قتلى ونازحون وحرائق.. خسائر كردستان في "مخلب النمر" بالأرقام
لم تنقطع أصوات المدافع وإطلاق الرصاص والغارات الجوية في قرى كردستان الحدودية مع تركيا، منذ فجر الأربعاء الماضي، إثر احتدام المعارك بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، مخلفة خسائر بشرية وأضرارا مادية بين صفوف المدنيين.
وتشهد مناطق الزاب وجقورجى وسيرت وباسيا وآفا شين وحفتانين معارك مستمرة واشتباكات مباشرة بين الجيش التركي ومقاتلي العمال الكردستاني، بغطاء جوّي من غارات المروحيات والطائرات الحربية المسيّرة التركية عليها.
كما تعرضت لهذه الغارات القرى التابعة لناحية سيدكان في محافظة أربيل ونواحي شيلادزي وباتيفا وكاني ماسي ومنطقة برواري بالا التابعة لمحافظة دهوك.
مقتل مواطن ونزوح قرى
يقول أحمد أدني، وهو مواطن من منطقة برواري بالا لـ"ارفع صوتك": "قتل مواطن لغاية الآن، من إحدى قرى برواري بالا، في الغارات. أما الخسائر المادية فكبيرة جدا".
ونزح سكان أكثر من ثلاث قرى حدودية ضمن منطقة برواري بالا لوحدها التي تتألف من ٧٦ قرية، حسب أحمد، مضيفاً أن "أصوات القنابل والانفجارات والاشتباكات المستمرة تقلق سكان القرى والنواحي القريبة من مناطق المعارك".
وأشار أن برواري بالا هي المنطقة الحدودية الوحيدة التي لا تزال تشهد "حياة طبيعية" والسبب برأيه "غالبية المناطق الحدودية الأخرى نزح منها سكانها بسبب المعارك بين تركيا ومقاتلي العمال الكردستاني خلال السنوات الماضية".
ويتزامن القصف الجوي والبري التركي مع قصف مدفعي يشنه الحرس الثوري الإيراني على منطقة آلانة التابعة لقضاء جومان ضمن حدود محافظة أربيل الحدودية مع إيران.
ومن المواطنين الذين نزحوا بسبب المعارك، رهند برادوستي من ناحية سيدكان، واضطر إلى ترك قريته ومزرعته ونزح إلى مركز سوران.
يقول رهند الذي يعيش مع عائلة أخيه الآن "خسرنا كل ما لدينا بسبب العمليات العسكرية التركية والقصف المستمر علينا".
ويضيف لـ"ارفع صوتك": "حاليا كنا نستعد لموسم الحصاد لكن النيران الناجمة عن القصف أحرقت محاصيلنا.. من سيعوّضنا؟".
إدانة حكومية
بدورها، أدانت حكومة إقليم كردستان العمليات العسكرية التي تنفذها القوات التركية داخل أراضي الإقليم وطالبت أنقرة باحترام سيادة أراضيها.
وقال المتحدث باسم الحكومة جوتيار عادل، الجمعة الماضي "نراقب ببالغ القلق والأسف أحداث المناطق الحدودية، التي أسفرت عن وقوع خسائر بشرية ومادية للمدنيين".
وأضاف عبر بيان وصلتنا نسخة منه "ندعو تركيا إلى احترام سيادة أراضينا ووطننا، ونطالب حزب العمال الكردستاني بإخلاء هذه المناطق كي لا يكون سبباً لإثارة التوترات في المناطق الحدودية للإقليم"، معربا عن رغبة حكومة الإقليم بناء علاقات صداقة مع دول الجوار ورفضها اتخاذ أراضيها قاعدة لمهاجمة أي دولة".
وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعم حكومة إقليم كردستان، استنكر، السبت الماضي، القصف التركي -الإيراني على أراضي الإقليم، مطالباً حزب العمال والأطراف الكردية المسلحة الأخرى إلى نقل نشاطاتهم "لساحاتهم الأصلية".
وكشف بيان الديمقراطي عن سيطرة العمال الكردستاني على نحو ٥٠٠ قرية من قرى الإقليم، مشيراً إلى أن استمرار هذا الوضع سيتسبب بالمزيد من القصف ويعرض مناطق أخرى من الإقليم للخطر.
خسائر كبيرة
في ذات السياق، كشف مدير ناحية سيدكان، إحسان جلبي، لـ"ارفع صوتك" عن الخسائر التي لحقت بالقرى الواقعة ضمن حدود الناحية خلال المعارك والغارات الأخيرة.
وتابع جلبي "منذ الأسبوع الماضي وقرى ناحية سيدكان تشهد قصفاً جوياً ومدفعيا مكثفاً أكثر من السابق، أسفرت حتى الآن عن مقتل راع، واحترقت حقول الفلاحيين ومراعيهم بالكامل الأمر الذي دفع بسكان القرى الحدودية إلى بيع أغنامهم ومواشيهم".
وأضاف "هناك 20 قرية تحت تهديد القصف والغارات والمعارك و20 أخرى يعيش سكانها في أوضاع نفسية صعبة في ظل الخوف من امتداد المعارك إليها".
وحسب إحصائيات مدير ناحية سيدكان، نزح خلال العام الحالي سكان ثلاث قرى في حدود الناحية بسبب التوتر العسكري بين مقاتلي الكردستاني والجيش التركي، ووصلت أعداد القرى التي هجرها سكانها بسبب الحرب المتواصلة خلال السنوات الماضية في حدود سيدكان لوحدها إلى ١١٨ قرية.
وقال إن القوات التركية خلال الأشهر الماضية توغلت بعمق نحو 30 كيلومترا في حدود سيدكان، مؤكدا أنه ورغم استمرار الغارات والقصف المدفعي إلا أن هذه القوات لم تتقدم حتى الآن نحو الأمام من أماكنها.
من جانبه، سلط مدير ناحية كاني ماسي التابعة لمحافظة دهوك، سربست صبري، الضوء على الأضرار التي تكبدتها القرى الحدودية في حدود الناحية إثر استمرار المعارك.
وأوضح صبري لـ"ارفع صوتك": "لم يعد باستطاعة الفلاحين في حدود الناحية التوجه إلى مزارعهم لحصد المحاصيل الزراعية ونقلها للأسواق؛ لأن المزارع تعرضت للغارات، ما كبّد الفلاحين خسائر كبيرة حتى الآن، فضلا عن أن 20 قرية تابعة للناحية لا يمكن الوصول إليها، بالتالي تعاني نقصاً في الخدمات، وهي ضمن المنطقة المحظورة أمنياً".
وكانت إدارة ناحية شيلادزي في محافظة دهوك، أعلنت أن ثلاثة أشخاص من سكان الناحية قتلوا إثر تعرض السيارة التي كانت تقلهم لغارة جوية تركية الجمعة الماضي.
واستدعت وزارة الخارجية العراقية، الخميس الماضي، السفيرين الإيراني والتركي وسلمتهما مذكرتي احتجاج، فيما أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن الحكومة ماضية في حماية سيادة العراق ولن تسمح باختطافه.