مبادرة لحل أزمة تكدّس المحاصيل الزراعية في كردستان
حماية المحاصيل الزراعية من التلف ومساعدة المحتاجين تمثل أبرز أهداف المبادرة التي أطلقتها مجموعة من المنظمات المحلية في كردستان العراق، عبر شراء كميات من المحاصيل الزراعية وتوزيعها على المحتاجين وذوي الدخل المحدود من سكان محافظة أربيل.
واحتشد، الاثنين، عشرات الفلاحين على الطريق الرابط بين محافظتي أربيل ونينوى وأتلفوا محاصيلهم الزراعية على الطريق احتجاجاً على انخفاض أسعار الخضروات، وعدم وجود مشترين لها وانعدام الدعم من قبل وزارة الزراعة في حكومة الإقليم.
وطالب الفلاحون وزارة الزراعة في الإقليم بدعمهم كي لا يتضرروا نتيجة انخفاض الأسعار، كما دعوا إلى فتح الطرق مع محافظات العراق الأخرى ليتمكنوا من تسويق محاصيلهم فيها.
وتأتي هذه الاحتجاجات كجزء من احتجاجات الفلاحين في كافة أنحاء العراق، على تهميشهم من قبل الحكومة وتراكم محاصيلهم الزراعية بسبب إجراءات الإغلاق التي تتخذها السلطات للحد من انتشار وباء كورونا، فضلا عن انعدام المخازن الخاصة بخزنها وعدم وجود الصناعات الغذائية لتعليبها.
وتزامنا مع الإضراب الذي أعلنه الفلاحون، بادرت مجموعة من المنظمات غير الحكومية في الإقليم إلى المساهمة في تقليل آثار انخفاض أسعار المحاصيل الزراعية على الفلاحين، عبر المباشرة بشراء كميات من محاصيلهم وتوزيعها على المحتاجين في أربيل كخطوة أولى من مشروعهم الذين يأملون أن يستمر ويتوسع ليشمل المدن الأخرى في العراق.
اعتماد على التبرعات
هيمان رمزي رئيسة منظمة تولاي التركمانية وهي إحدى المنظمات الشريكة، تقول لـ"ارفع صوتك"، إن "المبادرة تدعم الطرفين (المزارع والمحتاج) في ظل الأزمة الاقتصادية التي نمر بها منذ شهور وتأخر دفع رواتب الموظفين، وتعطيل العمل في كافة المجالات".
وتضيف أن المنظمات المشاركة في المبادرة تعتمد على المتبرعين من الخيرين لإنجاز المبادرة.
وتوضح رمزي "بعد أن أطلقنا النداء لجمع التبرعات من أجل بدء المبادرة شهدنا استجابة من الخيريين، ما ساعدنا على إعداد 150 صندوقا من الخضروات وتوزيعها على 150 عائلة كوجبة أولى في محافظة أربيل".
وتشير إلى أن المنظمات العاملة في المبادرة تنتظر الحصول على تبرعات كي تواصل العمل في شراء المحاصيل وتوزيعها على كافة المحتاجين وذوي الدخل القليل في محافظة أربيل.
وتكبد القطاع الخاص في إقليم كردستان خسائر تقدّر بأكثر من مليار دولار، وبات أكثر من 150 ألف موظف وعامل من عمال الشركات عاطلين عن العمل، وفق إحصاءات رسمية.
في هذا السياق، يقول مصطفى العطار رئيس منظمة العين لـ"ارفع صوتك": "صحيح أن أسعار الفاكهة المعروضة في سوق بيع الخضار بالجملة رخيصة جدا، لكن المواطن لا يستفيد من هذا الانخفاض لأن الباعة المتجولين داخل أحياء المدينة يبيعونها له بأسعار مرتفعة وهذا دفعنا إلى التفكير بإطلاق المبادرة، فالمحتاجون وذوو الدخل القليل لا يستطيعون شراء الخضروات بهذه الأسعار، بالإضافة إلى منع إتلافها لغياب المشتري".
وتتكون كل سلة من السلال التي وزعتها هذه المنظمات من سبعة أنواع من الخضار الرئيسية بوزن ١٤ كيلوغرام للسلة، تكفي العائلة الواحدة لمدة تتراوح ما بين أسبوع وعشرة أيام، حسب المنظمات الراعية.
ويشير العطّار، إلى أن المبادرة تسعى لأن تشمل محافظات العراق الأخرى، مضيفاً "اتصلنا بمجموعة من المنظمات المحلية في بغداد وبحثنا معهم الفكرة، هم أيضا قرروا تنفيذها لديهم بعد انتهاء حظر التجول".
"كما سنسعى لتنفيذها قريبا في الموصل ومحافظات أخرى شهدت تراكما للمحاصيل الزراعية"، يقول العطّار.
وبحسب المشاركين في المبادرة، يعتمد استمرارها وتوسيعها على استمرار التبرعات المقدمة من الناس.
من جهته، يقول أحمد يعقوب جلال رئيس منظمة تنمية التربية والثقافة، إن "استمرار المبادرة سيساهم في تخفيف أزمة العائلات المحتاجة داخل أربيل والمناطق الأخرى".
ويوضح جلال لـ"ارفع صوتك": "إذا توسعت المبادرة مستقبلا لتشمل عددا أكبر من العائلات، حينها سنعتمد على شراء المحاصيل مباشرة من الفلاحين، أما الآن فنحن نشتري المحاصيل من العلوة (سوق بيع الخضروات والفواكه بالجملة)".