مسيحيون من نينوى: نزحنا مرة أخرى بسبب الميليشيات
تتحدّث بعض العائلات المسيحية في العراق عن نزوحها مجددا من سهل نينوى شرق الموصل، باتجاه إقليم كردستان العراق أو الهجرة الى خارج البلاد، بسبب سيطرة بعض الميليشات على مناطقها، وتبدي تخوفها من عملية تغيير ديموغرافي أو حتى الاستيلاء على ممتلكاتها الخاصة والعامة.
وتمكن الجيش العراقي وبإسناد من الطيران الأميركي من تحرير مدن سهل نينوى التي يسكنها غالبية عظمى من المسيحيين مع انطلاقة معارك تحرير الموصل من تنظيم داعش في أكتوبر 2016 لكن مليشيات اللواء ٣٠ المعروفة بحشد الشبك التابعة للحشد الشعبي، سرعان ما أخذت زمام الأمور مستغلة انشغال القوات الأمنية العراقية بمعارك الموصل، وفرضت سيطرتها على كافة مدن سهل نينوى.
"تعرّضنا لمضايقات"
ينتظر سالم بولص، وهو مسيحي من سكان الحمدانية، استقرار الوضع الأمني في مدينته وخروج المليشيات منها، ليتمكن من العودة وممارسة عمله فيها بعد أن اضطر إلى النزوح للمرة الثانية، بسبب المضايقات التي تعرض لها هو وأقرانه من المسيحيين على يد هذه المليشيات.
يقول بولص لـ "ارفع صوتك": "عدت بعد التحرير إلى الحمدانية وأعدت إعمار بيتي الذي تعرّض لعدة أضرار بسبب المعارك، أقمت فيه مدة قصيرة قبل أن أنزح مجدداً لأربيل".
"فالحمدانية وكافة مدن سهل نينوى تشهد تشديدات من قبل مليشيات اللواء 30 من الحشد الشعبي، لذلك لم أجد الأمان والاستقرار في مدينتي وقررت النزوح"، يضيف بولص.
ويشير إلى أن "المليشيات استغلت تواجدها العسكري في المنطقة بحجة التحرير، ونقلت فيما بعد أقارب مسلحيها وعائلاتهم من مناطق محافظة نينوى الأخرى والعراق إلى سهل نينوى".
ويتابع بولص "المليشيات تتجاوز على الأراضي التابعة للبلدية وتستولي عليها لبناء بيوت في المدينة لعائلات مسلحيها وتحتكر فرص العمل للمنتمين إليها، على حساب أبناء المدينة الذين باتت أوضاعهم المعيشية صعبة جدا"، لافتا إلى أن قسما من الشبك الذين رفضوا الانتماء إلى هذه المليشيات وتضامنوا مع المسيحيين تعرضوا بدورهم للتهجير.
ميخا حنا مواطن مسيحي آخر من قرية باطنايا في سهل نينوى، رغم عودته إلى قريته لكنه اضطر للنزوح مجددا واستقر في بلدة تلسقف المحاذية لقريته منتظرا استقرار الأوضاع فيها كي يعود مرة أخرى ويزاول عمله في الزراعة.
يقول حنا لـ"ارفع صوتك": "تعرضنا لمضايقات عديدة من قبل المليشيات المسيطرة على مناطقنا، وشملت هذه المضايقات مختلف مجالات الحياة خاصة في العمل والتنقل وفي أي خطوة نخطها، فهم يفرضون الأتاوات على المحاصيل الزراعية وعلى الفلاحين وأصحاب المشاريع التجارية والصناعية وأصحاب سيارات الحمل، حيث أخذوا مني سيارة حمل كبيرة محملة بالحنطة من المحصول الذي زرعته اثناء فترة التسويق ولم أكن الوحيد فقد أخذوا نفس الكمية من كل فلاح من الفلاحين الموجودين في منطقتنا".
وطالب حنا المجتمع الدولي بتوفير حماية دولية للمسيحيين في مناطقهم أو أن تفرض الحكومة القانون بحيث لا يتعرض أي مواطن للمضايقات أو إعادة الأوضاع فيها إلى ما كانت عليه قبل عام 2014، حيث كانت خاضعة لقوات أمنية مشتركة من الجيش العراقي والبيشمركة.
سجناء داعش
في ذات السياق، أشار بطرس عيسى الذي نزح من قضاء تلكيف في سهل نينوى إلى بلدة تلسقف، إلى أن نقل الآلاف من سجناء داعش الخطرين لسجن تلكيف، يعتبر هو الآخر عاملا من عوامل النزوح الثاني لسكان سهل نينوى من مناطقهم.
وقال لـ"ارفع صوتك": "إلى جانب التغيير الديمغرافي والمضايقات المختلفة التي تمارسها المليشيات ضد المسيحيين في هذه المناطق، يشكل سجن تلكيف سببا آخر لهجرة سكان هذه المنطقة، نحن نخشى من تواجد هذا العدد الكبير من الإرهابيين بيننا في ظل ضعف الإجراءات الأمنية المتبعة، إضافة الى أن هذه المليشيات المسيطرة على المنطقة تستولي على الممتلكات والبيوت والعقارات وتسكن فيها عائلات مسلحيها".
وحاول "ارفع صوتك" التواصل بالمكتب الإعلامي لمحافظة نينوى، للحصول على تصريح بخصوص هذه الشكاوى، الا أنه اعتذر عن الإدلاء بأي تصريحات، لأن "عملهم الإعلامي لا ينصب بالاتجاه الخاص بالملفات السياسية" حسب ردّ المكتب.