العراق

رحيل شيخ الخطاطين... هل يهدد باندثار المهنة؟

08 يوليو 2020

خاص- ارفع صوتك

"ولد الخط ومات في بغداد"، عبارة أطلقها الخطاط التركي الشهير حامد الأمدي، في إشارة إلى ولادة هذا الفن على يد الخطاط العباسي ابن البواب،  أما المقصود بالموت فهو رحيل الخطاط هاشم البغدادي، الذي يعد أحد أساطير هذا الفن في العصر الحديث.

ومنذ رحيل البغدادي في سبعينيات القرن الماضي، أخذ تلامذته ومجايلوه على عاتقهم الاستمرار بنهضة رسم الحرف العربي وإتقان أبعاده، وكان أبرزهم الأستاذ يوسف ذنون، المولود عام 1932 في مدينة الموصل.

وتوفي ذنّون في الثالث من يوليو الجاري، تاركا إرثا فنيا ضخما في هذا المجال، فلا يزال أكثر من 500 جامع في العراق يحمل لمساته الخطية، أما كتبه وأبحاثه وتأسيسه لمركز بحوث، فاستطاع من خلالها الحفاظ على فن الخط وتطويره، وكان لذلك "فقيه الخط العربي".

يقول رئيس قسم الخط العربي في معهد الفنون الجميلة حيدر ربيع لموقع "ارفع صوتك" إن "رحيل ذنون سيترك ثغرة في عالم الخط العربي، لكن مع ذلك فإن هذا الفن مستمر بالازدهار حالياً في البلد، نظراً لوجود نخبة من الشباب الذين يحسب لهم حساب عند مشاركتهم في المهرجانات".

ويشير  إلى أن الغالبية العظمى من جوائز المسابقات أو المراتب المتقدمة، على مستوى عربي، تكون من نصيب الخطاطين العراقيين.

 

قلة المهرجانات المحلية 

كان مهرجان بغداد الدولي للخط والزخرفة الذي انطلق عام 1988 محفلاً مهما للمهتمين بهذا الفن من كل دول العالم، إلا أن انحسار دوراته لاحقا، بسبب الأوضاع السياسية فترة التسعينيات، أفقد الخطاطين روح المنافسة، التي كانت حاضرة دائما في هذه المناسبات، وفق رئيس جمعية الخطاطين العراقيين روضان بهية.

ويقول بهية إن "قلة المهرجانات المحلية لم تُفقد الخطاط العراقي سيطرته في المنافسات" مضيفاً لـ"ارفع صوتك": "مهرجانات ومسابقات الخط العربي التي تقام في دبي واسطنبول وحتى القاهرة خير بديل عمّا فقدناه في بلدنا من تلك المنافسات".

ويؤكد "علو كعب الخطاط العراقي أينما حل، ورواج بيع لوحاته الخطية خارج البلد" على حد وصفه.

 

جيل جديد وأفكار جديده  

يرى الفائز بمسابقة عمان للبوستر عام 2007 كاظم العمران، أن رحيل جيل الخطاطين الرواد لن يؤثر على مكانة هذا الفن في العراق، مشيراً  إلى وجود مجموعة من الخطاطين الشباب يحملون أفكارا وروحاً جديده في عالم الخط، لم تكن موجوده في زمن الرواد.

ويضيف لموقع "ارفع صوتك": "هناك لوحات لخطاطين شباب نقف أمامها بإعجاب كبير نظرا لتكويناتها والمغايرات الجديدة التي لم يعهدها الرواد أو الجيل الذي جاء بعده".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.