العراق

هذا هو داعش .. حقيقة التنظيم يكشفها قرداش ج4

علي قيس
04 يونيو 2020

في أحد السجون العراقية المشددة الحراسة، يحاور الخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، القيادي في تنظيم داعش طه عبد الرحيم الغساني، المعروف باسم "حجي ناصر قرداش"، والذي اعتقله جهاز المخابرات العراقي بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية داخل سوريا.

كشف قرداش تفاصيل كثيرة عن حقيقة التنظيم، نتناولها في سياق سلسلة مقالات عن حقيقة داعش التي لم يكشف عنها لليوم.

يساهم فيها الهاشمي الذي خصّ (ارفع صوتك) بتفاصيل الحوار.

اقتصاد تنظيم الدولة (2014-2017)

إضافة إلى البنية التحتية التي كان يمتلكها تنظيم داعش من آليات وأسلحة وعتاد ومواد متفجرة وغيرها، فإنه كان يمتلك بنية بشرية (مقاتلين وإداريين وقياديين وقضاة ومفتين) يتقاضون مرتبات شهرية ومكافئات وتعويضات.

ووفق حجم البنيتين المذكورتين أعلاه، يحتاج التنظيم إلى مصادر تمويل ضخمة لتغطية مصاريف تلك البنى.

وعن هذا الموضوع يوضح قرداش تفاصيل البناء الاقتصادي لداعش بقوله:

لم نكن بحاجة لزراعة الحشيشة أو الكوكائين أو القنب الهندي، كانت لدينا وفرة مالية وبشكل فاحش، وقد حاولنا نقل الآثار إلى أوروبا لبيعها غير أنّنا فشلنا في 4 محاولات كبيرة، خاصة آثار سورية فهي مسجلة ضمن التراث العالمي ومعروفة، فذهبنا إلى خيار تدميرها ومعاقبة من يتاجر بها.

(أبو همام الأثري) واسمه تركي البنعلي، قاضي تنظيم الدولة، قتل في مدينة الرقة غرب سوريا في 28 مايو 2017، أفتى بجواز بيع وتهريب النفط للعدو في هدنة محددة بوقت البيع والشراء.
وهذه الفتوى وسعت على التنظيم اقتصاده ودرت عليه مبالغ مالية تجاوزت 400 مليون دولار فقط من تهريب نفط غرب العراق وشرق سورية.

إدارة النفط كانت بيد حجي حامد "سامي الجبوري" وهو حاليا رئيس اللجنة المفوضة لتنظيم داعش بعد بيعة أبو إبراهيم القرشي، وهو على معرفة في نقل وتهريب النفط وله علاقات واسعة مع كل الأعداء المحليين والإقليمين، وأيضا هو محل ثقة عند البغدادي.

"اقترح أبو محمد فرقان"، وهو أقرب شخص للبغدادي ومسؤول ديوان الإعلام المركزي، (قتل عام 2016) صك العملة الذهبية للدينار والفضية للدرهم، حيث كان وزن الدينار الذهبي الواحد 4،25 غراما وفقا للوزن النبوي، وقد صكت الدولة العملة مرة واحدة وفي مدينة الرقة ما يقارب 2 طن من عيار 21 مثقال، وكان المقصود التمايز.

بيت المال تدخل إليه الأموال واللجنة المفوضة تقسم الأموال على الولايات بشكل شهري، وقد بلغت موازنتي لولاية البركة في عام 2015 قرابة 200 مليون دولار.

وتقسم الموازنة إلى تشغيلية، تتضمن كفالة للجنود والقادة وعوائلهم، وأخرى لمشتريات السلاح والعتاد وإدارة الغزوات والمعارك وتطوير السلاح.

يعتبر المال أكبر العوامل في تشجيع الشباب على التطوع في مناطق الحدود العراقية-السورية.

ساعد في ذلك سوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية نتيجة لتسلط النظم الحاكمة، وغياب العدالة الاجتماعية، فضلا عن ضلوع معظم قيادات الحكومة هناك في ممارسات فاسدة، واتجاهها صوب إقصاء الشريعة والثقافة الإسلامية من الحياة العامة، واستيراد النظم والقيم الغربية، دونما اكتراث بالخصوصيات الثقافية والمجتمعية.

لا يمكن فهم صعود تنظيم الدولة بعيدا عـن الإحباط الذي أصاب الشباب، نتيجة للواقع الاقتصادي والاجتماعي المعقد، خاصة ظروف الفقر، والبطالة.

حظي المتطوعون بدعم مادي واجتماعي قوي من جانب ولاة ورجال الحسبة في تنظيم الدولة، خاصة في شرق سورية.

والذي أعرفه في شرق سورية وجود أربعة مصادر على الأقل لتمويل التنظيم، هي:

عوائد تهريب النفط، وتهريب السلاح والسلع، واختطاف الإعلاميين والصحفيين والبعثات الإنسانية والحقوقية والاغاثية والمسئولين المحليين للمساومة من أجل الحصول على فدية لإطلاق سراحهم أو بيع جثث الموتى والمقتولين منهم "بيعة جثة الكافر"، عادين ذلك بمنزلة "الغنيمة".

بالإضـافة إلى غنائم الغزوات والضرائب على الفلاحين والمزارعين والتجار.
 

علي قيس

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.