العراق

ناشط: عفرين شبه خالية من الأيزيديين ومن تبقى يُجبر على الإسلام

دلشاد حسين
10 يونيو 2020

اضطر المئات من الأيزيديين خلال العامين الماضيين وحتى الآن إلى الهروب من مدينة عفرين شمال شرق سوريا واللجوء إلى كردستان العراق، إثر عمليات النهب والسرقة والانتهاكات التي تنفذها الفصائل السورية المسلحة التابعة لتركيا ضد الأقليات في المدينة.

وتشير إحصائيات المنظمات الإنسانية المحلية والدولية العاملة في شمال شرق سوريا إلى أن العمليات العسكرية التي بدأتها تلك الفصائل منذ ٢٠ يناير ٢٠١٨، أسفرت عن نزوح أكثر من ٣٠٠ ألف كردي غالبيتهم من النساء والأطفال من المدينة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في منطقة الشهباء شمال حلب، حيث يتوزعون على أربعة مخيمات فضلا عن توجه أعداد منهم نحو المدن الأخرى، فيما لجأ قسم آخر منهم خصوصاً الأيزيديين إلى كردستان.

قصّة أحمد

أحمد كمان شاب أيزيدي كان يعمل خياطا في محل لخياطة الألبسة النسائية في عفرين، قبل أن تسيطر عليها الفصائل المسلحة، لكن بعد تعرض منزله للقصف بقذائف الهاون، اضطر  إلى الهرب مع عائلته من المدينة وعاش نحو ستة أشهر في الشهباء، ثم قررت العائلة في يوليو ٢٠١٨ اللجوء إلى كردستان، والاستقرار في دهوك بشكل مؤقت لحين الهجرة إلى أستراليا.

وقال أحمد لـ"ارفع صوتك": "بعد النزوح عادت عائلات إلى عفرين لكننا لم نتمكن من ذلك، لأننا أيزيديون وهذه الفصائل نفذت وتنفذ ضدنا العديد من انتهاكات ونهبت وسرقت بيوتنا ومحلاتنا وأراضينا لأنها تعتبرنا كفاراً".

ويعمل حالياً في معمل للخياطة بدهوك منذ انتقاله، لكن الإغلاق والحجر الصحي الذي فرضته حكومة الإقليم خلال الشهرين الماضيين للحد من انتشار فيروس كورونا، أثر سلباً على وضعه المعيشي، فهو يتقاضى شهريا نحو ٥٠٠ ألف دينار عراقي يدفع نسبة كبيرة منه لإيجار البيت ويذهب الباقي لإطعام عائلته.

يقول أحمد "حاليا وضعنا المعيشي صعب جدا، سجلنا للهجرة في السفارة الأسترالية وننتظر الفرج، مهما ستكون ظروفنا مستقبلا لكننا لا نفكر بالرجعة إلى سوريا إذا لم نتمكن من الهجرة سنضطر للعيش في المخيمات لأننا لم نعد قادرين على دفع الإيجار".

ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان في ٢٩ مايو نداء موجهاً من ٢٠ منظمة حقوقية سورية إلى الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الخاصة بسوريا، طالبت خلالها بتدخل دولي لمنع انتهاكات الفصائل الموالية لتركيا في عفرين.

وطالبت المنظمات الموقعة بضرورة تشكيل لجنة تحقيق وتقص للحقائق، خاصة بالانتهاكات التي ترتكب في عفرين وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا بشكل يومي، بغية توثيقها وإحالتها إلى الجهات الأممية المختصة لوضع حد لتلك الجرائم ومحاسبة المتورطين بارتكابها.

هذا بالإضافة للضغط على تركيا للقيام بواجباتها والنهوض بمسؤولياتها كدولة احتلال في تأمين الأمن والحماية للمدنيين ومطالبة أنقرة بإنهاء وجودها العسكري في المناطق السورية والخروج منها مع الفصائل المسلحة الموالية لها، ومطالبة مجلس الأمن بوضع تلك المناطق تحت الحماية الدولية لحين إيجاد حل سياسي شامل للمشكلة السورية.

قصة سوزان

سوزان ناصرو، لاجئة أيزيدية سورية تعيش هي الأخرى في إقليم كردستان وتتواصل يوميا مع من تبقى من صديقاتها في عفرين؛ للاطمئنان على أوضاعهن في ظل ما تشهده المدينة من انتهاكات.

تقول لـ"ارفع صوتك": "وضع المرأة حاليا في عفرين صعب جداً، حيث الخوف والقلق يسيطران على أجواء المدينة. الفصائل المسلحة تغتصب حقوقنا ونتعرض لاعتداءات مختلفة منها".

وتشير سوزان إلى أن "غالبية سكان عفرين خاصة النساء هربوا منها خوفا من إعادة عمليات الإبادة الجماعية وسبي النساء في عفرين، كما فعل داعش مع الأيزيديين في سنجار شمال العراق.

في ذات السياق، يقول الناشط الأيزيدي المدافع عن حقوق الإنسان، فارس كتي، إن عفرين أصبحت "شبه خالية من الأيزيديين بعد سيطرة الفصائل المسلحة المتطرفة عليها".

وبين كتي لـ"ارفع صوتك" أن "التجاوزات والانتهاكات مستمرة من قبل الميليشيات ضد سكان عفرين، كما لم تبق هناك عائلات أيزيدية كاملة إنما  أفراد غالبيتهم من كبار السن".

ويشير  إلى أن هذه الانتهاكات والتجاوزات تطال المراقد الدينية للأيزيديين ومن ضمنها عمليات تغيير ملامح الأماكن الأثرية وتشويهها وإزالتها، التي تواصل هذه الفصائل تنفيذها منذ اليوم الأول من سيطرتها على المدينة.

ويختم كتي حديثه بالقول "المجاميع المسلحة المتطرفة لم تتوقف عند هذا الحد بل ترغم من تبقى من الأيزيديين في المدينة على اعتناق الإسلام".

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.