العراق

تجارة المخدرات وتعاطيها في العراق.. ما الذي تغيّر في أزمة كورنا؟

29 يونيو 2020

أكد مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) عبر تقريره العالمي للمخدرات لعام 2020 عن أن تأثير جائحة كوفيد-19 على أسواق المخدرات غير معروف تماماً حتى الآن، إلاّ أن القيود الحدودية والقيود الأخرى المرتبطة بالتصدي لها، تسببت بنقص فعلي في المخدرات في الشوارع، مما أدى إلى زيادة الأسعار وانخفاض في درجة النقاء.

وجاء في التقرير "نتيجة للتداعيات الناتجة عن كوفيد-19، قد يضطر المتاجرون إلى إيجاد طرق وأساليب جديدة، وتزداد أنشطة التهريب عبر الشبكة المظلمة والشحنات عبر البريد، على الرغم من تعطل سلسلة التوريد البريدية الدولية". 

وأشار إلى أن الوباء "تسبب في نقص المواد الأفيونية مما قد يؤدي إلى بحث الأشخاص عن المواد المتاحة بسهولة أكبر مثل الكحول أو البنزوديازيبينات أو الخلط بالعقاقير الاصطناعية. وقد تظهر أنماط استخدام أكثر ضرراً مع تحول بعض المستخدمين إلى الحقن، أو الحقن بشكل متكرر".

صناعة المخدرات وتجارتها

من جهته، حذر الخبير القانوني ياسر حميد من أن ارتفاع معدلات البطالة بسبب فيروس كورونا قد يدفع بالكثيرين لتعاطي المخدرات أو العمل في توزيعها.

يقول لـ "ارفع صوتك" "من شبه المؤكد أن تجار المخدرات الآن يعانون بسبب صعوبة توزيعها. وهذا قد يدفعهم للبحث عن منافذ جديدة وموزعين، خاصة أن صناعة المخدرات شائعة في البلاد".

وكان القضاء العراقي أكد في وقت سابق وجود تجار يسعون لنقل تجربة صناعة مادة الكريستال واستحداث مصانع لهذا الشأن بعضها قيد الإنشاء في العراق.

يضيف حميد "عندما تنعدم فرص العمل يبدأ العاطل باستغلال الفرصة والانخراط بسوق المخدرات للحصول على بعض المال، كما سيضطر المدمن إلى المقايضة بأي شيء أو الاقتراض ودفع ضعف الثمن مقابل منحه المخدرات".

وأصدر القضاء العراقي تقريرا أشار فيه إلى "تزايد خطير" في ظاهرة تعاطي المخدرات لاسيما النوع الذي يطلق عليه اسم الكريستال، خاصة في صفوف شبان الأحياء الفقيرة، إذ بلغت المعدلات في الرصافة وحدها نحو 50 قضية خلال اليوم الواحد.

وتعليقاً على ذلك، يقول حميد "هذه المعدلات كانت قبل تفشي الوباء، ولكنها في تزايد الآن، لأن عملية صناعة المخدرات وتجارتها في أزمة كورونا تحتاج لمتعاطين جدد، لتلقي الأموال التي تتفاوت عادة بحسب جودة المخدرات".

 

قانونياً 

وفق قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017  "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على ثلاث سنوات. وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على عشرة ملايين دينار كل من أستورد أو أنتج وأصنع أو حاز أو أحرز أو اشترى مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية أو زرع نباتاً من النباتات التي ينتج عنها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو أشتراها بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي".

وكذلك عاقبت المادة (33) من القانون نفسه بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن ثلاثة ملايين دينار ولا تزيد على خمسة ملايين دينار كل من سمح للغير بتعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية في أي مكان عائد له ولو كان بدون مقابل

كما نصت المادة (288) من القانون نفسه على "عقوبة السجن المؤبد أو المؤقت وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار ولا تزيد على ثلاثين مليون كل من أدار أو أعد أو هيأ مكاناً لتعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية ومن أغوى حدثاً وشجع زوجه أو أحد أقربائه حتى الدرجة الرابعة على تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية وللمحكمة بدلاً من أن تفرض العقوبة أن تلزم من تعاطي المواد المخدرة بمراجعة عيادة نفسية تنشأ لهذا الغرض لمساعدته على التخلص من عادة تعاطي المخدرات".

في هذا السياق، يقول المحامي ناظم كريم إن "صناعة المخدرات وتجارتها واسعة في البلاد وخاصة في الوسط والجنوب.

ويضيف لـ "ارفع صوتك": "عصابات المخدرات في البلاد لديها خبرة ومسلحة وربّما تتلقى الدعم حتى من شخصيات متنفذة، لذا ليس من السهولة السيطرة عليها".

ويتابع كريم أن "الفساد المستشري في البلاد كان له لدور الكبير في تنامي هذه الصناعة تجارة وتعاطي، لأن الرشاوى والمحسوبية من ضمن أنشطة هذه العصابات".

