العراق

هذا هو داعش... حقيقة التنظيم يكشفها قرداش ج3

علي قيس
03 يونيو 2020

في أحد السجون العراقية المشددة الحراسة، يحاور الخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، القيادي في تنظيم داعش طه عبد الرحيم الغساني، المعروف باسم "حجي ناصر قرداش"، والذي اعتقله جهاز المخابرات العراقي بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية داخل سوريا.

كشف قرداش تفاصيل كثيرة عن حقيقة التنظيم، نتناولها في سياق سلسلة مقالات عن حقيقة داعش التي لم يكشف عنها لليوم.

يساهم فيها الهاشمي الذي خصّ (ارفع صوتك) بتفاصيل الحوار.

"من لا يبايع البغدادي فهـو عدونا"

من أول وأهم شروط الموالاة والانضمام إلى تنظيم داعش هو إعلان البيعة المطلقة لزعيم التنظيم "الخليفة".

بايع عبد الناصر قرداش أبو بكر البغدادي، لكنه ينفي بيعته للزعيم الحالي أبو "إبراهيم القرشي".
يقول قرداش "بيعتي كانت للبغدادي، وأنا غير ملزم ببيعة أبو إبراهيم القرشي".
ويروي عبد الناصر قرداش قصة الخلاف بين داعش والتنظيمات المتطرفة الأخرى في سوريا، بقوله:

كانت البداية هي غزو الحسكة وأجزاء من دير الزور وحلب والرقة، في عامي (2012-2013)، ثمّ غزو وتدمير نينوى عام (2014)، بعد أن تمّ تأجيل غزوة دمشق وبغداد إلى مرحلة لاحقة، وتم تكثيف الضغوط ضد أربيل وكركوك، والعمل على دعم التوحش في طرق القتل المختلفة، كما حدث مع الطيار الأردني الكساسبة التي أشرف عليها أبو محمد فرقان، وما حدث في مجزرتي سبايكر وبادوش التي أشرف عليهما أبو مسلم التركماني، ومجزرة البو نمر في هيت (غرب العراق).

قتالنا مع تمرد جبهة النصرة وانشقاق الجولاني كان دفاعا عن أنفسنا في عام 2013 وفي جميع الشرق السوري، والسبب هو خيانة أبو مارية الجبوري القحطاني مفتي وقاضي جبهة النصرة.
يتحمل أبو مارية مسؤولية الحرب الطاحنة التي دارت مع الفصائل في سوريا وخاصة محافظة دير الزور، فقد نبه لخطر التنظيم مبكراً بحجة انحراف التنظيم فكرياً ووصوله إلى مرحلة كبيرة من التطرف.

عداء القحطاني لتنظيم الدولة سبق الخلاف مع جبهة النصرة، فقد حاول القحطاني وأبو "محمد الشحيل"، أحد قياديي النصرة في دير الزور، إقناع مجلس شورى النصرة بضرورة إلقاء القبض على أبو بكر البغدادي وسجنه ووأد تنظيم الدولة، حين كان البغدادي في زيارة لريف دير الزور الشرقي، ولكن أبو محمد الجولاني أمير النصرة رفض الأمر.

ومع بدء القتال بين الطرفين حرّض القحطاني العشائر والفصائل الإسلامية، على قتال التنظيم ولاقت دعواه القبول وقام بدعم الفصائل والعشائر بالمال والسلاح، لكن الأمر حسم لصالح "تنظيم داعش" بعد سبعة أشهر، بسبب سقوط الموصل بيد التنظيم وحصاره لمحافظة دير الزور.

تلك الحرب التي أوقد نارها أبو مارية القحطاني وأبو محمد الجولاني انتهت بمقتل نحو 1200 من طرفي القتال.

بعد ذلك أثّر أبو محمد فرقان وأبو همام الأثري على البغدادي واخذ قراره بإعدام 5 من قيادات التيار المتشدد ممن يرى "تكفير العاذر بالجهل"، وكان من أبرز هؤلاء المعدومين، القاضي الشرعي التونسي "أبو جعفر الحطاب".

قام تنظيم الدولة باعتقال الحطاب وعدد من الشرعيين التوانسة، وأعدم شرعييه، "أبو عمر الكويتي"، بسبب تكفيره للبغدادي.

جرائم ومجازر

أمّا مجزرة سنجار فقد اخذ القرار بها البغدادي شخصيا و4 من قادة الهيئات الشرعية (أبو محمد التونسي، أبو المنذر المصري، أبو هاجر الجزراوي، أبو صالح الجزراوي)، وقام بتنفيذها أبو مسلم التركماني.

وكذلك مسألة سبي النساء والأطفال كانت بقرار اتخذ في تلك الجلسة قبل المجزرة بأيام ولم أكن موجودا ولم أشارك فيها، وقد نقل عدد كبير من النساء والأطفال إلى مناطق الحسكة والرقة ودير الزور، وكنت اسأل أحد الشرعيين الذين أفتوا مع البغدادي عن ذلك، ويقول "مجرد هوى نفس".

وأكثر شيء أصابني بالإحباط ودفعني للتفكير بالانسحاب من بيعة البغدادي، حينما قرر "أبو أنس السامرائي" والي الفرات، بنقل 230-250 شخص من مناطق القائم والرمانة إلى ألبوكمال، وهم من التائبين ممن عملوا سابقا في الجيش والشرطة والصحوات، ثم قام بتصفيتهم جميعا في منطقة الباغوز، هذا غدر بعد الأمان والعهد، ولا زال أكثر شيء أتذكره بألم.

علي قيس

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.