العراق

مواطنة عراقية: كنت أظن كورونا ذريعة سياسية حتى مرضت به

16 يونيو 2020

لم تتخيل مائدة فليح (64 عاماً) أن تصاب بمرض كوفيد-19 المستجد، لمجرد أنها ذهبت لاستلام راتبها التقاعدي الشهر الماضي.

"كان الفيروسفي انتظاري رغم شكوكي بحقيقة وجوده، وظنّي أن الأزمة ذريعة سياسية فحسب"، تقول مائدة.

وبعد أيام قليلة، بدأت أعراض الفيروس بالظهور تدريجياً، فارتفعت درجة حرارة جسمها، ثم شعرت بضيق التنفس وغير ذلك. 

وغالبا ما تكون المؤسسات والمكاتب المخصصة بتوزيع الرواتب مزدحمة بالمتقاعدين، مما يجعل الاحترازات الوقائية من المرض والتباعد الاجتماعي وغير ذلك أشبه بالمستحيل.

كما يزيد من خطورة العدوى أن المستفيدين من الرواتب هم من كبار السن والعجزة.

تقول مائدة لـ "ارفع صوتك": "لم أكن قلقة في البداية، وتوقعت أنها انفلونزا خفيفة، لكن عندما تأزمت حالتي الصحية وصرت لا أقوى على التنفس، اتصلت بزوج أختي ياسر  هاتفياً، فنصحني بمراجعة المستشفى".

وياسر (49 عاما) الذي يعمل ممرضاً في إحدى مستشفيات بغداد، ركز خلال اتصالاته بمائدة على الالتزام بالإجراءات الصحية لحين ظهور النتائج التي كانت إيجابية.

توضح مائدة "طلبوا مني في المستشفى عزل نفسي في غرفة داخل بيتي بعيداً عمن يعيشون معي".

وتعيش مائدة مع أمها وأخيها الموظف في وزارة الداخلية.

تقول "بعد أسبوع من إصابتي بالفيروس انتقلت العدوى لأمي التي كانت بالأساس لا تقوى على مغادرة فراشها لأنها تعاني من أمراض أخرى لكبر سنها".

"وعندما يكون المريض مقعداً وكبيراً في السن تزيد المعاناة، لأنه بحاجة لمداراة خاصة وإلى اهتمام مضاعف والمكوث بقربه دائما كالطفل الصغير" تقول مائدة.

بدأت حالة مائدة الصحية بالتحسن، بعد أن أظهرت نتائج الفحوص سلبية الإصابة بالفيروس، حيث تكفل زوج أختها ياسر، بزيارتهم كل يوم، كما كان حريصاً على متابعة الفحوص المختبرية وكذلك الاهتمام بهما وتوفير احتياجاتهما.

وتضيف "أمي كذلك رغم كبر سنها تحسنت صحتها شيئاً فشيئاً، وبدأت تتعافى".

وتشير مائدة إلى أنه لم يكن غريباً أن تنتقل العدوى منها لأمها، لأنها لم تكن تستطيع تركها وحدها. 

لكن "الأعجب" برأيها أن "أخاها جابر الذي قضى يوماً واحداً من إجازته العسكرية معهما، ظهرت عليه أعراض المرض".

وجابر (39 عاماً)، يعاني من مرض الربو، حيث اعتاد على البقاء في وحدته العسكرية طيلة الشهر وزيارة أهله بضعة أيام خلال الإجازات. 

تتساءل مائدة "صراحة، لا نعلم هل انتقلت العدوى لجابر من داخل منزلنا أو من شخص ما في مقر وحدته العسكرية؟"

وتضيف "على الرغم من شفائنا أنا وأمي، إلا أنني قلقة على أخي جابر. وأخشى أن أفقده، لأن اعراض المرض تبدو شديدة عليه".

وتشير  إلى أن جابر لم يتحسن تدريجياً مثلما حدث معها هي وأمها، حيث لا يزال مصاباً بالمرض، لليوم الثالث عشر على التوالي. 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.