العراق

تحرّش في أماكن العمل.. قصص عراقيات وتوصيات للمواجهة

رحمة حجة
18 يونيو 2020

قصة قصيرة، تروي صاحبتها التحرّش الجنسي الذي تعرّضت له أثناء التقديم لوظيفة، نشرتها منظمة "حقوق المرأة العراقية"، فتحت النقاش حول موضوع التحرّش في أماكن العمل، الذي اتجّه بشكل مغاير عن الهدف الأساس.

تقول الراوية "كنت مقدمة في شركة للحصول على عمل فالرجل الذي يعمل المقابلة سألني شلون وحدة مثلك غير متزوجة..!! وأنا أحاول أكون مهذبه كل الوقت و أقول له القسمة والنصيب".

وتتابع "فجأة سكت وبعدها قال (انتي شخصية دافية جدا). ما عرفت أتصرف وأكملت المقابلة. وقبلت لاحقاً للوظيفة، وحين توقيع العقد قال لي نفس الشخص (اني قلتلهم حصير مديرك المباشر وإنتي ترجعيلي في كل المشاريع) 
وبعدين قرب مني وقال لي (اني بنفسي أمسك شعرك ومو تقولين عليّا رجال مراهق)".
"هنا كانت النهاية.. ورفضت الشغل رغم احتياجي الشديد" تُنهي قصتها.

كنت مقدمة في شركة للحصول على عمل فالرجل الذي يعمل المقابلة إبتدأ يسألني شلون وحدة مثلج ممتزوجة..!!وانا بحاول اكون مهذبه...

Posted by ‎Iraqi Women Rights - حقوق المرأة العراقية‎ on Wednesday, June 17, 2020

أغلب التعليقات بدأت تسوق أسباب التحرّش، المتعلقة بسماح العديد من النساء للرجال في أماكن العمل بهذا الأمر، ما جعلهم ينظرون للنساء جميعاً بنفس الطريقة، ومنهم من قال أنه كان على الفتاة ترك العمل منذ أول مقابلة، بالإضافة لتوجيه اللوم لعدد من النساء بأنهن يستخدمن أجسادهن لتحصيل بعض الوظائف أو الترقيات.

كما أكدت عديد النساء أنهن يعملن منذ سنوات في مؤسسات غير حكومية ولم يتعرضن للتحرّش الجنسي، بل على العكس وجدن بالغ الاحترام.

وفي حين استنكر البعض وجود قصص مشابهة، أكد آخر على وجوده. 

كتبت إسراء "الوضع بالفعل هكذا في أغلب الشركات والمحلات وحتى في الجامعات. فأي عمل تقدم عليه المرأة لازم يبدأ بالتحرش أو الابتزاز" مشيرة إلى إضافة وصف "حسنة المظهر" في إعلانات الوظائف الشاغرة.

تعليق إسراء

 

تعليق مشابه حول إعلانات الوظائف

وعلّقت آية "صديقتي راحت تقدم ع شغل ب شركة وذهبت معها أمها وأبوها وقالوا لصاحب الشركة (عمره 60 عاماً):  بنتنا أمانة عندك وهي محتاجة شغل، فردّ عليهم (تدللون، أخليها بعيوني)".

لكن هذا الرجل قال للشابة أثناء تأديتها وظيفتها "إنتي عجبتيني، حلوة وصغيرة، أريد الزواج منك زواج متعة، وحاضر لكل ما تطلبينه.." تضيف آية، لافتة إلى أنه متزوج من أربعة.

تعليق آية

 

القصة الثانية: تحرّش في الجامعة 

بعد ساعات على نشر القصة الأولى، اختارت المنظمة نفسها من بريد المتابعين قصة أخرى، تقول صاحبتها "أنا شخصياً حين عُدت لبغداد عام ٢٠١٥ مشيت بمعاملة جواز سفري وذهبت لاستلامه، وحين وصلت الشباك، نظر لي الضابط وقال لي: تعالي غداً، سألته: لماذا؟ فقال: جوازك لم ينته، عليم القدوم غداً لهذا الشباك بالتحديد والحصول عليه".

