العراق

"معارك وأسئلة".. مغامرات أمهات وآباء في الحجر الصحي

28 مايو 2020

تحب نور عزيز (11 عاماً) الألعاب الإلكترونية ومشاهدة أفلام الكارتون، وتحرص الآن على متابعة كل شيء يتعلق بالقصص السياسية والإنسانية إضافة إلى قضايا تاريخية أخرى.

تقول أم نور لـ "ارفع صوتك": "تغيرت رغبة نور ونظرتها تجاه كل شيء بطريقة تبعث على القلق والحيرة".

كانت القصص السياسية والإنسانية والقضايا التاريخية التي تتعلق بدول العالم ككل متاحة لنور قبل ذلك، لكن مع الإغلاق وحظر التجوّل لمحاصرة جائحة كوفيد-19، بدأت تهتم بمتابعتها على نحو يثير تساؤلاتها اليومية و"الغريبة" كما تقول الأم.

تسأل نور مثلاً  "هل هذا هو شكل حياتنا؟"، وتجيبها والدتها على معظم أسئلتها، لكن الأب يدعوها عادة للتركيز في دراستها وما يتناسب مع مرحلتها العمرية بعيداً عن السياسية وغيرها. 

تقول الأم "ربما سيواجه التعليم المدرسي بعد انتهاء أزمة كورونا في بلادنا تحديات تتعلق بمهارات الأطفال وقدراتهم الذاتية في المعرفة والاطلاع".

ألعاب الإلكترونية

في منزل عائلة رائد فلاح (46 عاماً)، تفرض العزلة فكرة أن بعض الأمور التي تم منعها في السابق يسمح بها الآن، حسبما يقول.

ويضيف لـ"ارفع صوتك" إنه كان "منع أطفاله من ألعاب إلكترونية كثيرة، ولكن بعد تفشي الوباء سارع بتحميلها على الأجهزة الإلكترونية، بعد أن اختارها بعناية".

ويتابع رائد "واجبي حمايتهم من الوباء الآن، وإقناعهم بضرورة البقاء في المنزل والابتعاد عن اللعب خارجه، لذا كان لابد من مساعدتهم في قضاء أوقات غير مملة، وهذا الأمر لن يكون إلاّ بشيء يحبونه ولا يعرضهم لأي أذى".

يدرك رائد "المخاطر" كما يصفها، التي يمكن أن يتعرض لها أطفاله الذين تتراوح أعمارهم بين سبعة أعوام وعشرة أعوام، كانتهاك الخصوصية مثلاُ، يقول "فقدانهم بسبب الوباء أصعب عليّ، وأنا أشاركهم اللعب واهتماماتهم واختياراتهم". 

ساحة معارك!

في ذات السياق، تقول سعاد ياسين (49 عاماً) إن أطفالها يقضون يومهم كله في اختيار ألعاب ترتبط بممارسات عنيفة، وينتهي اللعب عادة بمعاقبتها لهم.

توضح لـ "ارفع صوتك" أن "فرض العزلة على أطفالها أثر على العلاقة بينها وبينهم، ليتحوّل المنزل الصغير إلى ساحة معارك يومية".

وأطفال سعاد جميعهم ذكور، أعمارهم بين 9 و15 عاماً،  تقول "تغيّر مزاجهم كثيراً وأصبحوا أكثر تمرداً وعناداً". 

وتشير إلى إن أطفالها لا يمارسون إلا ألعاب مصارعة يتدربون مع بعضهم على مهارات قتالية، تعتمد على قواهم البدنية، فيتحول الأمر تدريجياً من متعة لديهم إلى مشكلة كبيرة.

الضغوط الحالية

من جهتها، ترى الخبيرة في علم النفس الاجتماعي الدكتورة صبيحة الصالحي، أن "تأثير فيروس كورونا وتداعياته من حجر منزلي وغير ذلك من تباعد اجتماعي يمكن أن يفسر سبب تمرد الأطفال وعنادهم لعدم قدرتهم على استيعاب ما يحدث".

وتضيف "عندما تكون هناك تغيرات في سلوكيات التعامل معهم من قبل الآباء والأمهات على شيء مثل السماح لهم بمزاولة ما كان مرفوضاً في السابق لمسايرة خطورة الوضع والسيطرة عليهم، فإنه من الصعب إقناعهم بشيء قد يُنظر إليه على أنه لا يناسبهم مستقبلا".

وتتابع الصالحي "هنا تكمن تداعيات التحول في قراراتنا تجاه أطفالنا بسبب الضغوط الحالية". 

كما ترى أن "البعض لا يزال يعارض فكرة التساهل مع أطفاله، ويتحدث أيضاً عن عدم رغبته في التعاطف معهم، لأنه بالأساس لا يقتنع بخطورة الوباء أو وجوده، ولا يسمح بالتماهي مع سلوكيات أطفاله المتنمرة عندما يتعلق الأمر بالتعايش مع هذا الوضع حتى انتهاء أزمة الوباء".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.