ناشط: عفرين شبه خالية من الأيزيديين ومن تبقى يُجبر على الإسلام
اضطر المئات من الأيزيديين خلال العامين الماضيين وحتى الآن إلى الهروب من مدينة عفرين شمال شرق سوريا واللجوء إلى كردستان العراق، إثر عمليات النهب والسرقة والانتهاكات التي تنفذها الفصائل السورية المسلحة التابعة لتركيا ضد الأقليات في المدينة.
وتشير إحصائيات المنظمات الإنسانية المحلية والدولية العاملة في شمال شرق سوريا إلى أن العمليات العسكرية التي بدأتها تلك الفصائل منذ ٢٠ يناير ٢٠١٨، أسفرت عن نزوح أكثر من ٣٠٠ ألف كردي غالبيتهم من النساء والأطفال من المدينة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية في منطقة الشهباء شمال حلب، حيث يتوزعون على أربعة مخيمات فضلا عن توجه أعداد منهم نحو المدن الأخرى، فيما لجأ قسم آخر منهم خصوصاً الأيزيديين إلى كردستان.
قصّة أحمد
أحمد كمان شاب أيزيدي كان يعمل خياطا في محل لخياطة الألبسة النسائية في عفرين، قبل أن تسيطر عليها الفصائل المسلحة، لكن بعد تعرض منزله للقصف بقذائف الهاون، اضطر إلى الهرب مع عائلته من المدينة وعاش نحو ستة أشهر في الشهباء، ثم قررت العائلة في يوليو ٢٠١٨ اللجوء إلى كردستان، والاستقرار في دهوك بشكل مؤقت لحين الهجرة إلى أستراليا.
وقال أحمد لـ"ارفع صوتك": "بعد النزوح عادت عائلات إلى عفرين لكننا لم نتمكن من ذلك، لأننا أيزيديون وهذه الفصائل نفذت وتنفذ ضدنا العديد من انتهاكات ونهبت وسرقت بيوتنا ومحلاتنا وأراضينا لأنها تعتبرنا كفاراً".
ويعمل حالياً في معمل للخياطة بدهوك منذ انتقاله، لكن الإغلاق والحجر الصحي الذي فرضته حكومة الإقليم خلال الشهرين الماضيين للحد من انتشار فيروس كورونا، أثر سلباً على وضعه المعيشي، فهو يتقاضى شهريا نحو ٥٠٠ ألف دينار عراقي يدفع نسبة كبيرة منه لإيجار البيت ويذهب الباقي لإطعام عائلته.
يقول أحمد "حاليا وضعنا المعيشي صعب جدا، سجلنا للهجرة في السفارة الأسترالية وننتظر الفرج، مهما ستكون ظروفنا مستقبلا لكننا لا نفكر بالرجعة إلى سوريا إذا لم نتمكن من الهجرة سنضطر للعيش في المخيمات لأننا لم نعد قادرين على دفع الإيجار".
ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان في ٢٩ مايو نداء موجهاً من ٢٠ منظمة حقوقية سورية إلى الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ولجنة التحقيق الخاصة بسوريا، طالبت خلالها بتدخل دولي لمنع انتهاكات الفصائل الموالية لتركيا في عفرين.
وطالبت المنظمات الموقعة بضرورة تشكيل لجنة تحقيق وتقص للحقائق، خاصة بالانتهاكات التي ترتكب في عفرين وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا بشكل يومي، بغية توثيقها وإحالتها إلى الجهات الأممية المختصة لوضع حد لتلك الجرائم ومحاسبة المتورطين بارتكابها.
هذا بالإضافة للضغط على تركيا للقيام بواجباتها والنهوض بمسؤولياتها كدولة احتلال في تأمين الأمن والحماية للمدنيين ومطالبة أنقرة بإنهاء وجودها العسكري في المناطق السورية والخروج منها مع الفصائل المسلحة الموالية لها، ومطالبة مجلس الأمن بوضع تلك المناطق تحت الحماية الدولية لحين إيجاد حل سياسي شامل للمشكلة السورية.
قصة سوزان
سوزان ناصرو، لاجئة أيزيدية سورية تعيش هي الأخرى في إقليم كردستان وتتواصل يوميا مع من تبقى من صديقاتها في عفرين؛ للاطمئنان على أوضاعهن في ظل ما تشهده المدينة من انتهاكات.
تقول لـ"ارفع صوتك": "وضع المرأة حاليا في عفرين صعب جداً، حيث الخوف والقلق يسيطران على أجواء المدينة. الفصائل المسلحة تغتصب حقوقنا ونتعرض لاعتداءات مختلفة منها".
وتشير سوزان إلى أن "غالبية سكان عفرين خاصة النساء هربوا منها خوفا من إعادة عمليات الإبادة الجماعية وسبي النساء في عفرين، كما فعل داعش مع الأيزيديين في سنجار شمال العراق.
في ذات السياق، يقول الناشط الأيزيدي المدافع عن حقوق الإنسان، فارس كتي، إن عفرين أصبحت "شبه خالية من الأيزيديين بعد سيطرة الفصائل المسلحة المتطرفة عليها".
وبين كتي لـ"ارفع صوتك" أن "التجاوزات والانتهاكات مستمرة من قبل الميليشيات ضد سكان عفرين، كما لم تبق هناك عائلات أيزيدية كاملة إنما أفراد غالبيتهم من كبار السن".
ويشير إلى أن هذه الانتهاكات والتجاوزات تطال المراقد الدينية للأيزيديين ومن ضمنها عمليات تغيير ملامح الأماكن الأثرية وتشويهها وإزالتها، التي تواصل هذه الفصائل تنفيذها منذ اليوم الأول من سيطرتها على المدينة.
ويختم كتي حديثه بالقول "المجاميع المسلحة المتطرفة لم تتوقف عند هذا الحد بل ترغم من تبقى من الأيزيديين في المدينة على اعتناق الإسلام".