الصراع على الترند
#غرد_مثل_خلف، #خليك_بالبيت ، #تشريع_قانون_العنف_الاسري، وغيرها من العبارات أصبحت معروفة ومألوفة لمن يستخدم موقع تويتر التواصلي في العراق.
إذ تصدّرت هذه "الهاشتاكات" قائمة "ترند" لأسابيع طويلة.
تظهر قائمة ترند بمعنى "الأكثر تداولاً" على الجهة اليسرى من الصفحة الرئيسية لصفحة تويتر، وهي تشمل المواضيع الأكثر نقاشاً عبر التغريدات لمستخدمي تويتر في موقع جغرافي محدد.
ما هو الهاشتاك؟
هي علامات تصنيف التي تعمل على تسمية المحتوى وتساعدين الأخرين المهتمين بموضوع معين على العثور بسرعة على المحتوى.
يكتب الهاشتاك عن طريق علامة المربع ومن بعدها الكلمة أو العبارة الرئيسية، وتقوم الخوارزمية في تويتر بتصنيف جميع التغريدات التي تحمل الهاشتاك أو الوسم في لوائح عندما يتم البحث أو النقر على هاشتاك معين.
مثال على ذلك إذا نقرنا على #متظاهرين_العراق أو #ثورة_٢٥_اكتوبر، فستظهر جميع التغريدات التي تداولت الموضوع.
يتم استخدام علامة التصنيف في الغالب على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة تويتر.
ولكن الآن يمكن استخدام #الهاشتاگ على منصات التواصل الاجتماعي الاخرى مثل: instagram، facebook,google يتم من خلال الهاشتاك مناقشة وتداول مجموعة من القضايا السياسية او الاجتماعية.
ما هو الترند؟
كلمة ترند تعني الأكثر تداولاً، وهي كلمة إنكليزية Trend كانت تستعمل لتسمية ما هو رائج من أزياء وتسريحات شعر، أي التقليعات الأحدث في عالم الموضة.
واليوم حوّل عالم الأنترنت هذه الكلمة إلى فعل حيث أصبحت Trending لكي تُعلم المستخدم بالمواضيع الرائجة والتي يتم الحديث فيها، أي مواضيع الساعة، في بلده أو أي منطقة جغرافية يختارها.
موقع "كوكل" للبحث يستخدم هذه الخاصية ويبيّن ما هي المواضع الأكثر بحثاً، ولكن في الحديث عن النقاشات والسجالات سوف نستعرض الترند في موقع تويتر.
ويأتي الترند في تعبير آخر " اتجاه الناس في البحث او تداولهم لقضية معينة على محركات البحث الضخمة او الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي".
لم يكن موقع تويتر هو الأبرز والأشهر في العراق إلا مؤخراً، حيث كان يحتل موقع فيس بوك الصدارة في ضم السجال السياسي والاجتماعي والثقافي، وما يزال مستخدماً، ولكن تويتر جاء ليكون المؤثر الأول.
منذ بدايات المواجهات العسكرية العراقية ضد تنظيم داعش الإرهابي، أصبح الحضور العراقي في تويتر ملفتاً.
جاءت مظاهرات أكتوبر لتشهد عشرات الآلاف من الحسابات العراقية الجديدة من العراق لكي تدعم الحراك الشبابي بشكل منظم فظهر هاشتاك #نريد_وطن و #ثورة_اكتوبر، وكان الهدف نقل ما يجري في ساحات التظاهر إلى الرأي العام العالمي. غير أنّ هذه المواضيع لم تصبح "ترند" حتى شهر نوفمبر تشرين الثاني حيث أعاد موقع تويتر خاصية الأكثر تداولاً في العراق بعد أن أوقفته لعدة شهور.
منذ تلك الفترة والتحاقاً بثورة (٢٥_اكتوبر)، بدأ العراقيون بإطلاق وتوحيد الهاشتاگات عبر تويتر، بداية من هاشتاك (#نازل_اخذ_حقي) والذي كان بمثابة انطلاق الشرارة لمودة الاحتجاجت الاخيرة في العراق، وهاشتاك (#ثورة_تشرين) و (#ثورة_٢٥اكتوبر)، وغيرها من الهاشتاگات التي انطلقت مع بداية التظاهرات في العراق، وتداولها الكثير من العراقيين تعليقاً وتعبيراً عن آرائهم في الاحداث والمواضيع المطروحة في المنصات بل وحتى استخدامها كطريقة لإيصال اصواتهم الى الجهات المعنية بذلك بما فيهم الحكومة والساسة العراقيين.
الترند في العراق وموجات التداول
للترند أهمية كبيرة حيث يعكس اهتمامات الشارع الآنية وينقل وجهات النظر المختلفة والمتشابهة في مواضيع معنية، وغالباً ما تكون الفقرة أو يكون الموقف من قضية معينة واضحاُ من خلال عبارة الهاشتاك.
