العراق

إزالة الألغام بالمناطق المحررة أكثر تعقيدا بسبب كورونا

05 يونيو 2020

أكدت المديرية العامة لدائرة شؤون الألغام توقف جميع أنشطتها الرامية لإزالة الألغام والأجسام غير المنفلقة من المناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش بسبب تفشي فايروس كورونا.

يشير مدير عام الدائرة خالد رشاد إلى صدور أوامر لدائرته وجميع المنظمات المدنية الساندة بالتوقف عن مسح المناطق في المحافظات المحررة حتى انتهاء جائحة كورونا.

ويضيف في حديث لموقع (ارفع صوتك) أن "العمل كان يمضي قدما لا سيما في مناطق عودة النازحين قبل تأثر العراق بالوباء، وتم تنظيف ملايين الأمتار المربعة في نينوى والأنبار وصلاح الدين، بالإضافة إلى ديالى وكركوك من الألغام المرتجلة".

والألغام المرتجلة هي نوع خاص غير منتج في دول معروفة بل قام تنظيم داعش بصناعتها وتتصف بتركيبتها المعقدة والتي تجعل من مهمة تفكيكها صعبه.

ويوضح رشاد "أشكالها لا توحي بأنها أجسام منفلقة، والأخطر أن التنظيم قام بزراعتها في البيوت والمدارس والأبنية الخدمية من ماء وكهرباء وغيرها"، لافتا إلى أن محافظتي نينوى والأنبار لهما النصيب الأكبر من جهود مديريته والمنظمات المدنية بسبب كثرة الألغام فيهما.

الإرشاد فقط

وبالتزامن مع عملها الميداني في إزالة الألغام تقدم العديد من المنظمات المدنية إرشادات للسكان في المناطق الملوثة بالألغام عن أشكالها، لتحذيرهم من تجنب العبث مع الأجسام الغريبة.

وتشير عضو "منظمة بغداد لإزالة الألغام" سرى طلال إلى أن المنظمة أتمت مسح ما يقرب من (350.000 كم مربع) في صحراء النجف والأنبار وصلاح الدين وكركوك بواسطة فرقها المنتشرة في تلك المناطق.

وتوضح لموقع (ارفع صوتك) أن عملهم ساهم بإعادة العديد من النازحين إلى قراهم لا سيما في محافظة صلاح الدين.

وتقول "قبل جائحة كورونا استطاعت فرق المنظمة من تأمين قريتي الشيخ علي ومحمد الموسى من الألغام التي كانت منتشرة بشكل كبير في تلك المساحة من المحافظة"، مؤكدة أنه وبسبب تفشي فايروس كورونا "توقفت جهود المنظمة ليقتصر عملها على حملات توعية على نطاق ضيق".

مهمة صعبة ومعقدة

وتصف الأمم المتحدة عمليات إزالة الألغام في العراق بأنها "الأصعب من بين الدول التي تعاني من وجود هذه الأجسام".

فالتقديرات تشير إلى وجود ما يقرب من 25 مليون لغم في مناطق واسعة من البلد، وتحتاج إلى ما يقرب من 8 سنوات ومبالغ ضخمة مخصصة لذلك.

ويضاف إلى ذلك المشهد المعقد لهذا الملف، فالجهود الدولية والمحلية كانت منصبة قبل عام 2014، على المحافظات العراقية المحاذية للشريط الحدودي مع إيران، والذي يمتد لأكثر من 1400 كم، حيث توجد ملايين الالغام والمقذوفات غير المنفلقة من مخلفات حرب 8 سنوات بين البلدين.

ولا تزال تلك الأجسام المتفجرة تفتك بالمئات من المواطنين سنويا.

وأصبح المشهد أكثر تعقيدا بعد سيطرة تنظيم داعش على محافظات في شمال وغرب البلاد، بعد زرعه لملايين الألغام بصورة عشوائية في المناطق التي سيطر عليها، لإعاقة تقدم القوات الاأمنية أثناء عمليات التحرير، لتصبح هذه الأجسام لاحقا إحدى أهم التحديات التي تواجه عودة النازحين إلى ديارهم.
 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.