العراق

حظر تجوّل تام.. كيف يستقبل مسلمو العراق عيد الفطر؟

23 مايو 2020

رغم إعادة فتح الأسواق والمحلات خلال ساعات النهار بشكل جزئي كإجراءات وقائية للحد من انتشار فيروس كورونا في البلاد، إلا أن وداد علاوي (46 عاماً) لم تستعد لحلول عيد الفطر.

"وباء كورونا غيرّ الطريقة التي أفكر بها تجاه كل شيء" تقول لـ"ارفع صوتك".

وفضّلت وداد ألا تشتري لنفسها وأطفالها الثلاثة كسوة العيد، كما اعتادت كل عام، واكتفت بصنع كعك "الكليجة".

تقول "لا يمكنني القيام بغير ذلك الآن، لأننا لا نشعر بقيمة العيد، فلا زيارات عائلية ولا تجمعات أو سفرات ترفيهية".

ومنذ بداية انتشار جائحة كوفيد-19 في الأراضي العراقية، تلتزم وداد بعدم الانخراط في أي تجمّع أو زحام، خشية انتقال العدوى.

وتشير إلى أن ما يقلقها هو احتمال عدم القضاء على كورونا، تقول وداد " سيكون سيئاً لحياتنا القادمة، لأننا الآن نحاول إقناع أنفسنا وأطفالنا بأن الحياة ستعود طبيعية مجدداً، وسنعوّض كل ما حرموا منه في عيد الأضحى". 

وكانت خلية أزمة كورونا أعلنت عن فرض حظر تجوّل شامل في عموم البلاد لمدة أسبوع، يشمل عطلة عيد الفطر، للحد من انتشار العدوى الوبائية.

وقالت في بيانها إن أيام عطلة عيد الفطر، ستبدأ من الأحد إلى الخميس مع "فرض حظر التجوال الشامل".

ويصبح بذلك الأسبوع المقبل في العراق قيد حظر التجوال الشامل، إذ أن يومي الجمعة والسبت بحكم قرار سابق يخضعان لحظر كامل.

شراء ملابس العيد

في موقف آخر، يحرص البعض على التزامهم باستعدادات عيد الفطر رغم حظر التجوّل الشامل، وذلك لتواجد أقاربهم ومعارفهم ضمن حدود المنطقة الواحدة.

منهم منى عثمان ( 56 عاماً)، تقول لـ"ارفع صوتك": "حظر التجوّل الشامل لا يعيق استعدادتنا لعيد الفطر، وسنقوم به مثل كل عام، لأننا نعيش معاً في نفس المنطقة".

وتسكن منى مع أفراد عائلتها في منطقة العامرية ببغداد، ويلتقون بمعارفهم وأقاربهم عبر تجمعات ومناسبات رغم الحظر وإجراءات التباعد.

وخلال الأسبوع الماضي، ذهبت منى مع زوجة إلى السوق لشراء كسوة العيد لأفراد عائلتهما.

وتضيف أن " الخوف من تفشي الوباء ليس عذرا لعدم الاستعداد للعيد، كما أن الاستعداد له أو تركه لن يمنع الوباء من الانتشار".

"سنعيش أجواء العيد في منازلنا ولن نلتقي بغير معارفنا وأقاربنا الذين نجتمع معهم منذ سنوات طويلة"، تقول منى.

وتشير إلى أنها تحرص عند التسوق في الحفاظ على مسافة أمان بينها وبين الغرباء، واستخدام الكمامة والمواد المعقمة كثيراً. 

أزمة اقتصادية

في ذات السياق، يقول سلام حميد (49 عاماً)  إن "الاستعداد للعيد يحتاج المال للتسوق وشراء حاجيات للأسرة".

"لكنني لم أستلم راتبي لغاية الآن، إذن لا عيد لدي" يتابع سلام، موضحاً  "لا يمكنني التفكير بالعيد وأنا قلق على راتبي الذي قد لا أستلمه أبداً بسبب أزمة فيروس كورونا الاقتصادية".

ويضيف سلام الذي يعمل موظفاً حكومياً "معظمنا الآن يعيش حالة غير مريحة لأن القادم أشبه بالمجهول، ومن الصعب تخمين شكل حياتنا لاحقاً، لذا فإن الاستعداد للعيد يجعلك تشعر أنك بمعزل عما يحدث". 

وتوقعت لجنة الصحة النيابية، إعادة فرض الحظر الشامل بعد العيد، فيما حذرت من اﻧﻬﻴﺎر المنظومة اﻟﺼﺤﻴﺔ، ﺧﺼﻮﺻﺎ في بغداد ﻓﻲ ﺣﺎل ﻋﺪم اﻟﺘﺰام المواطنين ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻤﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ وازدﻳﺎد ﺣﺎﻻت اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻔيروس.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.