كيف يتعامل الرجال مع التحرّش بهم جنسياً؟ تجربة شاب عراقي
"كنتُ أعتبرها أستاذتي وأكنّ لها الاحترام. وعمرها تقريباً ضعف عُمري" .
يقول الشاب العشريني الذي فضّل عدم ذكر اسمه "أنا طالب في كلية طب الأسنان، المرحلة الثانية، في إحدى جامعات جورجيا، اختارتني أستاذتي الدكتورة في الجراحة مني بين الطلبة للعمل معها، بسبب تفوّقي".
ويروي عباس (اسم مستعار) لـ"ارفع صوتك": "كنت أحتاج للعمل بالفعل، وبحثت قبل عرضها في أماكن عديدة. الدكتورة تعمل في مركز خاص بالأسنان، وهو كبير جداً مقارنة بمراكز أخرى في المدينة التي أعيش بها، وبعد فترة من العمل جعلتني مساعدها الشخصي".
ويتابع "كانت بالنسبة لي فرصة رائعة، حيث أعمل بشكل جزئي معها، وبقيّة الوقت للجامعة والدراسة، وأحظى براتب جيد".
وفي أحد الأيام، أراد عباس طلب إذن للمغادرة من الطبيبة أستاذته الجامعية، وقال لها "أريد طلباً منك"، فردّت "دعنا نذهب لمكتبي". وفي المكتب قالت له "كنت أنتظر هذه اللحظة" واقتربت منه لتقبيله، فدفعها عنه، وأخبرها أنه لم يقصد ذلك.
يقول عبّاس "حينها، ارتبكت الدكتورة، وقالت (كنت أختبرك)" إلا أن النتيجة لم تكن سهلة، حيث ترك العمل، وصار يحصل على علامات متدنيّة رغم أنه "متفوّق" حسبما يؤكد لـ"ارفع صوتك".
يقول "لم أفعل شيئاً، وأعرف أن لا أحد يصدّقني. مدرسّاتي في الجامعة جميعهن صديقاتها، وأرى دائماً علامات الاشمئزاز مني على وجوههن، وأنا أكيد أنهن يتقصدن وضع علامات أقل مما أستحق؛ بسببها".
لماذا يخفي الرجال قصصهم؟
في الحوار مع عبّاس، قال إن خوف الرجال عادة من عدم المواجهة أو الشكوى في حال التحرّش، يأتي من عدم تصديقهم في الأساس أو ادّعاء المرأة العكس.
في نفس الوقت، عبر ملاحظة نقاشات حول موضوع التحرّش الجنسي بالنساء من قبل الرجال، تتدفق التعليقات التي تتهم النساء بأنهن يستخدمن تهمة التحرّش لابتزاز الرجال.
أما وجهة النظر الشائعة، عن الرجال، أن التحرّش بهم ينقلب في العادة إلا علاقة جسدية أو جنسية بالتراضي بينهم والنساء ولا يقولون لهن "لا"، بالتالي لا تؤخذ قصصهم على محمل الجد.
"حددت منظمة الصحة العالمية العنف الجنسي ضد الرجال والفتيان كمشكلة كبيرة يتم تجاهلها إلى حد كبير من قبل المنظمات غير الحكومية ومقدمي الرعاية الصحية والوكالات الحكومية وسلطات العدالة الجنائية وغيرهم" وفق تقرير المركز الدولي للعدالة الانتقالية.
ويضيف "يمكن للانتهاكات أن تأخذ العديد من الأشكال، بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي والاستعباد الجنسي والتعرية القسرية والإجبار على القيام بأفعال جنسية مع الآخرين".
وتركز المنظمة الدولية في تقريرها على العنف الجنسي ضد الرحال في مناطق النزاع، حيث أظهرت الدراسات أن أنماطه المذكورة، تكررت في دول مثل: تشيلي والسلفادور وليبيا وسريلانكا وسوريا والولايات المتحدة ويوغوسلافيا السابقة.
لكن بشكل عام، ترى المنظمة أن العنف الجنسي بحق الرجال قد ينذر بـ"مخاطر أن يظل الضحايا غير مرئيين، ومهملين من التصدي للعنف، ما لم يتم إعطاء حقوقهم ومخاوفهم تركيزاً بشكل خاص مشابه لذلك الذي يُبذل الآن على نحو متزايد بالنسبة للإناث".
وجاء في التقرير نفسه "في كثير من الحالات، يتردد الضحايا الذكور في الاعتراف بالطبيعة الجنسية للانتهاكات التي ترتكب ضدهم. قد يحدث هذا من أجل تجنب وصمة العار الاجتماعية المرتبطة بهذه الأفعال أو بسبب الخوف من أن ينظر إلى الضحية على أنه ضعيف، أو يسمى مثلي الجنس أو يتهم بأنه يرغب في ذلك".