ولذا أصبحت هناك منافسة كبيرة شبيهة بالمد والجزر ما بين الهاشتاكات المختلفة لكي تتصدر قائمة الأكثر تداولاً لما في ذلك من تأكيد "رقمي" على غلبة أنصار ذلك الهاشتاك.
كما لجأ بعض المدونين والمؤثرين في المنصات الى التغريد ونشر هاشتاكات باللغة الانجليزية، لتوسيع نطاق مشاركة اصواتهم وآرائهم مع العالم كله، ولاقت هذه العملية تفاعل بعض الاجانب من دول اخرى مع القضية المطروحة، بل وحتى ادت الى استقطاب الصحفيين الغرب وتفاعلهم مع القضايا ومشاركة هذه الهاشتاگات على صفحاتهم الشخصية.
وبدأ المغردون باستخدام الترند كوسيلة لإيصال آرائهم وتعبيراً عن قضاياهم (العامة والشخصية)، ومطالبة الحكومة بإيجاد حلول صريحة لها، عبر مشاركة هاشتاك معين لهذه القضية.
أصبح الترند في العراق أكثر توجهاً لقضايا الرأي العام والمشاكل التي يعاني منها الفرد والمجتمع، وبدأت تنطلق قضايا مجتمعية يتداولها رواد هذه المنصات مثل قضية ملاك حيدر، السيدة الشابة التي قامت بحرق نفسها بسبب مشاكل أسرية.
أطلق بعض الناشطات هاشتاك "كل_يوم_ملاك" للحديث عن معاناة النساء والفتيات في العراق من خلال نشر تجاربهم الخاصة، وتصدّر الهاشتاك لائحة الأكثر تداولاً في العراق ووصل إلى قوائم الأكثر تداولاً في عدد من دول الخليج، بل إنّ قصة ملاك وصلت للصحافة الإسبانية بفضل الترند.
بعد هذه الحادثة قامت الناشطات النسويات بإطلاق هاشتاك )#تشريع_قانون_العنف_الاسري(، والذي يتم تداوله يومياً، لنشر المطالبة بسنّ قوانين قادرة على حماية المرأة من التعنيف.
ومن جانب آخر نجدأان بعض الميليشيات والجماعات الإسلامية المتشددة والمتحزبين ينظمون حملاتهم الخاصة لتنسيق وتوحيد الهاشتاگات بينهم حسب القضايا المراد طرحها.
ونظراً لأهمية الهاشتاك وموقع تويتر في السجال الاجتماعي العراقي، لجأ عدد منهم إلى تجهيز تغريدات جاهزة تحت هاشتاكات معينة وخصصوا قنوات في موقع تلكرام لذلك هجمات الكترونية منظمة عن طريق إطلاق الهاشتاگات الموحدة او الابلاغ عن بعض الحسابات الناشطة في الرأي العام.
ويستمر صراع الترندات ويأخذ أحياناً شكل المطالبة بالتضامن والمساندة، وهذا ما حصل مع انطلاق هاشتاك (#احنا_ولدج_ام مهند)، تضامنا مع والدة مهند القيسي الذي قُتل في المظاهرات الاخيرة في العراق.
إذ قام البعض بشنّ حملة ضد أم الشهيد عبر تويتر ليصبح هاشتاك (#شهلاء_ام_المنافقين) رائجاً، حيث اتهمت بتزوير الحقائق وتوجيه الاتهامات لأشخاص غير معنيين بمقتل ولدها، بعد أن وجهت أصابع الاتهام نحو أحد القادة السياسيين بمقتل ولدها الوحيد بشكل واضح للأعلام.
مثال آخر على الترند هو صعود هاشتاك "داعش_من_الغربية" بعد تصريحات وزير الدفاع العراقي جمعة عناد لإحدى القنوات التلفازية عن بقايا التنظيم، حيث استغل البعض حساسية الموضوع لإثارة النعرة الطائفية.
ولكن الرد لم يأتِ متحمساً أو تسقيطياً، بل جاء على شكل هاشتاك آخر هو "#الغربية_أهلنا" حيث شارك الآلاف من المغردين بذكرياتهم الجميلة عن المناطق الغربية وحبّهم لأهلها وللعراق بجميع مكوناته ومساحاته فصعد إلى الأكثر تداولاً.
الترند هو سلاح ذو حدين، فأما ان يكون وسيلة لأثارة الرأي العام حول قضايا مهمة يجب التدخل في حلها، ومناقشة بعض القضايا الاجتماعية وايجاد حلول واضحة وصريحة لها، أو أن يصبح وسيلة لشن هجمات محددة وتسقيطية لأشخاص معينين، وقلب دفات الحوار والنقاش الى جوانب غير انسانية وسلبية على المجتمع وافراده.