العراق

ناجية أيزيدية تحتفل: تحريري من داعش يوم ميلادي

رحمة حجة
03 يوليو 2020

في الأول من يوليو، كل عام، تحتفل العراقية الأيزيدية حلا سفيل (24 عاماً)، بيوم ميلادها "الجديد" حيث وافق تحريرها من تنظيم داعش.

وهذه السنة، كالسنة الماضية، والتي سبقتها، تطفئ الشمع على قالب الحلوى بين عائلتها ومحبّيها، وتشارك متابعيها على صفحتها في فيسبوك ذكرى ميلادها عام 2017.

وفي كل احتفال بتحريرها تتذكر حلا البقية من النساء والرجال أيزيديين الذين لم يعودوا حتى الآن

وكتبت حلا "يوم تحريري يوم سعيد لي.. سأختصر لكم بعض المعاناة التي عشتها خلال فترة اختطافي".

وكانت حلا اختطفت يوم الثالث من أغسطس 2014، من قبل عناصر تنظيم داعش، وبقيت في معاقلهم ثلاث سنوات، ذاقت فيها الصعاب.

تقول "تعرضنا لمختلف طرق التعذيب والاغتصاب والإهانة والقتل والسبي والبيع في أسواق النخاسة. وقبل ثلاث سنوات تحررت في الجانب الأيمن من الموصول وعدت لأهلي وناسي".

"وبهذه المناسبة أحب أشكر كل من وقف معي وساندني و شجعني وأشعرني بلذة الحياة، مثل كل فرد، وأحب أن أشكر كل واحد وقف مع الناجيات وساعدهنَ مادياً ومعنوياً، وأوجه شكراً خاصاً للناشطين والناشطات في مجتمعي وكل الحب و التقدير لكم جميعاً لوقوفكم المستمر مع الناجيات. أنتم الأمل وأنتم السند" كتبت حلا، التي وقعت رسالتها بعبارة "ناجية أيزيدية خرجتُ من بين الحطام".

 

احتفالها عام 2019

احتفالها عام 2018

 

قصّة اختطافها

وحلا وهي ناشطة في التوعية بقضايا المختطفين والمختطفات من الأيزيديين لدى تنظيم داعش، وما زالوا حتى اليوم مجهولي المكان، بعد مرور ثلاث سنوات على تحرير المناطق العراقية التي خضعت لسيطرة التنظيم الإرهابي.

ونشرت في وقت سابق قصتها، قالت "كنت أعيش مع عائلتي في قرية تلقصب جنوب قضاء سنجار ، وفي أحد أيام شهر آب 2014 هربت مع عائلتي إلى قرية قني بالقرب من جبل سنجار، بعد تعرض الأيزيديين إلى الإبادة الجماعية في تلك القرية، وعندما وصلوا إلينا قاموا باعتقالنا جميعاً".

وتصف حلا عناصر داعش بالقول "رأيناهم كأنهم ليسوا بشراً، وخفت من شكلهم ومن راياتهم السوداء. أخذوا كل الرجال و قتلوهم الطلقات النارية، وهي مجزرة قني، الآن هم في مقبرة جماعية".

"بعد أن تخلصوا من جميع الرجال وعادوا إلينا وأخذوا جميع الممتلكات بقينا فقط النساء والأطفال والفتيات، نعاني الخوف، وكنا نصرخ بأعلى صوتنا، نطلب النجدة، ولا أحد يستجيب. سجنونا في قاعة كبيرة ورأينا على ملابسهم دماء الآباء و الإخوة، كنا نخاف من نظراتهم الغدارة  والشريرة، وقالوا لنا (قتلكم حلال لأنكم كفار أنتم أيزيديون أهالي قضاء سنجار سنأخذكم ونغتصبكم كباراً وصغاراً" تتابع حلا.

وقضت النساء والأطفال أول ثلاثة أيام في معاقل داعش من دون طعام وشراب، ثم تم نقلهم لسجن "بادوش"، وحينها تعرض السجن للقصف فعاد الجميع إلى تلعفر، حسبما تذكر حلا.

وتروي "فصلوني عن مصدر فرحتي وهي أمي وفصلوني عن سر سعادتي وهي شقيقتي وفصلوني عن حبيبتي وهي زوجة شقيقي، وفصلوا كل الفتيات عن أمهاتهن وأخذونا نحن الألف فتاة الفتيات إلى محافظة نينوى وأجبرونا على ارتداء ملابس جميلة".

وتم عرض الفتيات للبيع في أسواق داعش، تقول حلا "اشتراني أحدهم، وأثناء ذهابي شاهدت أخي سعد، وفوجئت أنه لم يمت، وصدمت برؤيته، وفي نفس الوقت حزنت لرؤيته يبكي ويصرخ في السيارة ويراقبني وهو لا يستطيع مساعدتي".

وتضيف حلا "الشخص الذي اشتراني قام باغتصابي، ولم تنقذني لا صرخاتي ولا دموعي، كنت مربوطة بالسرير،  وبعد شهر باعني لداعش آخر، ليتكرر الاغتصاب والضرب".

وهناك، حاولت حلا الانتحار أكثر من مرة كما حاولت الهرب ولم تنجح بالهرب من معاقلهم. وبعد أن أخذوها إلى محافظة نينوى وحدث هناك هجوم على داعش من قبل الحشد والجيش العراقي، نجحت حلا في الهرب أثناء هذه المعارك.

ووصلت أولاً إلى قوات الحشد الشعبي، وعن طريقهم وصلت لمكان آمن في بيت عائلة من الموصل، تقول حلا "صاحبة البيت اعتبرتني كابنتها.. لا أنسى فضلهم. وفي اليوم التالي أخذوني إلى الشرطة وأخبرتهم أنني أيزيدية من قضاء سنجار".

 

"أنتن قدّيسات"

ومن خلال الشرطة حاولت التواصل مع أحد أفراد عائلتها أو معارفها، تقول حلا "لم أكن أعرف شيئًا عن أي أحد من أفراد عائلتي، وتواصلت مع الأٍتاذ خضر إلياس مشرف محافظة نينوى، وأخبرته أنني أخشى العودة، حيث قال لنا الدواعش إن الأيزيديين يقتلون بناتهم بعد عودتهن (بعد أن ضربونا واغتصبونا) فقال لي (لا يا ابنتي، أنتن قديساتنا وعلى رؤوسنا) وحين سمعت هذه الكلمات طرت من الفرحة".

أخذت الشرطة حلا إلى بعشيقة وسلمتها إلى مدير دائرة المختطفات حسن كورو القائدي، حسبما تقول.

وبعد منتصف الليل التقت أخويها فواز وعُمر، تقول حلا "كأنني امتلكت العالم بأكمله وفي نفس اللحظة عانيت حين لم أجد أمي وبقية العائلة".

رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.