"خشية الفضيحة"

ويعد مخدر الكريستال من أكثر أنواع المخدرات رواجا في البلاد، فبعد أن كان العراق ممرا للمخدرات إلى الدول المجاورة بات الآن من أكثر دول المنطقة استهلاكا لهذا النوع من المخدرات، حسب مكافحة المخدرات التابعة لوزارة الداخلية.

ونشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية في منتصف أغسطس 2019،  تقريرا أشارت فيه إلى أن محافظة البصرة أقصى الجنوب العراقي أصبحت مركزا لمرور المخدرات من إيران لا سيما الكريستال، وأكدت أن سجون المدينة تكتظ بالمدمنين ومهربي المخدرات من التجار الصغار وأفراد العصابات.

تقول الخبيرة في علم النفس الاجتماعي الدكتورة صبيحة الصالحي إن "تعاطي المخدرات يبدأ عادة بورطة صغيرة لا تقوى الضحية على مواجهتها خشية الفضيحة".

وتضيف "لو كان المتعاطي من أسرة غير فقيرة لما تورط لدرجة تهديده باستهداف أفراد أسرته فيما لو حاول الابتعاد عن هذا الطريق".

وهناك الكثيرون ممن أدمنوا على تعاطي المخدرات ونجحوا في الإقلاع عنها. لكن بمساعدة عوائلهم في ذلك، أما العوائل المفككة فسينتهي الحال بالمتعاطي إلى السجن أو الانتحار، وفق الصالحي.

وكانت مفوضية حقوق الإنسان كشفت عام 2019، عن تسجيل أكثر من سبعة آلاف محكوم بقضايا المخدرات منهم 125 من الإناث. 

وقال عضو مفوضية حقوق الإنسان، فاضل الغراوي، إن "اغلب انواع المخدرات التي يتعاطاها المدمنون هي مادة الكريستال بالدرجة الأولى تليها ماده الكبتاغون أو ما يعرف (0-1). والفئات العمرية الأكثر تعاطيا (25-39) سنة تليها (16-25) سنة، ما يعني أنهم جميعاً شباب".

مواضيع ذات صلة:

أسرى
أسرى عراقيون خلال الحرب الإيرانية العراقية- أرشيفية

لا يزال ملف أسرى ومفقودي الحرب العراقية الإيرانية، ورغم اعلان البلدين اغلاقه منذ عام 2011، يشكّل أحد أبرز الملفات العالقة التي تنتظر التسوية بينهما وسط مطالبات ذوي الضحايا بالكشف عن مصير أبنائهم.

وتنتظر الآلاف من العائلات العراقية عودة أبنائها الاسرى، الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً، رغم مرور 35 عاماً على انتهاء الحرب و43 عاما على انطلاقتها وقد استمرت 8 سنوات، اسفرت وبحسب احصائيات دولية عن مقتل أكثر من مليون و100 الف شخص من الجانبين، وتدمير البنية التحتية والاقتصادية للبلدين وخلفت نحو مليوني جريح وأكثر من 200 ألف اسير ومفقود.

ويتبادل البلدان بين الحين والآخر رفات الجنود الذين قضوا خلال الحرب سواء الاسرى الذي توفوا في معسكرات الأسر او رفات الجنود الذين قتلوا على الشريط الحدودي بين الجانبين.

وفي سياق تقصي ملف الاسرى والمفقودين العراقيين وآخر التطورات التي شهدها هذا الملف، ومن أججل معرفة العدد الحقيقي للأسرى العراقيين المتبقين في إيران، تواصل موقع "ارفع صوتك" مع مسؤولين عراقيين للحديث عن الموضوع، لكن لم يدل أي منهم باي تصريحات عن هذا الملف.

واعتذر المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، عن التصريح حول الملف مكتفيا بالقول لـ"ارفع صوتك"، "لا يوجد لدينا تعليق حول هذا الموضوع".

ولم تتوقف عمليات بحث العوائل العراقية عن ذويها من الاسرى ومن المفقودين خلال السنوات الماضية، التي أعقبت سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين عام 2003. حتى ان عددا من العوائل سافرت الى إيران للبحث عن ذويها، كما تروي لـ"ارفع صوتك" مروة عبدالمحسن، وهي عراقية من بغداد مازال مصير خالها مجهولاً منذ مطلع الثمانينيات، ومازالت تواصل البحث عن مصيره.