وهذا ما حصل في اليوم الثاني، لتُفاجأ بالضابط يُماطل في تسليمها إياه، وينظر لها بطريقة "قذرة" على حد تعبيرها، مضيفةً "علماً أني كنت أذهب محجبة، من دون مكياج" في إشارة إلى من يضع اللوم على النساء في قضايا التحرّش بسبب مظهرهن الخارجي.

لم يُعطها جواز السفر، لتذهب مع شاب قريبها في اليوم الثاني، وذهب بالنيابة عنها لإحضاره.  

وتؤكد الراوية أن على النساء التوقف عن لوم أنفسهن والتفكير في مظهرهن في أنه سبب للتحرّش الجنسي، فالسبب الأساس هو عقليّة المتحرّش نفسه، وهو المذنب الوحيد.

#أنتي_بنية #معاناة_فتاة_شرقية بعد ما نشرنا موضوع التحرش في مكان العمل وصلتنا هذه الرسالة حقيقة يعتصر لها قلبي نسمع عن...

Posted by ‎Iraqi Women Rights - حقوق المرأة العراقية‎ on Wednesday, June 17, 2020

وبرفقة هذا المنشور تم نشر صورة تحمل قصة ثالثة، واجهت العديد من التعليقات التي تكذّبها، تروي صاحبتها أنها طالبة جامعية تعرّضت للتحرّش الجنسي من قبل أساتذتها وحتى من رئيسهم، الذي نصحها حين اشتكت له بأن تصمت، لأن أحداً لن يصدقها ولن تستطيع تحقيق أي نتيجة.

وهذه القصص فعلياً لاقت ردود فعل مشابهة للأولى، بين الدعم والرفض والتكذيب وحتى أثر نشر هذه القصص على أهالي الطالبات الجامعيات.

تعليقات

 

قانونياً

يُعد التحرش الجنسي في العمل أحد أشكال التمييز الجنسي غير القانوني، إذ يعرف قانون العمل العراقي رقم (37) لسنة (2015) التحرش الجنسي بأنه "أي سلوك جسدي أو شفهي ذي طبيعة جنسية، أو أي سلوك آخر يستند إلى الجنس، ويمسّ كرامة النساء والرجال، ويكون غير مرغوب وغير معقول، ومهيناً لمن يتلقاه، ويؤدي إلى رفض أي شخص أو عدم خضوعه لهذا السلوك -صراحةً أو ضمناً-، لاتخاذ قرار يؤثر على وظيفته".

وفي تقرير نشره مركز "البيان" العراقي للدراسات والتخطيط، حول الموضوع نفسه، أكد على أن نسبة وجود التحرش الجنسي في المؤسسات الخاصة يصل لـ70% مقارنة بمؤسسات القطاع العام.

واستعرض نتائج استبيان، أظهر أن "98% من النساء اللاتي تعرضن للتحرش لم يقمن برفع دعاوى قضائية ولم يخبرن صاحب العمل خوفاً من فقدان العمل، أو خوفا من الإفصاح به بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية".

وفي نفس الوقت كانت توصيات المركز للحكومة بـ:

  1. ضرورة تشديد القوانين التي تحاسب المتحرشين جنسياً.
  2. إنشاء مؤسسات لمكافحة التحرش.
  3. تخصيص رقم ساخن للإبلاغ عن الحالات.
  4. تدريب كوادر مختصة للاستماع للحالات، وإيجاد الحلول المناسبة.
  5. حصول موظفي القطاع العام والخاص على تدريبات دورية لمعرفة السياسات والإجراءات التي تتبعها شركات القطاع الخاص لمكافحة التحرش.
  6. صياغة تعليمات لسياسة العمل تعمم على القطاعين العام والخاص.
  7. رصد الحالات ومراقبتها، وتفعيل وسائل الإعلام للتركيز على الظاهرة.
رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.