العراق

راتب تقاعد جدتي

10 يونيو 2020

تنتظر جدتي راتبها التقاعدي، وتحسب الأيام والساعات للذهاب إلى مكتب صيرفة في منطقة البياع لاستلامه من صراف المكتب الآلي.

لدى جدتي (80 عاما) التزامات مالية عليها سدادها.

لديها شقة في منطقة الإسكندرية (جنوبي بغداد)، وهي كل ما خرجت به من نتاج عمل حياتها وحياة جدي الذي توفى في ثمانينيات القرن الماضي.

لكن لديها في نفس الوقت عدد من الأدوية التي يتوجب شراؤها جراء الأمراض المزمنة التي تعاني منها بسبب التقدم بالسن، وأيضا لحاجة عمي الذي يعيش معها في نفس الشقة مع زوجته لبعض العلاجات.

يعاني عمي من مرض يجعله يفقد التركيز ويميل إلى الغضب معظم وقته.

بدأ معه هذا المرض خلال العشر سنوات الأخيرة. وبحسب الأطباء، فإن سبب المرض هو "التعذيب الجسدي والنفسي الذي تعرض له عندما كان أسيرا في إيران".

وقع عمي الذي كان جنديا مكلفا تحت أسر الإيرانيين في معركة "نهر جاسم" عام 1987، وأتذكر حينها كنت أنا وأخي الأكبر ننتظر عودته من الجبهة في إجازته الدورية، لنذهب معا إلى سينما أطلس في شارع السعدون، كما وعدنا.

يقول لي عمي فاقد التركيز، "لا تتحدث عن حالتي في الإعلام، حكومتنا تحب إيران، وإذا علمت بموضوع أسري في إيران قد تعاقبني".

ما زال عمي يخاف إيران، رغم أنها أصبحت محركا رئيسيا لإدارة العراق.

نعود إلى جدتي التي تنتظر منذ أسبوعين راتبها التقاعدي الذي تأخر كثيرا.

تفاجأت جدتي كثيرا صباح اليوم عندما علمت بقرار الحكومة الجديد الذي "يستقطع 10% من مرتبات المتقاعدين".

تقول جدتي، "الحكومة تركض خلف رواتبنا البسيطة وتترك الفاسدين يتنعمون بما سرقوه من خيرات البلد".

يبدو أن لدى جدتي البسيطة خبرة اقتصادية أفضل من مستشاري رئيس الحكومة الذين أشاروا عليه بفكرة استقطاع نسبة من رواتب المتقاعدين ولم تخطر على بالهم استرداد الأموال المسروقة أو حتى التفكير بحلول بديلة، بدل منافسة المسنين على مرتباتهم القليلة.

أو ربما لدى جدتي الجرأة بالحديث عن الفاسدين على عكس مستشاري الرئيس.

تعيد جدتي الثمانينية حساباتها مجددا بشأن مصاريف الشهر، وكيف ستتمكن من سدداها بعد أن قل مرتبها 60 ألف دينار (ما يعادل 50 دولار)، كون راتبها الشهري كان 600 ألف دينار (500 دولار)، ولا خيار لديها غير الاكتفاء بـ"الدعاء على الحكومة ومستشاريها"، على حد قولها.

-المفروض الكاظمي يطلع ويگول الاستقطاعات بالرواتب اجت نتيجة سرقة ١٧ سنة لكل الاحزاب والكتل . بس ميدبرها لان لا عنده...

Posted by Sattar Awad on Wednesday, June 10, 2020

مواقع التواصل

وللأمانة الصحفية، فإن حالة جدتي أفضل بكثير من آلاف الحالات لمتقاعدين يعيشون معاناة مادية وصحية، وينتظرون مرتباتهم البسيطة التي لم تنجُ من قرارات الحكومة غير المدروسة.

ولاقى هذا القرار امتعاضا كبيرا من قبل المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي.

قبل شوية فتت من يم مكتب ابو الكي كارد شفت العالم ادك وتلطم والله هذا الكاصين منه ٢٠٠ وهذا ٣٠٠ والصياح والهوسه كابه...

Posted by ‎عبد القادر النائب‎ on Wednesday, June 10, 2020

بداية غير موفقة يا أخي ⁦‪@MAKadhimi‬⁩ لا يمكن أن يثق الفقراء بحكومة تبرر قطع ارزاقهم، وعندما لا تحاسب من جعل الميزانية...

Posted by Hisham Alhashimi on Wednesday, June 10, 2020

وانتقد غالبية المدونين فريق المستشارين المحيط برئيس الحكومة، والذي "كان محيطا بالرؤساء السابقين ولم يقدم أي حلول للأزمات الاقتصادية للعراق على مدى أكثر من عقد"، بحسب تعبيرهم.

‏⁦‪@MAKadhimi‬⁩ العدالة الاجتماعية في عقيدة المصلح، تسمَحُ بزيادة الضرائب دون أنْ تنعكِسَ على حياة الأكثر فقراً والأضنى...

Posted by Hisham Alhashimi on Wednesday, June 10, 2020

 

بدل ان تدخل في ازمة قانونية وتستقطع من الرواتب او تفرض ضرائب بدون سند، اذهب الى الزيادات والمخصصات التي تصرف بناء على قرارات صدرت من مجلس الوزراء او بتعليمات المالية وهي كثيرة جدااا

Posted by ‎ساطع راجي‎ on Wednesday, June 10, 2020

الحماية القانونية لرواتب المتقاعدين

يذكر الخبير القانوني علي جابر التميمي أن الدستور العراقي تحدث عن "الحقوق والحريات والتزامات الدولة في المواد من (٢٢ إلى ٣٦)، التي توجب حماية الشيخوخة والعيش الكريم في كافة المجالات".

ويشير في تصريح لموقع (ارفع صوتك)، إلى أن قانون التقاعد الموحد رقم (٩ لسنة ٢٠١٤) تحدث بإسهاب عن التوقيفات التقاعدية وهي نسب الاستقطاع من راتب الموظف طيلة عمله في الوظيفة فتحتسب له راتبا تقاعدي فيما، بعد فهي أشبه بالتوفير على المدى البعيد.

وفي نفس القانون، يوجد "صندوق التقاعد" وهو له شخصية معنوية مستقلة وذمة مالية مستقله حالها حال الأفراد الطبيعيين يعمل من يديره على توفير الرواتب التقاعدية من الاستقطاعات التقاعدية ومساهمة الدولة، وأيضا جزء من وارداته تأتي على شكل هبات ومن الموازنة العامة، كما أوضحت المواد (٧ و٨ و٩) من هذا القانون.

ولا يمكن لأي جهة سحب الأموال من هذه الصندوق لأنه مخصص للمتقاعدين بعيدا عن أي جهة أخرى، ويخضع لرقابة ديوان الرقابة المالية.

وتعتبر هذه رواتب المتقاعدين "مقدسة ومحمية قانونا ودستوريا"، كما يصف الخبير القانوني، مضيفا أنها "تحتاج إلى حلول مستعجلة في عدم تأخير صرفها لأن من ينتظر استلامها قد لديه التزامات خصوصا إذا ما علمنا صعوبة الحياة وغلاء المعيشة".
 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.