العراق

بغداد تكشف تفاصيل "عملية الدورة" وتتهم "حزب الله" بتهديد أمن الدولة

26 يونيو 2020

شددت قيادة العمليات المشتركة العراقية أن انتشار عناصر ميليشيا حزب الله في بغداد فجر الجمعة "يهدد أمن الدولة ونظامها السياسي"، نافية في الوقت ذاته الأنباء التي تحدث عن إطلاق سراح معتقلي الميليشيا.

وعاشت العاصمة العراقية فجر الجمعة لحظات فارقة بعد أن انتشر المئات من عناصر ميليشيا حزب الله في شوارعها وجابوا بأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة في الأحياء القريبة من المنطقة الخضراء وفقا لمصادر أمنية عراقية تحدثت لموقع الحرة في وقت سابق.

وجاءت عملية الانتشار بعد مداهمة قوات مكافحة الإرهاب العراقية، في وقت متأخر الخميس، مقر ميليشيا "كتائب حزب الله" جنوبي بغداد وشنت اعتقالات، وصادرت صواريخ كانت معدة للإطلاق.

وقالت قيادة العمليات المشتركة في بيان "إننا وفي الوقت الذي نؤكد فيه خطورة هذا التصرف وتهديده لأمن الدولة ونظامها السياسي الديمقراطي نبين أن هذه الجهات قد استخدمت قدرات الدولة، وبما لا يمكن السماح به تحت أي ذريعة كانت".

وأضاف البيان "تأشر بعد إتمام عملية القاء القبض بشكل واضح تحرك جهات مسلحة بعجلات حكومية وبدون موافقات رسمية نحو مقرات حكومية من داخل المنطقة الخضراء وخارجها تقربت من أحد مقرات جهاز مكافحة الارهاب داخل المنطقة الخضراء، واحتكت به تجاوزا".

وتابع أن "هذه الجهات لا تريد ان تكون جزءا من الدولة والتزاماتها وتسعى الى البقاء خارج سلطة القائد العام للقوات المسلحة الدستورية والقانونية".  

وكشف بيان قيادة العمليات المشتركة تفاصيل ما جرى في ليلة المداهمة وقال إن معلومات استخبارية دقيقة توفرت عن الأشخاص الذين سبق وإن استهدفوا المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي بالنيران غير المباشرة عدة مرات".

وأكد أن "الأجهزة المعنية رصدت نوايا جديدة لتنفيذ عمليات إطلاق نار على أهداف حكومية داخل المنطقة الخضراء".

وواصل البيان " تم تحديد أماكن تواجد المجموعة المنفذة لإطلاق النيران استخباريا، وأعدت مذكرة إلقاء قبض أصولية بحقهم مِن القضاء العراقي وفق قانون مكافحة الإرهاب".

وأشار إلى أنه " تم تكليف جهاز مكافحة الإرهاب بتنفيذ واجب إلقاء القبض والحيلولة دون تنفيذ العمل الإرهابي ضد مواقع الدولة، حسب الاختصاص، ونفذ الجهاز المهمة بمهنية عالية، ملقيا القبض على أربعة عشر متهما، وهم عديد كامل المجموعة مع المبرزات الجرمية المتمثلة بقاعدتين للإطلاق".

وأوضح البيان أنه "حال إتمام عملية التنفيذ تم تشكيل لجنة تحقيقية خاصة برئاسة وزارة الداخلية وعضوية الأجهزة الأمنية، وتم إيداع المتهمين لدى الجهة الأمنية المختصة حسب العائدية للتحفظ عليهم إلى حين إكمال التحقيق والبت بموضوعهم من قبل القضاء".   

وقبل إصدار البيان تضاربت الأنباء بشأن مصير عناصر ميليشيا كتائب حزب الله العراقي اعتقلتهم قوات مكافحة الإرهاب العراقية ليل الخميس وعثرت بحوزتهم على صواريخ كاتيوشا وأسلحة وذخائر جنوبي بغداد.

