"صرت بائعاً متجولاً".. كيف يعيش البغداديون في الحجر المناطقي؟
عادة ما يمارس حسن فترة عمله في بيع السمك داخل محله الذي يقع في سوق شعبي ببغداد.
لكن منذ أن اغلقت منطقة سكناه بـ"الصبات الكونكريتية" كإجراءات وقاية من تفشي مرض كوفيد - 19 المستجد، بدأ بعرض السمك وبيعه متجولاً بين الأزقة.
يقول حسن (48 عاما)، لـ"ارفع صوتك" إنه "لم يعد يتمكن من الوصول لعمله لبعده عن مكان سكنه بسبب إجراءات الوقاية من الوباء والإغلاق المناطقي المفروض".
ورغم أن فكرة بيع السمك عبر التوصيل السريع للمنازل ساعدته كثيرا، إلاّ أنه بات مضطراً للتجوال في أزقة منطقته وشوارعها، على غرار كثير من أصحاب المحال الذين تحولوا لباعة جوالين.
ويضيف "أشعر بالقلق، لأن عملي صار متعباً. كما أن نمط حياتي اليومية تغير كثيراً".
وكانت وزارة الصحة العراقية بدأت بتنفيذ الحظر المناطقي التام، يوم الأربعاء 20 مايو، لمدة أسبوعين ولبعض المناطق المشمولة، كمدينة الصدر والحبيبية والكمالية والشعلة والحرية والعامرية
وقال وزير الصحة العراقي، حسن التميمي، إن "الإجراءات ذاتها ستتخذ في باقي مناطق بغداد والمحافظات في حال تأشير زيادة في أعداد الإصابات فيها".
رجال الأمن
مروان حارث (36 عاماً) الذي يدير محلا لبيع المواد الغذائية يقول لـ"ارفع صوتك" إنه "لم يعد يتمكن من افتتاح مؤخراً بسبب تجوال رجال الأمن المستمر على المحلات لإغلاقها".
ويلجأ أصحاب المحال التجارية الآن إلى "تمويه الأجهزة الأمنية" عبر إطفاء الأضواء والإبقاء على مساحة مغلقة من باب المحل حتى لا يلفت انتباه رجال الأمن دخول الزبائن أو خروجهم من المحل.
ويضيف: "لا يمكنني الالتزام بإغلاق محلي، رغم أن اقبال الزبائن أقل بكثير عن السابق، لأن الحظر أجبر الناس على التسوق من المحلات والمتاجر القريبة من منازلهم لمواكبة تغير الأوضاع".
أبناء الجيران
ويقول سالم جليل (29) لـ"ارفع صوتك"، إن "الحظر المناطقي جاء عند سكنة بعض هذه المناطق بمثابة فرصة للتزاور بين الجيران والمعارف، وكذلك لأداء فروض الصلاة داخل المساجد".
ويضيف "عزل منطقتنا ومنع سكانها من الخروج أو دخول أحدهم إليها فرصة لقضاء الوقت بالجلوس مع أبناء الجيران، لأن البقاء في البيت لا يطاق".
ويتابع سالم "رغم أن الشوارع الرئيسة خالية من حركة السيارات بسبب الحظر، إلاّ أن الأزقة والفروع الداخلية لهذه المناطق خلاف ذلك، حيث تكتظ الأزقة البعيدة عن الشوارع الرئيسة بالتجمعات".
ويشير إلى أن الحظر المناطقي من الاجراءات المبالغ فيها " خاصة أن الناس تؤمن بشدة بأن كل ما تقدم عليه الحكومة الآن هو لصالحها وليس لصالح الشعب".
مهام المنزل
وتشكل أجواء الحظر المناطقي التام ضغطا نفسيا على وداد هادي (43 عاماً)، وتقول لـ"ارفع صوتك"، إنها الآن تواجه تحديات جديدة أهمها عدم قدرتها على إنجاز مهام منزلها من تنظيف وطبخ وغيره كما كانت قبل تفشي الوباء.
وتضيف "هذه الفترة ليست استثنائية بالنسبة لنا لأن أوقات طويلة من حياتنا في البلاد كانت خطرة كنا نخشى فيها الخروج من المنزل، ولكن المشكلة الآن في عدم قدرتنا على التأقلم نفسياً داخل منازلنا مع هذا الوضع".
حماية الناس
وبغض النظر عما إذا كان الحظر المناطقي وقائياً أم لا، فإن الآء نعيم (27 عاماً) تعتقد بأن وقته سيطول كما غيره من الحلول والقرارات الت تصفها بـ"الترقيعية" وهو الأمر الذي تلجأ إليه الحكومة دوماً للتخلص من مسؤوليتها.
تقول آلاء "تبدأ الجهات الحكومية بطرح حل وقتي حتى يصبح دائمي بعد وقت".
الآء من بين آلاف خريجي الجامعات العاطلين عن العمل بالبلاد، تقول لـ "ارفع صوتك" إن "واحدة من خطط الحكومة عام 2014 كانت إيقاف التعيين في القطاع العام لحل أزمة التقشف الاقتصادي، أملاً في انتهاء من هذه الخطة عام 2018، ولكن هذا لم يحدث بل ازدادت الأمور سوءا".
وتشير إلى أن هذا ما يحدث الآن "يتم فرض الحظر على بعض المناطق لمدة أسبوعين ثم تزداد المدة وذلك لسبب واحد يتعلق بعدم قدرة الحكومة على حماية الناس من مخاطر فيروس كورونا بل ومن كل شيء".
وكانت وزارة الصحة، أعلنت الثلاثاء، عن تسجيل 216 حالة اصابة بفيروس كورونا في عموم العراق بينها 163 اصابة في العاصمة بغداد فقط، ليرتفع عدد الإصابات منذ بدء تفشي المرض في البلاد إلى 5135 إصابة.