العراق

"النفط وكورونا السبب".. العراق وأزماته الاقتصادية

30 يونيو 2020

أعلن الجهاز المركزي للإحصاء، أن نصيب الفرد العراقي من الناتج المحلي للفصل الأول من العام الحالي بلغ 1100 دولار.

وقال الجهاز التابع لوزارة التخطيط، إن "متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي بالأسعار الجارية للنصف الأول من العام الحالي 2020 بلغ مليوناً و351 ألف دينار أو ما يعادل 1100 دولار، مقارنة بالفصل الأول من عام 2019 التي بلغت فيها مليوناً و707 ألف دينار أو ما يعادل 1300 دولار بانخفاض بلغ 12.3%".

وأضاف أن "متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي بالأسعار الجارية للنصف الأول من العام الحالي انخفض أيضاً عن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي للفصل الرابع من عام 2019 الذي بلغ 1400 دولار وبمعدل 21.4%".

وتعليقاً على ذلك، يقول الخبير الاقتصادي جاسم خالد، إن "متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي بالأسعار الجارية للنصف الأول من العام الحالي أقل بكثير، والقدرة الشرائية في تراجع كبير بسبب إجراءات حظر التجوّل للحدّ من تفشي فيروس كورونا".

ويضيف لـ"ارفع صوتك" أن "تدهورالأوضاع المعيشية في البلاد وتزايد الفقر نتيجة حتمية لسلسلة من الأزمات الاقتصادية، فضلاً عن وجود جهات مستفيدة من ذلك".

وكانت وزارة التخطيط العراقية أكدت في وقت سابق ارتفاع نسب الفقر في البلاد وتجاوزه في بعض المحافظات 50%

يقول خالد إن "الإصرار على ربط ميزانية الدولة بالنفط فقط هو الذي جلب المزيد من الفقر والأزمات، لذا تزايدت البطالة وقلت فرص العمل الحكومي، فلجأ العاطل لمهن بأجور غير مناسبة بحثاً عنما يؤمن رزقه اليومي".

 

إجراءات الاغلاق

وشهد العراق منذ بداية الحظر والإغلاق بعد جائحة كورونا، أزمة اقتصادية كبيرة، حيث فقد آلاف العراقيين مصادر رزقهم، كما تعطّلت أعمال آخرين.

وكانت مولات العاصمة بغداد، ناشدت رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بـ"إعادة تنشيط الحركة الاقتصادية لأن غلق مراكز التسوق أثر على حياة المواطنين". 

في هذا السياق، يقول قصي ريسان (48 عاماً)، وهو صاحب متجر لبيع المواد الغذائية والاستهلاكية المختلفة، إن "حظر التجوّل تسبب بخسارات فادحة لهم، لأن أصحاب الأملاك من المحال التجارية يصرون على استيفاء الإيجارات الشهرية كاملة وكأن الأزمة الاقتصادية الأخيرة لا تعنيهم".

ويضيف لـ "ارفع صوتك": "كمافرض ت الحكومة الغرامات المالية على الكثير من المحال التجارية التي أعيد فتحها للزبائن خلال وقت الحظر أو الإغلاق".  

ويتابع ريسان، أن "الناس لم تعد ترغب بالتسوق والشراء خشية أن تطول إجراءات الإغلاق ويسوء الوضع أكثر في البلاد".

 

ارتفاع الأسعار

وأدت أزمة كورونا إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية والأدوية والبضائع المختلفة، فضلا عن احتكار البعض منها.

تقول الحاجة هدية خليل، إن "الحكومة فرضت أن توزع الحصة التموينية مجاناً هذه الفترة بسب الأزمة الاقتصادية ولكن بعض أصحاب الوكالات الخاصة بتوزيع الحصة فرضوا علينا المبالغ المالية مقابل تسليم الحصة التموينية". 

وتضيف لـ "ارفع صوتك": " وتُباع الأدوية بأسعار مضاعفة، مثل أدوية ارتفاع ضغط الدم".

وجرائم السرقات والاحتيال "زادت" لأن "الكل عاطل عن العمل" حسبما تقول هدية، مضيفة "وأنا أعرف من قام ببيع سيارته أو أثاث بيته وكذلك المصوغات الذهبية لتوفير بعض المبالغ المالية لسد الاحتياجات اللازمة".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.