العراق

في العراق: جدل سياسي وشعبي بشأن تجديد رخصة شركات الاتصال

15 يوليو 2020

ما أن أعلنت الحكومة العراقية تجديدها رخصة عمل شركات الهاتف النقال الثلاث (زين، آسيا سيل وكورك) لثمان سنوات أخرى، حتى ضج مجلس النواب رفضا وامتعاضا لهذه الخطوة.

واعتبر عدد من النواب هذا التجديد "هدرا للمال العام"، لا سيما وأن العقد الجديد يقضي بأن تدفع الشركات الثلاث (50%) من الديون المترتبة عليها والمقدرة باكثر من (1.400.000.000) مليار دولار، فيما يقسط النصف الاخر على السنوات اللاحقة.

عضو لجنة النزاهة في البرلمان النائب سعد حسين هاشم يؤكد وجود الكثير من الملاحظات حول عمل شركات النقال العاملة في البلد لاسيما خدماتها المتواضعة وأسعار كارتات الشحن والضرائب التي تدفع للدولة من قبلها والعديد من النقاط المسجلة عليها لدى مجلس النواب.

ويضيف هاشم في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "لماذا نجدد عقد هذه الشركات وهناك الكثير من الملابسات غير الواضحة في أداء هذه الشركات كعدم العمل وفق نظام () كبقية الدول، بالإضافة للاعتراضات على أدائها وجبايتها للأموال وتسديد ما بذمتها للخزينة العامة".

ووفقا لذلك سيقوم مجلس النواب باستدعاء رئيس ومجلس مفوضي هيئة الإعلام والاتصالات وهي الجهة المختصة بالتعاقد، للاستفسار عن جدوى تمديد عقد هذه الشركات بحسب النائب هاشم.

قرار التمديد أثار جدل الشارع العراقي أيضا، فالشكاوى مستمرة حول كفاءة خدمات الاتصالات وتكلفتها لاسيما وأن المواطن هو من تحمل وزر الزيادة الضريبية 20% التي فرضتها الحكومة عام 2015 على هذه الشركات، وفق سياسية التقشف وقتها، ما أدى إلى إرتفاع في أسعار كارتات الشحن.

رد هيئة الاعلام

ونتيجة للرفض البرلماني الواسع على تجديد عمل شركات الهاتف النقال، أصدرت هيئة الإعلام والاتصالات بيانا، أوضحت فيه أن قرار التمديد لم يأتِ وليد اللحظة بل وفق استشارات مع عدد من الخبراء والشركات المختصة في هذا المجال، بالإضافة إلى أخذها برأي مجلس الأمناء في الهيئة ومن ثم عرض الموضوع على مجلس الوزراء.

وفي حديث لموقع (ارفع صوتك)، يؤكد مدير المكتب الإعلامي للهيئة حسين زامل، أن "هيئة الإعلام والاتصالات لم تتجاوز الصلاحيات التي رسمتها لها المادة (103) من دستور جمهورية العراق والأمر التشريعي رقم (65) لسنة 2004".

ويضيف زامل، "حق التمديد هو (5) سنوات لكن الهيئة أضافت (3) أخرى كتعويض لهذه الشركات عن فترة سيطرة داعش على العديد من المحافظات والمناطق مقابل مبلغ محتسب وليس مجانا".

شركات رابحة ومحتكِرة

بدوره، يرى الخبير في الشؤون المالية منار العبيدي بأن شركات الهاتف النقال هي مؤسسات "رابحة جدا".

ويوضح العبيدي في حديث لموقع (ارفع صوتك)، أن "ما يؤكد ربحية هذه الشركات هو عدم طرح اسهمها للاكتتاب في سوق الأوراق المالية حسب اتفاق التعاقد عام 2003، والذي ينص على طرح أسهمها في البورصة بعد (5) سنوات لتبقى هذه الشركات محتكرة للأرباح، مع أن القانون العراقي لا يسمح بالاحتكار".

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.