تضيف عبدالمحسن:"عندما فقد خالي كنت حينها 9 سنوات، العائلة تلقت بعد مدة من فقدانه رسالة منه وكنا سعداء لأنه أسير حي، لكن هذه السعادة لم تدم طويلا فبعد عامين من الرسائل التي كانت تصلنا بشكل متقطع انقطعت رسائله، حاولنا عبر مراجعة الجهات المعنية معرفة مصيره لكن لم نحصل على أي معلومات، ومع بدء تبادل الأسرى بين البلدين بعد الحرب كانت جدتي تزور الأسرى العائدين وتعرض عليهم اسم ومواصفات خالي آملة أن يتعرفوا إليه، واستمر بحثها الى ما بعد العام 2003 حيث ذكر لها عدد من الاسرى العائدين أنه موجود في السجون الإيرانية مع عدد اخر من الأسرى الذين لم يطلق سراحهم بعد".

زار افراد من عائلة مروة إيران عدة مرات للبحث عن خالها محاولين معرفة السجن الذي يتواجد فيه للعمل على اطلاقه لكنهم لم يتوصلوا الى أي نتيجة، وبحسب مروة، توصلت عائلتها الى معلومات تفيد أن "من تبقى من الاسرى في إيران محكومون بالسجن لسنوات ولن تطلق إيران سراحهم، الا بعد قضاء مدة حجزهم وغالبيتها مدد طويلة تصل الى 60 او 70 وحتى 90 عاما".

وتشير أرقام الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط العراقية الى أن اعداد المفقودين العراقيين في الحرب العراقية الإيرانية بلغت 52785 مفقوداً، فيما يبلغ عدد الأسرى الذين لم يحدد حتى الآن مصيرهم 169 اسيرا.

وتؤكد احصائيات الجهاز على عودة 8467 أسيرا عراقيا خلال الفترة الممتدة ما بين الأعوام 2003 ولغاية 2012، فيما بلغ عدد الأسرى المتوفين في معسكرات الاسر الإيرانية 1627 اسيراً، تسلم العراق حتى عام 2012 رفات 1166 منهم، فيما الإجراءات مستمرة للحصول على رفات الآخرين المدفونين في إيران والبالغ عددهم 461.

وتشير المتحدثة الرسمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق، هبة عدنان، الى التأثيرات العاطفية والنفسية لفقدان أفراد العائلة في الحرب العراقية الإيرانية انتقلت عبر الأجيال بما يشكل الصدمة، "نلاحظ هذا من خلال التفاعل مع العائلات التي تزور مركز الزبير في محافظة البصرة لاسترداد رفات أقاربها المفقودين"، كما تقول عدنان.

وتلفت عدنان الى أنه وبحسب إعلان كلا الحكومتين، فإن ملف الأسرى قد اغلق رسمياً، وجرى آخر تبادل للأسرى بينهما عام 2003 تحت إشراف اللجنة الدولية للصليب الاحمر.

وتضيف عدنان لـ"ارفع صوتك": "اغلاق ملف أسرى الحرب لا يعني توقف البحث عن الاشخاص الذين لا يزالون مفقودين جراء الحرب الايرانية العراقية، فهناك آلية عمل ثلاثية بين العراق وإيران والصليب الأحمر لمعرفة مصير العسكريين الذين فقدوا جراء هذه الحرب وتترأس اللجنة الدولية للصليب الاحمر هذه الآلية منذ العام 2008، وتسهل الحوار وتبادل المعلومات بين العراق وإيران في إطار هذه الآلية"، مشيرة الى أن "الصليب الأحمر يدعم أيضًا جهود السلطات لتوضيح مصير ومكان الأشخاص المفقودين وتشرف على عملية تبادل الرفات البشرية والتي يعثر عليها بشكل دوري".

وتؤكد عدنان أن الآلية هذه تمكنت في العام 2022، من استعادة 236 مجموعة من الرفات البشرية، التي سُلمت من العراق إلى إيران و45 مجموعة سُلمت من إيران إلى العراق. وفي النصف الأول من عام 2023 الحالي، سُلمت 71 مجموعة من الرفات البشرية من العراق إلى إيران و4 مجموعات من الرفات البشرية سُلمت من إيران إلى العراق.

وتضيف عدنان "على الرغم من ان مسؤولية التعرف على الرفات البشرية تقع على عاتق السلطات والدول، مع ذلك فإن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تسعى جاهدة لتعزيز قدرات السلطات المحلية من خلال توفير خبرتها المتميزة في جميع أنحاء العالم حول كيفية التعامل مع الرفات البشرية وتقديم المشورة لممارسي الطب الشرعي، وتجهيزهم بالأدوات والخبرات اللازمة حول أفضل الممارسات في عملية الفحص وتحديد الهوية وضمان تطبيق المعايير الدولية في عملية جمع البيانات".

وبحسب احصائيات الجهاز المركزي للإحصاء بلغ عدد رفات الجنود العراقيين، التي استخرجت ما بين الأعوام 1991 ولغاية 2012، من مناطق العمليات على الشريط الحدودي العراقي الإيراني 15883 رفاتاً، بينما بلغ عدد رفات الجنود الإيرانيين المستخرجة من مناطق العمليات خلال الفترة نفسها 399 رفاتاً.