صورة مرتضى خلال إحدى رحلاته، تُنشر بإذنه
صورة مرتضى خلال إحدى رحلاته، تُنشر بإذنه

بدأ تعليمه الجامعي في عمر الخامسة عشرة، ويسافر منذ نحو ستة أعوام بشكل متواصل، ليعبر حدود ومحيطات وقارات وبحار وصحارٍ وجبال أكثر من 100 دولة بالمفهوم الجيوسياسي، واستنتج أن العالم واحد، لكنها أيضاً فكرة جدليّة.

مرتضى (27 عاماً) خرج من العراق طفلاً نابغة، حيث سهّل له تفوقّه وتميّزه بين الطلبة، الطريق إلى العالم، انطلاقاً من أزقّة حيّ الحرية البغدادي، الذي عاش فيه مع عائلته حياة بسيطة، تحت الحرب والظلم والطائفية، وحتى التشريد. 

يقول لـ"ارفع صوتك" بتواضع "أنا لست مؤثرا أو مسافراً أو إنستاغرامر أو مهندساً، أنا رجل عادي من العراق يحب استكشاف العالم ويشارك عبر مواقع التواصل حكاياته". 

وعبر موقع إنستغرام، يتواصل مرتضى منذ عام مع متابعيه وأغلبهم من العراق، يحاول نقل تجاربه وعلمه وطرح حوارات بالإنجليزية للمساعدة على تعلّمها، بالإضافة إلى إطلاعهم على فرص ومنح للعمل والتعلّم في الخارج.

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

In 2018, I took 114 flights (252,000km) but still never made it to South America! That’s why I booked a one way ticket to Buenos Aires a few days ago, and plan on spending the next month traveling around the continent. It’s an unfamiliar feeling since the last time I didn’t have work or school for this long was probably 10 years ago. Haven’t made any plans and don’t even have accommodations booked for the first night. If you live in the continent, let me know and I’ll try to pass by. Or, if you have suggestions for things to do or places to see or people to meet, send my way! Even better, if you’re in the area and want to tag along or do a road trip :) #travel #recharge #globetrotting #southamerica #livingontheroad #viviendoelsueño

A post shared by Murt (@the.murt) on

 

 

السّفر والعمل

يقول مرتضى "نشأت في حي فقير، وكانت عائلتي تعيش حياة بسيطة ولم يكن لدينا الكثير من الامتيازات أو الأموال أو الروابط. عانينا من الحرب وتدميرها تمامًا مثل معظم العائلات العراقية، وكانت عائلتي ضحية ظلم العنف الطائفي الذي أخرج أحباءنا وشرّدنا من بيتنا".

وكان مرتضى دخل المدرسة بعُمر خمس سنوات، وبسبب ملاحظة عائلته نبوغه المبكّر، نقلوه إلى مدرسة للطلاب الموهبين في بغداد".

يقول "كنتُ محظوظاً بما يكفي للحصول على منحة دراسية في إحدى الجامعات الكندية"، ومن جامعة "بريتيش كولومبيا" نال شهادة البكالورويس في هندسة الكمبيوتر.

ولأنه يحب السفر، حاول مرتضى إيجاد وظيفة بحجم أحلامه في استكشاف العالم الكبير، ليصبح مبرمجاً في شركة فيسبوك.

مقرّ الشركة في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأميركية، إلّا أن هذا لا يمنع العمل معها عن بُعد، كما يعمل الكثير منّا منذ شهور  نتيجة لأزمة جائحة كورونا.

صورة لمرتضى في إحدى رحلاته، تُنشر بإذنه

 

 

يَقظة أولى وثانية

يسافر مرتضى منذ ست سنوات بشكل متواصل، ولا يقضي الكثير من الوقت في كل دولة يزورها، يقول "بالطبع هذا سبب كوني وصلت لأكثر من مئة دولة، فلا أقضي عادة أكثر من ثلاثة أيام في كل منها. أدرك أن هذا يحدد خيارات التعمّق في ثقافاتها لكن لدي أسبابي".

"لا أتصوّر حياتي من دون السفر، ولا أعرف كيف سأكون من دونه. لقد فتح عينيّ على جمالية العالم وتنوّعه" يقول مرتضى.

ويوضح لـ"ارفع صوتك": "السفر الأول كان لأميركا الشمالية، الذي مثّل خروجاً من عالمي الصغير في بغداد إلى بلاد كبيرة وثقافة مختلفة تماماً، ما شكّل بالنسبة لي اليقظة الأولى، أما اليقظة الثانية، فسببها السفر إلى خارج أميركا".

يقول مرتضى "في السفر فهمت الكثير مما لم أكن أعيه، أصبحت أرى العالم بشكل أفضلـ وأستوعب الاختلافات والتشابهات، وفي نفس الوقت أدرك كم هو معقد وواسع وكبير، ويعج بمثيرات الدهشة".

صورة لمرتضى في إحدى رحلاته، تُنشر بإذنه

 

مدخل "إلى نفسي"

"في الوقت الذي عرّفني السفر بالتشابهات والاختلافات بين البشر، دفعني هذا إلى التفكير بنفسي، ووضعها في دوامة أسئلة: لماذا أفكر بهذه الطريقة؟ بماذا أؤمن ولماذا أؤمن بذلك؟ لماذا أطلق الأحكام على الناس الذين لا أعرفهم والأشياء التي لم أألفها؟" يقول مرتضى.

