل هذه العمليات".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.