وفي حين روج قادة فصائل مسلحة موالية لإيران ووسائل اعلام تابعة لهم بأنه تم إطلاق سراح المعتقلين ونشر صور لهم بعد الافراج لهم، نفت مواقع إخبارية عراقية وخبراء أمنيون هذه الأنباء، مؤكدين استمرار اعتقال المسلحين لحين انتهاء التحقيقات.

وعلق الخبير الأمني هشام الهاشمي على مزاعم الافراج عن المعتقلين والصورة التي ترافقت معها بالقول: "لم يطلق سراحهم، وهذا الصورة في سجن أمن الحشد الكائن في منطقة صدر القناة شمال شرق بغداد".

وأضاف الهاشمي في سلسلة تغريدات على تويتر أن موضوع الافراج عن المعتقلين من عدمه مرهون بيد القضاء العراقي، مشيرا إلى أن مذكرة اعتقالهم صدرت من "قاض ينظر في قضايا الحشد".

الهاشمي كشف أن التحقيق مع مسلحي حزب الله يتم من خلال لجنة مشتركة تضم ضباطا من أمن الحشد الشعبي.

وعاشت العاصمة العراقية فجر الجمعة لحظات فارقة بعد أن انتشر المئات من عناصر ميليشيا حزب الله في شوارعها وجابوا بأسلحتهم الخفيفة والمتوسطة في الأحياء القريبة من المنطقة الخضراء وفقا لمصادر أمنية عراقية تحدثت لموقع الحرة في وقت سابق.

وانتشرت مقاطع مصورة تظهر عناصر حزب الله بشاحنات صغيرة يتجولون في العاصمة ويرددون هتافات منددة برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ومتوعدة بالانتقام.

وكشفت المصادر لموقع الحرة أن قائد "كتائب حزب الله، عبد العزيز المحمداوي الملقب بـ "أبو فدك"، وأبو زينب اللامي يقودان الميليشيات التي حاولت "تطويق القصر الرئاسي ومقر جهاز مكافحة الإرهاب"، من أجل الضغط على الحكومة لإطلاق المعتقلين.

ونفى الهاشمي الأنباء التي تحدثت عن محاصرة مقر مكافحة الارهاب، مشيرا إلى أن ما جرى فجر الجمعة كان عبارة عن "استعراض من 30 إلى 34 عجلة في شارع الجادرية والشارع الموازي لشارع المطار من جهة حي العامل استمر لنحو 30 دقيقة".

وقالت مصادر لموقع الحرة إن خطوة الميليشيات بمحاصرة المنطقة الخضراء والمقار الحكومية تأتي بالتنسيق مع إيران، التي تحكم قبضتها منذ سنوات على العراق وتسعى لتعزيز نفوذها ونفوذ جماعاتها المسلحة.

بالمقابل هاجمت ميليشيا كتائب حزب الله الجمعة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، واتهم المسؤول الأمني للميليشيا أبو علي العسكري الكاظمي بـ "خلط الأوراق"، مجددا اتهامه بالمشاركة في قتل قائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس. 

وأبلغ مسؤول في الحكومة العراقية وكالة رويترز في وقت متأخر الخميس أن أحد المحتجزين في عملية مداهمة مقر "كتائب حزب الله" في بغداد هو إيراني الجنسية.

وقال مصدر حكومي ومسؤولان أمنيان آخران لفرانس برس إن الأشخاص الذين تم اعتقالهم في منطقة الدورة في جنوب بغداد، ضبطوا وفي حوزتهم صواريخ معدة للإطلاق.

ومنذ أكتوبر 2019، استهدف أكثر من 33 صاروخا منشآت عراقية تستضيف دبلوماسيين أو جنودا أجانب، منها ستة هجمات خلال الأسبوعين الماضيين فقط.

نقلا عن الحرة

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.