العراق

كيف يتعامل الرجال مع التحرّش بهم جنسياً؟ تجربة شاب عراقي

رحمة حجة
22 يونيو 2020

"كنتُ أعتبرها أستاذتي وأكنّ لها الاحترام. وعمرها تقريباً ضعف عُمري" . 

يقول الشاب العشريني الذي فضّل عدم ذكر اسمه "أنا طالب في كلية طب الأسنان، المرحلة الثانية، في إحدى جامعات جورجيا، اختارتني أستاذتي الدكتورة في الجراحة مني بين الطلبة للعمل معها، بسبب تفوّقي".

ويروي عباس (اسم مستعار) لـ"ارفع صوتك": "كنت أحتاج للعمل بالفعل، وبحثت قبل عرضها في أماكن عديدة. الدكتورة تعمل في مركز خاص بالأسنان، وهو كبير جداً مقارنة بمراكز أخرى في المدينة التي أعيش بها، وبعد فترة من العمل جعلتني مساعدها الشخصي".

ويتابع "كانت بالنسبة لي فرصة رائعة، حيث أعمل بشكل جزئي معها، وبقيّة الوقت للجامعة والدراسة، وأحظى براتب جيد".

وفي أحد الأيام، أراد عباس طلب إذن للمغادرة من الطبيبة أستاذته الجامعية، وقال لها "أريد طلباً منك"، فردّت "دعنا نذهب لمكتبي". وفي المكتب قالت له "كنت أنتظر هذه اللحظة" واقتربت منه لتقبيله، فدفعها عنه، وأخبرها أنه لم يقصد ذلك.

يقول عبّاس "حينها، ارتبكت الدكتورة، وقالت (كنت أختبرك)" إلا أن النتيجة لم تكن سهلة، حيث ترك العمل، وصار يحصل على علامات متدنيّة رغم أنه "متفوّق" حسبما يؤكد لـ"ارفع صوتك".

يقول "لم أفعل شيئاً، وأعرف أن لا أحد يصدّقني. مدرسّاتي في الجامعة جميعهن صديقاتها، وأرى دائماً علامات الاشمئزاز مني على وجوههن، وأنا أكيد أنهن يتقصدن وضع علامات أقل مما أستحق؛ بسببها".

لماذا يخفي الرجال قصصهم؟

في الحوار مع عبّاس، قال إن خوف الرجال عادة من عدم المواجهة أو الشكوى في حال التحرّش، يأتي من عدم تصديقهم في الأساس أو ادّعاء المرأة العكس.

في نفس الوقت، عبر ملاحظة نقاشات حول موضوع التحرّش الجنسي بالنساء من قبل الرجال، تتدفق التعليقات التي تتهم النساء بأنهن يستخدمن تهمة التحرّش لابتزاز الرجال.

أما وجهة النظر الشائعة، عن الرجال، أن التحرّش بهم ينقلب في العادة إلا علاقة جسدية أو جنسية بالتراضي بينهم والنساء ولا يقولون لهن "لا"، بالتالي لا تؤخذ قصصهم على محمل الجد.

"حددت منظمة الصحة العالمية العنف الجنسي ضد الرجال والفتيان كمشكلة كبيرة يتم تجاهلها إلى حد كبير من قبل المنظمات غير الحكومية ومقدمي الرعاية الصحية والوكالات الحكومية وسلطات العدالة الجنائية وغيرهم" وفق تقرير المركز الدولي للعدالة الانتقالية

ويضيف "يمكن للانتهاكات أن تأخذ العديد من الأشكال، بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي والاستعباد الجنسي والتعرية القسرية والإجبار على القيام بأفعال جنسية مع الآخرين".

وتركز المنظمة الدولية في تقريرها على العنف الجنسي ضد الرحال في مناطق النزاع، حيث أظهرت الدراسات أن أنماطه المذكورة، تكررت في دول مثل: تشيلي والسلفادور وليبيا وسريلانكا وسوريا والولايات المتحدة ويوغوسلافيا السابقة.

لكن بشكل عام، ترى المنظمة أن العنف الجنسي بحق الرجال قد ينذر بـ"مخاطر أن يظل الضحايا غير مرئيين، ومهملين من التصدي للعنف، ما لم يتم إعطاء حقوقهم ومخاوفهم تركيزاً بشكل خاص مشابه لذلك الذي يُبذل الآن على نحو متزايد بالنسبة للإناث".

وجاء في التقرير نفسه "في كثير من الحالات، يتردد الضحايا الذكور في الاعتراف بالطبيعة الجنسية للانتهاكات التي ترتكب ضدهم. قد يحدث هذا من أجل تجنب وصمة العار الاجتماعية المرتبطة بهذه الأفعال أو بسبب الخوف من أن ينظر إلى الضحية على أنه ضعيف، أو يسمى مثلي الجنس أو يتهم بأنه يرغب في ذلك".

 

رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.