العراق

"قتلونا معك يا هشام"

رحمة حجة
07 يوليو 2020

"قتلونا معك يا هشام" عبارة كتبها شباب من ثورة أكتوبر ورفعوها في ساحة التحرير، نعياً للباحث والخبير الأمني في شؤون الجماعات الإرهابية، هشام الهاشمي.

صورة من تشييع رمزي لهشام الهاشمي داخل ساحة التحرير/ بغداد

وصفحات العراقيين منذ لحظة اغتيال الهاشمي، أمس الاثنين، يملأها الوجع والحزن والصّدمة على رحيله، وخوف من أن تكون هذه الواقعة بداية مرحلة جديدة في تعزيز حكم المليشيات داخل البلاد بشكل أقوى وأعنف.

كتبت الناشطة العراقية هدى على صفحتها في تويتر "أعتقد استشهاد هشام كان القشة التي قسمت ظهر البعير لكثير من الشباب العراقي الوطني، اللي كان لا يزال يتحلّى ببعض الأمل.. إذا ما صارت معجزة ترجّع هذا الأمل، فهذه نهاية المطاف مع العراق للكثير منّا".

 

وكتب الروائي العراقي أحمد السعداوي "حكومة الكاظمي تقترب من كونها مجرد نسخة أخرى من حكومة عبد المهدي، التي لا حول ولا قوّة لها أمام هيمنة ونشاط الجماعات المسلحة الخارجة على القانون".

وأضاف في تغريدته على تويتر  "إما نكون على سكّة العودة الى دولة القانون، أو السقوط التام والكامل بيد إرهاب الجماعات المسلحة. هذا الاختبار الحاسم أمام حكومة الكاظمي".

الشاعر عبّاس التميمي، كتب على صفحته في فيسبوك "نعم إنها دولة الميليشيات، عندما تنتقد المولى والمرجع والزعيم في ولاية البطيخ، هكذا سينتهي بك الأمر. جسد منخور بالرصاص أمام باب منزلك".

وفي تغريدة لعبّاس على تويتر كتب "اغتيال د. هشام رصاصة بعثت بظرف لكل أحرار العراق اللي يرتفع صوته (مصيره الاغتيال في عقر داره)".

 

وفي ساحة التحرير، خرجت مسيرة تشييع رمزية للهاشمي، الذي قتل أمام بيته شرقيّ العاصمة بغداد برصاص مسلّحين في رأسه وصدره، بعد نقله لمستشفى ابن النفيس.

ورفع المتظاهرون لافتات تطالب بتحقيق العدالة وعقاب القتلة، خصوصاً أنه ليس الأول في سلسلة اغتيالات طالت عديد النشطاء والصحافيين العراقيين، منذ اندلاع ثورة أكتوبر العام الماضي، ولم يتم محاسبة أيّ من مرتكبيها حتى الآن.

ومن الشعارات التي رفعها الشباب خلال التظاهرات "خامنئي قاتل ومليشياته أهل الباطل".

 

 

 

 

الهجرة أو البقاء؟

هناك العديد من المحاور المفتوحة للنقاش في مواقع التواصل الاجتماعي، ولا تزال الوسوم المرتبطة باغتيال هشام الهاشمي الأنشط حتى كتابة هذا التقرير.

ومن هذه المحاور، فكرة أن تكون جريئاً وشجاعاً وتعبّر عن رأيك بحريّة داخل العراق، حيث بات هذا الأمر مفارقة، إذ لا مفرّ من تهديد حملة السلاح، ومن لم يستسلم لرغباتهم أو لم يهاجر، لن ينجو.

لذلك كانت أبرز المحادثات التي نشرها عراقيون وعراقيات بينهم والرّاحل الهاشمي، تتعلّق إما بالحذر في خوض التفاصيل والجرأة في التعبير عن الرأي، أو التهديدات بالقتل، وخيار الهجرة كطريقة للنجاة.

إلا أن الهاشمي، لم يُهاجر، وقرّر أن يبقى في مواجهة حتفه، على الرغم من تجذيره آخرين من هذا المصير المحتوم.

 

 

وإن كان من مشهد يعبّر حرفياً عن "القتل بدم بارد" فهو مشهد اغتياله، لم يتردد قاتله لحظة واحدة، وقف أمام شبّاك سيارة الهاشمي المفتوح، أطلق رصاصات عديدة على جسده ورأسه وصدره، وسط أطفاله الثلاثة، وهرب!

هل هذا التسجيل الأول؟ بالطبع لا، فكل جريمة اغتيال واختطاف تقريباً تم توثيقها بالفيديو عبر كاميرات مراقبة أو متظاهرين أيام ثورة أكتوبر، إلا أن أي شيء من ذلك لم يؤخذ على محمل الجد حتى الآن لتأخذ العدالة مجراها.

وبسبب أهمية العمل البحثي الذي كان يقدّمه الهاشمي من داخل العراق، عن الجماعات الإرهابية ثم عن المليشيات والحشد الشعبي، وبسبب وقوفه مع أحلام وطموحات الشباب الثائر، ومساندتهم، كان وقع اغتياله قاسياً جداً، وربما باعثاً لليأس حول جدوى التغيير أو حتى المطالبة به.

فالهاشمي، كان من الباحثين والمختصّين القلائل الذين أعربوا عن وقوفهم إلى جانب المتظاهرين، دون البقاء في منطقة الحياد أسوة بآخرين، في الوقت الذي حرصت جهات إعلامية حزبية وتابعة للحكومة السابقة باتهام المتظاهرين بأنهم أصحاب أجندات خارجية غايتهم تدمير العراق.

"صمت المرجعية"

اتهم عشرات النشطاء المرجع الديني الأعلى لشيعة العراق، علي الحسيني السيستاني، وهو الذي أصدر فتوى الجهاد الكفائي لمحاربة داعش لتتشكل بعدها قوات الحشد الشعبي، بأن صمته على الاغتيالات والجرائم المتكررة للمليشيات الممولة من إيران، ضوء أخضر للقتلة.

واستخدم عدد منهم وسم #المرجعية_صمام_امان_القتلة.

بعد 24 ساعة من إستشهاد العراقي #هشام_الهاشمي إذا المرجعية الشيعية لم تعلن إدانتها وإستنكارها لمقتل العراقي, كما أعلنت على "خارجين عن القانون في السعودية والبحرين" سيتأكد لي إنها صمام أمان القتلة والفاسدين والعملاء وأعداء العراق, وحينها سأترك التَشَيُع.
#سئمنا_المرجعية_الإيرانية

 

 

 

رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.