العراق

هل قتلت "كتائب حزب الله" هشام الهاشمي؟

07 يوليو 2020

بعد ساعات فقط من مقتل الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي، وجهت أصابع الاتهام لميليشيا كتائب حزب الله المدعومة من إيران بالتورط في مقتله، وأصبح أكثر هاشتاغ  متداول في تويتر بالعراق هو #كتايب_حزب_الله_تغتال_الهاشمي.

ويستند مئات المدونين العراقيين الذين كتبوا تحت هذا الوسم إلى التهديدات التي تحدث عنها الهاشمي مع مقربيه، والتي قال فيها إن "كتائب حزب الله هددته بالتصفية".

وقال الهاشمي لعدد من مقربيه، من ضمنهم صحفي عراقي يعمل في قناة الحرة إنه " يتلقى بشكل دوري تهديدات بالقتل".

كما أنه أبلغ زعيم تيار "مواطنيون"، الناشط غيث التميمي في مقابلة مع قناة الحرة إن الهاشمي تلقى تهديدات من كتائب حزب الله العراقية قبل اغتياله.

وعرض التميمي رسائل متبادلة بينه وبين الهاشمي يطلب منه فيها نصيحته في التعامل مع هذا التهديد.

وقبل مقتله، هدد المتحدث باسم كتائب حزب الله "أبو علي العسكري"، باختطاف الهاشمي، في رد على تغريدة للهاشمي بشأن اعتقال المتورطين بإطلاق صواريخ الكاتيوشا على مناطق متفرقة من بغداد.

العسكري، ويعتقد أن اسمه الحقيقي حسين مؤنس، قال للهاشمي بنبرة تهديد "هل تحب أن نجلبك إلى مقر الكتائب".

وسبق هذا كشف الهاشمي لهوية مؤنس، الذي هدد شخصيات عراقية رفيعة منها رئيس الوزراء باستخدام حساب يحمل اسم أبو علي العسكري على تويتر، لكن الهاشمي كشف هويته الحقيقية وصورته أيضا.

لكن ليس هذا فقط ما أدى إلى اتهام الكتائب بالتورط في مقتله، وإنما أيضا بتشابه أسلوب الاغتيال مع اغتيالات أخرى يعتقد أن الكتائب نفذتها، ومنها اغتيال الناشط المدني فاهم الطائي في كربلاء.

ويقول الصحفي العراقي حسان الشاوي إن "عمليات القتل التي يعتقد إن الميليشيات تنفذها تحمل بصمات متشابهة دائما".

واغتيل الطائي بنفس الأسلوب، على يد قاتل يستقل دراجة نارية ويحمل مسدسا كاتما للصوت، ويجلس إلى الخلف من سائق الدراجة، كما أنها طريقة مشابهة لقتل ناشطين آخرين منهم الصحافي العراقي أحمد عبد الصمد، والناشط قدوس في محافظة ميسان، وناشطون آخرون.

ويضيف الشاوي لموقع "الحرة" إن "الميليشيات لا تجد حرجا في التخلص من أعدائها سواء بتشويه سمعتهم أو بتهديدهم أو بقتلهم في حال لم يتراجعوا، ويبدو أن الهاشمي لم يتراجع عن انتقاداته لها".

وعقب مقتل الهاشمي، نشرت حسابات مؤيدة للميليشيات تغريدات تهلل لمقتله، قبل أن تحذف أغلب تلك التغريدات بعد صدور تعزية رسمية من قبل إعلام الحشد الشعبي العراقي الذي تنتمي إليه كتائب حزب الله.

وقبل مقتله، تعرض الهاشمي إلى حملة تهديدات مكثفة، شملت إنتاج فيديوهات وصور عنه، بنفس الطريقة التي أنتجت بها فيديوهات مشابهة لأشخاص اختلفوا مع الميليشيات.

ويقول الناشط سنان العامري إن "الميليشيات شنت حملة مكثفة لتشويه صورة الهاشمي، استخدم فيها فيديوهات منتجة بشكل حرفي تحتوي اتهامات مختلفة للهاشمي، كما إن صورا له نشرت بنفس أسلوب إعلام الكتائب حينما تهاجم أعداءها وتحاول تشويه سمعتهم".

وفور مقتل الهاشمي، انتشرت صورة لبيان قيل أنه لداعش، وهي تتبنى عملية مقتل الهاشمي، لكن جهات فنية عراقية متخصص قالت إن البيان مزور، وإن داعش لم يتبن العملية.

ويضيف العامري لموقع "الحرة" "تستخدم الكتائب نفس أسلوب داعش في عمليات التشويه والتصفية، تبدأ بشيطنة الشخص بشكل ممنهج لتقليل الضرر في رد فعل الرأي العام على استهدافه، ثم تتخلص منه، ثم تبدأ بنشر الأكاذيب والإشاعات بشأن الحادثة لتجنب رد فعل موحد".

وقبل ساعات أو ربما دقائق من اغتياله أطل  الهاشمي في مقابلة متلفزة عبر محطة محلية انتقد فيها ما أسماه "خلايا الكاتيوشا" التي تطلق الصواريخ وتهاجم البعثات الديبلوماسية في العراق.

واغتيل الهاشمي وسط العاصمة العراقية الاثنين، بعد خروجه من هذه المقابلة ووصوله إلى مقربة من منزله من قبل مسلحين مجهولين يستقلون دراجات نارية.

وفارق الهاشمي الحياة متأثرا بإصابات بالغة في الرأس والصدر، في مستشفى ابن النفيس، وسط العاصمة العراقية. 

ودأب الهاشمي على الدفاع عن سلطة القانون والدولة في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو خبير أمني معتمد من قبل وسائل الإعلام العربية والعالمية وعدد من جامعات ودور البحث في العالم.

 

نقلا عن موقع الحرة 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.