العراق

طبيبة من بغداد: امتلأت مستشفيات العزل ووفيات شابة بفيروس كورونا

رحمة حجة
28 مايو 2020

سجّلت وزارة الصحة العراقية، اليوم الخميس، ارتفاعاً في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، بواقع 322 إصابة جديدة، ضمن أكثر من خمسة آلاف فحص أجري في مختبراتها العشرين الموزعة في أرجاء البلاد.

ومنذ انتشار تصريح منسوب لمحافظ بغداد محمد جابر العطا، أمس الأربعاء، عادت الجائحة لتصّدر الحديث في صفحات عراقية، على الرغم من أن التصريح لم يكن دقيقاً.

 

وداخل مجموعات مغلقة على فيسبوك، يعرض العديد من الأطباء مشاهداتهم اليومية في علاج المرضى داخل مستشفيات العاصمة.

"ارفع صوتك" أجرى مقابلة مع الطبيبة آية (26 عاماً) من بغداد، وروت تجربتها في علاج مرضى كوفيد-19 ، منذ بدئها العمل بنظام 24 ساعة كاملة (Call) كل أربعة أيام، بتاريخ 30 يناير 2020، بعد أن كانت تعمل 70 ساعة أسبوعياً في أحد مستشفيات العاصمة المخصص لعزل الحالات الموجبة.

وحدث ذلك قبل إعلان الحكومة العراقية إجراءات حظر التجوّل منعاً لتفشي العدوى الوبائية، حيث كان وصل للمستشفى مجموعة عراقيين وفدوا من مدنية ووهان الصينية، ثم تم إغلاق قسم الطوارئ والعيادات الاستشارية وتوقفت العمليات الجراحية بالكامل، لتصبح مستعدة لاستقبال الحالات الموجبة.

تقول آية "عدد الإصابات يتزاد ومن كافة الفئات العُمرية، كما امتلأت مستشفيات العزل المخصصة للحالات الموجبة (المؤكد إصابتها بفيروس كورونا المستجد) ممتلئة".

وحسب الطبيبة الشابة، فإن مستشفى الفرات والكرخ العام مخصصّان بالكامل للحالات المصابة، التي تستوجب بقاءها داخل العزل المستشفى في العزل من أجل العلاج، كما أن مستشفى ابن الخطيب في جانب الرصافة وعدة أجنحة من مجمع مدينة الطب، مخصصّة لهذه الحالات أيضاً.

"أما الآن فإن بعض المستشفيات العامة أصبحت تستقبل حالات موجبة، بعد امتلاء المستشفيات المخصصة للعزل"، تؤكد الطبيبة آية.

وخلال الأسبوعين الماضيين، حسب توضيح الطبيبة آية، حدث "تغيير في مسار الإصابات والأعراض، حيث باتت الأعراض أقوى من ذي قبل، وزاد عدد المرضى المحتاجين للإنعاش الرئوي بصورة ملحوظة جداً".

تقول لـ "ارفع صوتك": "رأينا مرضى بكوفيد-19 أصحّاء من الأمراض المزمنة وليس لديهم تاريخ سابق مع أمراض أخرى، منهم الشباب أيضاً، تتدهور حالتهم الصحية، ويُتوفى بعضهم".

"وهو عكس المتوقع بأن كبار السن هم فقط المعرضين للإصابة" تقول الطبيبة آية، التي تعزل نفسها اليوم داخل غرفتها، في الأوقات التي تقضيها داخل بيتها، لحماية بقيّة أفراد عائلتها.

والملفت أيضاً وفق الطبيبة آية أن "عدد الإصابات بين الكوادر الطبية في ارتفاع"

 

تأثير العمل على حياتها

تقول الطبيبة العشرينية لـ"ارفع صوتك": "تأثير علاج الإصابات على نفسيتنا كأطباء يكون أكبر حين نشاهد المرضى يموتون أمامنا، حيث لم تنجح أي طريقة لإنعاشهم".

كما تشهد تداعي الوضع النفسي لمرضى كوفيد-19 حين يسمعون أخباراً عن تدهور صحة الآخرين ووفاة بعضهم داخل المستشفيات.

"الخوف الوحيد لدي هو الخوف من نقل العدوى بالفيروس إلى أهلي إذا ما أُصبت".

ومنذ أربعة شهور، تقيم الطبيبة آية في غرفتها وتبتعد "بصورة كاملة عن عائلتها"، تقول "يمكن أن أكون مصدر عدوى لهم في أي لحظة، على الرغم من أخذي جميع الاحتياطات الوقائية أثناء العمل".

ما رسالتك للمواطنين؟ تقول الطبيبة "حتى أكون واقعية، لن أقول التزموا منازلكم، لأن الوضع قد يطول أكثر، والكثير من العاملين لا يستطيعون الاستغناء عن مصادر رزقهم إذا كان العمل خارج البيت وبالمياومة".

"لكن أتمنى أن تحافظوا على التباعد الاجتماعي وغسل اليدين قدر المستطاع، ومن الحكمة ارتداء كمامات الوجه والقفازات، والابتعاد عن التجمعات" تتابع الطبيبة آية.

وتختم حديثها بالقول "نواجه مرضاً ليس لدينا أي خلفية تاريخية عنه، وطريق العلاج مليء بالمفاجآت، لمختلف الكوادر الطبية حول العالم".

رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.