ويضيف لـ"ارفع صوتك": "كما منحني السفر دروساً في التاريخ. ووقعت في حب التاريخ مجددًا، حيث كان مدخلي لمعرفة أعمق لحركات الشعوب ونموّها عبر الزمن، وما أصبحت عليه اليوم، لذا أهتم بزيارة المتاحف، وطالما شعرت بالدهشة".

وقبل السفر خارج أميركا الشمالية، كان مرتضى "أقل ثقة في التواصل مع الناس خصوصاً الغرباء، ومحافظاً، وخجولاً جداً" وفق قوله، إلا أن السفر وضعه في محطات تجعله على احتكاك مباشر مع مخاوفه ونقاط ترددّه.

يقول مرتضى "ساعدني السفر على النّضج وتوسيع مداركي وكسر الجليد بين والناس والتخلّص من مخاوفي".

وفي حوار "ارفع صوتك" مع مرتضى، كان هناك الكثير من الأمل والإيجابية في نظرته إلى مستقبل العراق، وإمكانية أن يحقق الشباب طموحاتهم وأحلاهم بالعمل الجّاد والحفاظ على الأمل، على الرغم من الصعوبات المحيطة، وهو ما رآه حقيقة عبر متابعة وقائع ثورة أكتوبر.

يقول "أتمنى أن أكون مصدر إلهام، سواء لشخص يريد السفر حول العالم، أو آخر يريد إيجاد وظيفة أحلامه، وربما يفتتح شركته الخاصّة، أو يتزوّج من الشخص الذي يُحب، وغيرها من الأمور".

صورة لمرتضى في إحدى رحلاته، تُنشر بإذنه

 

النجاة فرصة لحياة جديدة

"حياتنا في العراق هي سبب ما أنا عليه اليوم" يقول مرتضى.

ويضيف "كنت أكره أنني من العراق لأنني عانيت أثناء حياتي فيه، ولازمتني المعاناة حتى بعد خروجي، عند كل سفارة أو عبور حدود، بسبب جواز السفر العراقي، لكنّي أ{ى ذلك مصدر قوّة".

وبجواز السفر العراقي، سافر مرتضى جميع رحلاته، يقول  "يوصف جواز سفرنا بأنه الأسوأ في العالم، ولكن اتضّح أنه يمكننا فعليًا السفر إلى أي مكان تقريبًا إذا ركزنا على رغبتها هذه".

"وأنا عازم على دخول كل بلد بجواز سفر عراقي ضعيف ولكنّه طموح" يتابع مرتضى.

ويختم حوارنا بحديثه عن الفرصة الثانية للحياة، حيث كانت نجاته من أحلك الأوقات في بغداد.

يقول مرتضى "نجوت من إطلاق النار اليومي، والأشهر الأكثر دموية في بغداد. مُنحت فرصة ثانية للحياة، وسأبذل قصارى جهدي لأعيشها على أكمل وجه. وسأحوّل كل عقبة وكل انتكاسة إلى فرصة للتعلم والنمو".

 

هذا الفيديو تصوير مرتضى خلال زيارته لبغداد وساحة التحرير:

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 

 
 
 

‎(👇العربي) Two weeks ago, I remember being in an airport lounge with at least 12 TV screens showing different news channels from around the world. About half of those screens had breaking news from ‫#‬Baghdad: the US embassy had just been attacked . Since then, Iraq has continued to be in the headlines of world news as things escalated; an American drone strike followed by Iran's retaliation with another airstrike, all happening on the world's new favorite battleground: Baghdad . I was in that very same airport lounge two months ago, and none of those TV screens reported what was happening in #Iraq at the time: millions of Iraqis coming together to peacefully protest a corrupt government that responded back by killing hundreds and wounding thousands . Iraq has always been a favorite topic in the media whenever there were stories of war or violence, but there is little reporting on stories of #hope and resilience by this new generation of Iraqis as they faced death everyday for the last three months while demanding a more dignified life . And now that the world leaders have seemingly wrapped up this season of their game of thrones on Iraqi soil, the people of Iraq are back to the streets asking for their basic rights . Thanks @aboodee93 for producing this brilliant video from my humble footage . قبل اسبوعين جنت كاعد بالمطار واكو فد ١٢ شاشة تلفزيون تعرض قنوات اخباريةمن مختلف انحاءالعالم. يمكن نص هذني القنوات جانو يحجون عن اخبار العراق بوقتها، الي هيةجانت الهجوم عالسفارةالامريكية . ومن ذاك الوقت لحد الان، ‪#‬العراق هسة بكل العناوين الاخباريةخصوصا بعد ما انلاص الوضع بالزايد وامريكا سوت ضربةوبعدين ايران سوت ضربةثانية . قبل شهرين جنت بنفس هذا المطار اتفرج علةنفس الشاشات ولا وحدةمنهن جانت تحجي عن اخبار العراق، الي هيةبوكتها جانت المظاهرات الي وحدت ملايين العراقيين ضد فساد الحكومةعالرغم من القمع الي تعرضولةالناس ومئات الشهداء والاف الجرحى . العراق اصبح الموضوع المفضل بين قنوات الاخبار من يصير بي حروب وعنف، بس محد يحجي عن التفاؤل والقوةوالوحدةالي حققها هذا الجيل الجديد وشلون الشباب توكف بوجه الموت خلال هذي الاشهر الفاتت من اجل حياةكريمة . وبما انه هسةعبالك خلص هذا الموسم مال الالعاب الحربيةبين رؤساء العالم بحلبةالعراق، العراقيين رجعوا يحيوون المظاهرات ويعيدون الامل للشعب

A post shared by Murt (@the.murt) on

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.