العراق

في زمن الكورونا..أطفال عراقيون أصبحوا المعيل الأساسي

12 يونيو 2020

يوافق اليوم الجمعة  12 يونيو، اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، ويأتي هذه السنة في ظروف معيشية أكثر صعوبة للأطفال العاملين في العراق، حيث حظر الكورونا و بظروف أكثر صعوبة للأطفال الذين اضطروا لتوفير بعض المال.

أحمد جاسم (11 عاماً) كان يعمل مع أمه في ورشة خياطة، لكن بسبب كورونا يعمل الآ، في خدمة الإيصال السريع للخبز من الفرن إلى منازل الزبائن بواسطة دراجته الهوائية براتب شهري 250  ألف دينار عراقي.

تقول أمه التي تعيل أربعة أبناء بعد وفاة زوجها لـ "ارفع صوتك": "لم تكن الأمور تسير بشكل جيد بعد الإغلاق وحظر التجوّل. خسرتُ عملي الذي أعتمد عليه لتوفير لقمة العيش وإيجار المنزل".

ويواجه أحمد منذ أكثر من شهرين مهمة شاقة بعمله هذا، تقول أمه "لم يعمل سابقاً ولم يحب هذا العمل أبداً، لأنه كان يقضي كامل يومه تحت تأثير حرارة الصيف لتوصيل الخبز  إلى منازل الزبائن بعد الاتفاق هاتفياً مع صاحب المخبز".

ورغم إحساس الأم بالذنب لكن معضلة توفير المال كانت أكبر، تقول "لم أفلح في إيجاد عمل لي طيلة مدة حظر التجوّل، فقرر أحمد تحمل المسؤولية ووافقت على مضض".

المحافظة على الرزق

أحمد ليس الطفل الوحيد الذي لجأ للعمل بسبب جائحة كوفيد-19 في محاولة لمساعدة عائلته لتوفير المال.

ياسر كريم (15 عاماً) يعمل هو الآخر في تنظيف وتقليم حدائق المنازل داخل المنطقة التي يسكنها.

وسبب عمله هو "المحافظة على فرصة عمل أبيه الذي كان يعمل بستانياً منذ 30 عاماً في حدائق المنازل، لكن بعد إصابته بفيروس كورونا اضطر لترك عمله، حتى بعد تعافيه لم يتمكن من استئناف العمل" وفق توضيح ياسر.

ويضيف "أريد المحافظة على رزق عائلتي، إذا لم أعمل فسيخسر أبي عمله للأبد، لذا كان عليّ تحمل المسؤولية حتى انتهاء الأزمة".

ووفقا لإحصائيات منظمة الطفولة العالمية (اليونيسف)، فإن قرابة سبعة ملايين ونصف المليون طفل أي ما يعادل ثلث الأطفال في العراق هم بحاجة إلى المساعدة، من ضمنهم أطفال لجأوا إلى العمل في مهن شاقة وقاسية.

الأطفال "هم الضحايا"

وترى الخبيرة في علم النفس الاجتماعي الدكتورة صبيحة الصالحي، أن عمالة الأطفال في البلاد الآن أخذت شكلاً آخر " أكثر خطورة".

وتقول لـ "ارفع صوتك" إن هؤلاء الأطفال "الآن يواجهون خطر الموت بفيروس كورونا، فضلاً عن الضغوط الناتجة من أجورهم الزهيدة".

وتقر الصالحي بشكل مؤلم أن الأطفال الآن "هم الضحايا" وأن "أي أب أو أم كانا قد توقفت أعمالهما دفعا بطفل على الأقل من أطفالهما لتحمل مسؤولية توفير المال بدلاً عنهما".

وتضيف "في المناطق الشعبية تحديداً، يبقى الأطفال رهناً لعمالة آباء لم يتمكنوا من العمل بسبب إغلاق حظر التجوّل، لأسباب عديدة، منها أن قانون العمل العراقي منع عمالة الأطفال دون سن الـ(15) سنة، ولكنه لم يضع عقوبات صريحة لرب العمل الذي يقوم بتشغيل الأطفال، لذا فلا يوجد ما يعيق عمل الطفل".

وتتابع الصالحي "كما أن فرض حظر للتجوّل وإغلاق المحلات ومعاقبة المخالفين، جعل من خروج كبار السن إلى الشوارع شيئاً غير مرغوب به، لذا لجأ الكثير من الآباء والأمهات إلى استغلال أطفالهم وكذلك صغار السن".

وتظل المهن، وفق الصالحي، مثل خدمة التوصيل السريع والبيع عبر التجوّل داخل الأزقة والشوارع وكذلك الخدمة في المنازل والمحلات التجارية، العمالة المتوفرة إلى حد كبير للأطفال بأزمة كورونا.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.