العراق

"استجابة حكومية بعد #حملة_حيدر لكنها "البداية فقط

19 يونيو 2020

مرّ أكثر من سبعة شهور على إصابة حيدر آل مرجان (22 عاماً) بقنبلة دخانية في وجهه، حيث كان يشارك في التظاهرات على جسر الجهورية، وسط بغداد.

وكانت ليلة 27 أكتوبر، مفصلية في حياته، حيث خلّفت القنبلة تشوهّات في وجهه، كلفته الكثير من المال لإجراء عملية واحدة فقط، كانت في الهند، حيث حالت ظروف عائلته المضيّ قدماً في عمليات أخرى.

 

 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 
 
 
 
 

اول يوم الضربة💔

A post shared by حيـدر آل مـرجان 🤍" (@mrjan_97) on

 

 

 

 

وبين الفينة والأخرى، كانت صورة حيدر تُنشر في صفحات عراقية على مواقع التواصل، تذكيراً بقمع القوات الحكومية المسلّح للمتظاهرين العُزّل.

وقبل أيام قليلة، نشر حيدر فيديو، يناشد عبره المساعدة، لاستكمال العلاج، لتنطلق أول أمس #حملة_حيدر عبر مواقع التواصل، بمبادرة من الصحافي والناشط المدني روبرت ملحم، وهو عراقي مقيم في الولايات المتحدة.

 

"حملة حيدر"

تصدّر  هذا الوسم التغريدات العراقية بعد انطلاقه، الأربعاء الماضي. يقول ملحم "حيدر هو نواة وقصته هي الخطوة الأولى في حملة منظمة لمساعدة الجرحى وعوائل الشهداء، الذين راحوا ضحيّة القمع الحكومي بقيادة عادل عبدالمهدي، بالإضافة لمليشيات الأحزاب".

ويوضح ملحم لـ"ارفع صوتك": "أكثر من 10 آلاف مصاب من المتظاهرين، لديهم إعاقات دائمة، وبحاجة لمساعدة، وحملتنا تهدف للضغط عبر مواقع التواصل والمنظمات الأهلية والحقوقية لصالح سن قوانين تقر بمخصصات مالية شهرية لهم ولعوائل الشهداء، كما حصل مع أهالي رفحاء والسجناء السياسيين السابقين لدى النظام البعثي وغيرهم".

وبعد الحملة الواسعة خصوصاً في موقع "تويتر"، والتواصل مع مسؤولين عراقيين، كانت الاستجابة الأولى باتصال هاتفي من مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يطلب من حيدر أوراقاً رسمية تتعلق بإصابته والعمليات التي أجراها ويحتاجها. 

كما زاره وفد من مكتب رئيس مجلس النوّاب العراقي محمد الحلبوسي، بإرسال وفد لبيت حيدر، وكتب الأخير في صفحته على تويتر أن مستشار رئيس الوزراء وعده "بتلبية متطلباته ومساعدته في إكمال العلاج".

 

ويحتاج حيدر إلى عملية زراعة أسنان وعمليات تجميلية للجانب المتضرر من وجهه، يقول ملحم لـ"ارفع صوتك": "لغاية الآن تمثلت الاستجابات باتصالات ووعود، ولن توقف حملة المناشدة لمساعدته حتى تتم الاستجابة الفعلية بنقله لمستشفى مختص في العراق قادر على علاجه أو السفر للخارج إن تطلّب الأمر".

وبعد هذه الحملة، ينشغل ملحم حالياً بتجميع معلومات عديدة حول عدد من المتظاهرين المصابين، الذين يحتاجون المساعدة، من أجل الاستمرار في حملته، التي بدأت بحالة حيدر.

وأهمية التوقيت في هذه الحملة، كما يقول ملحم أن الحكومة الحالية برئاسة الكاظمي تبدو "أفضل من سابقاتها ومتعاطفة مع ضحايا التظاهرات، وهناك بوادر أمل في التعاون، خصوصاً بوجود أسماء قريبة من الشارع العراقي في الكابينة الوزارية".

صورة حيدر مع وفد الحلبوسي، من حسابه في تويتر

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.