العراق

كورونا عبر مكبرات الصوت.. "رعب" في أحياء عراقية

02 يوليو 2020

لم يعد انطفاء التيار الكهربائي هو ما يوقظ الناس من نومهم، فدوي مكبرات الصوت بدءا من أرقام الأزقة والمنازل وحتى اسم المصاب بفيروس كورونا باتت تتسبب في حالة من الذعر للذين يعيشون في هذه المناطق.

كانت بشرى حسين (48 عاماً)، من بين الذين يشعرون بالرعب من أصوات المكبرات، تقول لـ "ارفع صوتك": "مشكلة أن تسمع أصوات المكبرات التي تبثها سيارات شرطة النجدة والإسعاف في شوارعنا بحثاً عن منزل مصاب بفيروس كورونا لنقله إلى أقرب مستشفى".

وتضيف: "كان الجو حاراً جداً والكهرباء مطفأة، كان دوي مكبر الصوت مخيفاً ويشعرك بالقلق".

وتشير  إلى أن هذه المكبرات وهي تنادي برقم الزقاق أو اسم المريض تجعلك بين خيارين، إما العزلة في المنزل أو الإيقان بأنك ستكون المصاب التالي، خاصة إذا كان العنوان الذي تبحث عنه لفرد من أفراد جيرانك بالمنطقة.

دوريات الشرطة

وظهر استخدام مكبرات الصوت بشكل كبير بتعامل دوريات شرطة النجدة مع إجراءات حظر التجوّل بسبب تفشي وباء كورونا.

يقول مؤيد كريم (34 عاماً) لـ"ارفع صوتك"، إن "دوريات الشرطة بدأت تستعين بمكبرات الصوت بعد حظر التجوّل للتأكد من إغلاق المحال التجارية وتفريق تجمعات الناس خشية تفشي فيروس كورونا".

ويضيف "لكن الاستعانة بهذه المكبرات للبحث عن تواجد المصابين بمناطقنا تسبب في ضغوط نفسية وإنسانية".

ويشير  مؤيد إلى أن أقربائه اضطروا للاتصال بسيارة إسعاف لنقل مريضهم المصاب بفيروس كورونا المستجد للمستشفى، بعد أن كانوا تجاه خيار واحد فقط وهو إنقاذه من الموت.

"لكنه مات، وبقيت الوصمة تلاحقهم" يقول مهند.

 

الوصمة الاجتماعية

من جهتها، تقول الخبيرة في علم النفس الاجتماعي الدكتورة صبيحة الصالحي، إن "الاستعانة بمكبرات الصوت في المناطق يخلق نوعاً من الخوف والشعور بأن هذا المصاب كائن غير مرغوب فيه، وهو أول ما يتبادر لذهن الكثيرين عند سماع دوي أصواتها".

وتضيف لـ "ارفع صوتك" أن "النظرة المجتمعية تجاه المصاب بفيروس كورونا تسببت بوصمة واقترنت بحياته، وحتى بحياة أفراد أسرته".

وتتابع الصالحي "الجهل المحيط بالوباء لأنه جديد، له تأثير سلبي على حياة المصابين لدرجة أن عائلة المصاب تحاول أن تتكتم على الأمر وترفض الاستعانة بسيارة إسعاف أو الذهاب للفحص الطبي خشية التعرض للتميز أو الوصمة الاجتماعية".

وتشير  إلى أنه بعد ظهور نتائج الاختيارات الطبية لشخص ما بأنه مصاب تبدأ سيارة الإسعاف بالبحث عنه داخل منطقته لنقله إلى أماكن العزل، لذا فهي تضطر  إلى الإعلان عنه بمكبر الصوت لأن مهمة الوصول للمصاب غير سهلة.

وكانت وزارة الصحة والبيئة أعلنت، الخميس الماضي، عن تسجيل 2184 إصابة بكورونا والوفيات 110 ليكون مجموع الإصابات 53708، بينما مجموع حالات الشفاء 27912 ومجموع الراقدين الكلي 236366، والراقدين في العناية المركزة 326، ومجموع الوفيات الكلي 2160.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.