الصحراء والقرى الخالية... ملاذ داعش الآمن
بمعدل أكثر من عملية مسلحة يوميا، ينفذها عناصر تنظيم داعش في مناطق موزعة شمالا في محافظة نينوى، نزولا إلى كركوك وصلاح الدين وأطراف العاصمة بغداد، حتى شرق البلاد في محافظة ديالى وغربها في محافظة الأنبار.
ورغم أنها هجمات سريعة، يعتمد المهاجمون فيها تكتيك الانسحاب السريع والاختباء بعد التنفيذ، لكنها تسفر بالمجمل عن ضحايا بين قتلى وجرحى في صفوف المدنيين والقوات الأمنية.
ويرجح مراقبون أن الهدف من هذه الهجمات "إعلامي لصالح التنظيم"، مستبعدين تمكنه من تحقيق أهداف تصل إلى مرحلة السيطرة على المناطق كما حصل في 2014.
تطور الهجمات
لكن على أرض الواقع هناك هجمات مسلحة وهناك ضحايا، يحاول مسلحو داعش من خلالها إنهاك القوات الأمنية وإرعاب المدنيين.
تعتمد خلايا داعش على استغلال الهفوات الأمنية والنقاط الهشة في الخطط العسكرية الموضوعة لتأمين المناطق التي تم تحريرها من التنظيم.
يقول علاء حمد حسن، وهو ضابط سابق برتبة عميد في الجيش العراقي، إن "خلايا داعش النائمة ما زالت موجودة في بعض المناطق المحررة، وهي بدأت تتحرك والدولة رصدت ذلك".
ويضيف في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن عناصر داعش تستهدف "المناطق التي تخلو من النقاط العسكرية أو تكون بعيدة عنها".
يقطن العميد حسن في إحدى قرى ناحية الشورة (جنوب غرب نينوى)، وقد تعرضت قريتهم إلى هجوم مطلع الأسبوع الجاري.
واعتاد عناصر التنظيم زرع العبوات الناسفة في الطرق المؤدية من وإلى القرية، ليستهدفوا بها دوريات القوات الأمنية والحشد العشائري، لكن هجومهم هذه المرة كان مسلحا أسفر عن مواجهات استمرت لساعات، وانتهى بإصابة أحد أفراد الحشد العشائري وانسحاب مسلحي التنظيم، "ويعتبر هذا الهجوم تطورا في أساليب داعش"، بسحب وصف الضابط المتقاعد.
ويوضح أن "الهفوات الأمنية وتواجد القطعات العسكرية على الشوارع الرئيسية وعدم وجود نقاط ثابتة لها في مساحات الجزيرة الواسعة والمناطق الزراعية، إضافة إلى وجود قرى خالية من السكان، عوامل تسمح لمجاميع داعش بالحركة وتنفيذ الهجمات".
ويرى العميد السابق أنه "وفق العرف العسكري لا يمكن نشر قوات أمنية في كل المناطق، خصوصا المفتوحة كالمناطق الصحراوية الممتدة شمال وغرب العراق، لكن بالمقابل الأمر يحتاج إلى إعادة نظر في الخطط العسكرية والأمنية".
الحاجة لخطط أمنية جديدة
ومن بين النقاط التي يجب مراعاتها في الخطط الأمنية، المسح الجوي لتلك المناطق وتكثيف الجهد الاستخباري، فضلا عن تأهيل الطرق والبنى التحتية بما يسمح بسرعة حركة القوات الأمنية.
يصف العميد حسن عمليات داعش بأنها "غير كبيرة"، ويعتبر أن الهدف منها "إثبات وجود، والوضع السياسي المتأزم يساعدها على ذلك".
عامل الوقت
وتعتمد الخطط الهجومية التي ينفذها عناصر داعش على "عامل الوقت، بما يسمح لهم بالانسحاب قبل وصول القوات الأمنية الداعمة"، وفقا للضابط حسن.
الموضوع مؤشر لدى القيادات الأمنية العليا بحسب الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العميد يحيى رسول، الذي يوضح أن "نشر القطعات العسكرية في المناطق الصحراوية التي تشكل 40% من مساحة العراق هو ضرب من المستحيل".
ويكشف الزبيدي في حديث لموقعنا أن القيادات الأمنية ستلجأ إلى "تطوير أساليب المراقبة بالاعتماد على طائرات الاستطلاع الجوي والجهد الاستخباري".
ويضيف "نعتمد حاليا على طائرات الجيش العراقي المسلحة في عمليات مسح المناطق الصحراوية وعمليات الإنزال للقوات المحمولة جوا في المناطق المؤشرة استخباراتيا لدينا، والتي يصعب وصول القطعات البرية لها".
"أسود الجزيرة"
وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي قد أعلن نية الأجهزة الأمنية تنفيذ عمليات عسكرية لملاحقة فلول داعش والقضاء على ما تبقى منها.
ووفقا للناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، فإن عمليات "أسود الجزيرة"، التي انطلقت مؤخرا لتفتيش القطعات العسكرية في المناطق الصحراوية وصولا إلى الحدود مع سوريا، أسفرت حتى الآن عن "قتل مجموعة من الإرهابيين وتدمير عجلات مفخخة وعبوات ناسفة والاستيلاء على معدات ووثائق "مهمة" تعود للتنظيم.
يقول الزبيدي إن عملية أسود الجزيرة انطلقت "بعد توجيه القائد العام للقوات المسلحة خلال زيارته لمقر الحشد الشعبي بملاحقة ما تبقى من فلول داعش".
العملية كانت باشتراك عمليات محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار وديالى والجزيرة والبادية أيضا، واشتركت فيها قطعات الجيش والحشد الشعبي والشرطة، وبإسناد القوات الجوية العراقية، وذلك من خلال أكثر من 11 محور، وجرت وفق معلومات استخبارية دقيقة.
يقول الزبيدي "العملية حققت النتائج التي تم التخطيط لها في قيادة العمليات المشتركة، وسيكون هناك استمرار لمثل هذه العمليات".