العراق

هذا هو داعش.. حقيقة التنظيم يكشفها قرداش ج6

علي قيس
08 يونيو 2020

في أحد السجون العراقية المشددة الحراسة، يحاور الخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، القيادي في تنظيم داعش طه عبد الرحيم الغساني، المعروف باسم "حجي ناصر قرداش"، والذي اعتقله جهاز المخابرات العراقي بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية داخل سوريا.

كشف قرداش تفاصيل كثيرة عن حقيقة التنظيم، نتناولها في سياق سلسلة مقالات عن حقيقة داعش التي لم يكشف عنها لليوم.

يساهم فيها الهاشمي الذي خصّ (ارفع صوتك) بتفاصيل الحوار.

الهيكل التنظيمي لتنظيم داعش بعد عام 2014:

رغم خسارة تنظيم داعش لكافة أراضيه التي خضعت لسيطرته في العراق ومعظم مناطق سيطرته في سوريا، لكنه ما زال يرفض الاعتراف بالهزيمة.

وفي هذا الجانب يروي قرداش:

منهجية البغدادي وعقيدته تفرض علينا ألا نحزن على خسارة أرض التمكين.

لم نقم بأي مراجعات منهجية أو فكرية إلا هزيمة كوباني وسنجار عام 2015، وقد طالبت البغدادي بضرورة إجراء مراجعات بعد هزيمتنا في العراق عام 2017، فرفض ذلك وقد ظهر عليه الغضب.

أما أبو إبراهيم القرشي الهاشمي، ومن المحتمل أن يكون هو نفسه أبو سعد الشمالي الشامي فائز عكال النعيمي القريشي، فهو آخر القيادات الأقرب إلى البغدادي، ولديه أسرار الأموال وبيده ملف المتطوعين والعلاقات الخارجية والهجرة والتنسيق والتواصل مع الولايات البعيدة.

ولديه صلات ممتازة مع الجزراويين (الجزائريون) والتوانسة (التونسيون) والمصريين والليبين وصلة نسب مع العراقيين.

كل ذلك لا يمنع من احتمال تولي منصب الخليفة أيضا حجي عبد الله أمير المولى، والمولى أقل رتبة في الإدارة والمالية والقيادة العسكرية، ولكنه يمتلك علما شرعيا ولديه صلات داخلية قوية مع مجلس الشورى واللجنة المفوضة.

وفي كثير من الأحيان، لم يكن يمتلك التنظيم هيكلا قياديا واضحا -باستثناء القيادة العليا - ولا يملك عقد ومفاصل عمل مركزي عدا المالية والإعلام، وإنما يجمع بينها أكثر هو بيعة أبو بكر البغدادي والتسجيل في ديوان الجند، ويتسم الهيكل التنظيمي بـ"اللامركزية".

والأقرب إلى البغدادي هو القائد الفعلي لتنظيم الدولة، وكنا نعاني من استحواذ المقربين على قرار البغدادي.

ففي المرحلة الأولى كان كل ما يقوله حجي بكر وأبو مسلم التركماني يتبناه البغدادي منهجا.

ثم في مرحلة أخرى أصبح كل ما يقوله ويقرره أبو همام الأثري وأبو محمد فرقان وأبو محمد العدناني يتبناه البغدادي منهجا ويفرضه على الجميع.

وفي المرحلة الثالثة كل ما يقرره ويتبناه أبو سعد الشمالي وأبو يحيى أياد الجميلي العراقي، يتبناه البغدادي ويفرضه.

وفي المرحلة الرابعة قبل مقتله أصبح كل ما يقرره ويتبناه أبو سعد الشمالي وحجي عبد الله قرداش يفرضه البغدادي على الجميع.

وكان الهيكل التنظيمي على النحو الآتي:

- "الخليفة": عادة ما يتولى رسم السياسات العامة مع المقربين منه وهم أشخاص من ذوي المكانة عقائدية ولديهم تاريخ جهادي، أو ممن هم محسوبون تاريخيا على جيل الزرقاوي، ويتم منحهم كافـة الصلاحيات المتعلقة بالأعلام وتوزيع المال وديوان الجند والغزوات، وتحديد العدو، كما يعطى لهؤلاء أسماء حركية يعرفون بها تنظيميا.

- "اللجنة المفوضة": وهي المسؤولة عن الإدارة والقيادة التنفيذية لكل مفاصل الهيكل التنظيمي في العراق وسورية.

وكانت في بداية الأمر واحدة في العراق وأخرى في سورية، ولكنها توحدت بعد عام 2017.

- "ديوان الجند": لكل ولاية قوات خاصة تابعة لها، تتولي تنفيذ عملياتها العسكرية تحت قيادة قائد عسكري للولاية.

وغالبا ما تكون هذه القوات في شكل كتائب عسكرية وأمنية مدربة على تنفيذ تكتيكات حروب العصابات، والمشاركة في العمليات القتالية المباشرة، وزرع العبوات الناسفة، وتنفيذ العمليات الانتحارية والانغماسية، لكن أعداد هذه القوات وعتادها لا يزال أمرا سريا في أغلب الحالات، نظرا لتوخي الأمن، وكثرة الانشقاقات الداخلية في القيادات الميدانية.

- "ديوان الأمن العام": ومن مهامه إقامة المقرات السرية للتدريب ومخابئ المال والسلاح، وتحضير المقرات التي تتم فيهـا الاجتماعات والتخطيط للعمليات، مـع اللجوء إلى إقامة معسكرات تدريبية متنقلة ومؤقتة توخيا للأمن.

وهي أيضا تتابع البريد الخاص ونقل الانتحاريين ومشتريات السلاح وتجنيد الأنصار في مواقع التواصل الاجتماعي.

- "ديوان المال والركاز والزكاة": يصّر أبو سياف التونسي ومن بعده حجي حامد الجبوري علي إخفاء مصادر تمويل التنظيم، أو تأكيد الاعتماد على دول ومنظمات مخابراتية في التمويل، وكذلك نفي اعتماد أي تبرعات أو صدقات من المتعاطفين والحلفاء، أو المشاركة في أنشطة تجارية واستثمارية معينة.

ويفسر ذلك برغبة هذا التنظيم في عدم الإفصاح عن حلفائه من المستثمرين في داخل العراق وسورية وخارجهما، حرصا على أمنهم الشخصي، وعدم الكشف عن الشبكة الخارجية خوفا من الاتهام بالعمل لحساب جهات خارجية.

ولكن الذي أعرفه في شرق سورية وجود أربعة مصادر على الأقل لتمويل التنظيم، هي: عوائد تهريب النفط، وتهريب السلاح والسلع، واختطاف الإعلاميين والصحفيين والبعثات الإنسانية والحقوقية والاغاثية والمسئولين المحليين، للمساومة من أجل الحصول على فدية لإطلاق سراحهم او بيع جثث الموتى والمقتولين منهم "بيعة جثة الكافر"، عادين ذلك بمنزلة "الغنيمة".

بالإضافة إلى غنائم الغزوات والضرائب على الفلاحين والمزارعين والتجار.

- "التصنيع والتطوير العسكري": لدينا العشرات من الورش والمصانع الخاصة بالتصنيع والتطوير وصناعة المفخخات المدرعة وغير المدرعة وصناعة الكواتم.

ومختبرات صناعة الأسلحة البيولوجية والسمية، وتطوير الطائرات من دون طيار وتحسين مديات القناص.

علي قيس

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.