تعليم أبنائها أولوية رغم صعوبة المعيشة... قصة أرملة عراقية
في غرفة مبنية من البلوك الأسمنتي، بحي عشوائي في منطقة الخرنبات بقضاء أبو غريب (شرقي بغداد)، تسكن أم رائد مع ولديها الإثنين.
أم رائد أرملة في العقد الخامس من عمرها، فقدت زوجها بسبب مرض ألم به عام 2014، لتنضم إلى قائمة النساء الأرامل الطويلة في العراق.
ورغم معاناة المعيشة التي تعيشها هذه العائلة الصغيرة، لكن الأم تحرص على المضي في مشوار ابنيها الدراسي.
تقول أم رائد، "يجب أن أكمل مشوار أبنائي وأتعب عليهم، حتى يصلوا للذي أريده لهم، ولن أتركهم على هذا الحال"، مضيفة في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "الدراسة تحتاج إلى مصاريف وتعب، أنا مستعدة لتعليمهم القراءة، لكني أحتاج أيضا إلى مصاريف، فالمدرسة تحتاج دفاتر وقرطاسية وملابس ومصاريف أخرى".
وتوضح الأم الأرملة بينما تجلس خلف ماكينة خياطة صغيرة، أنها تحاول قدر المستطاع توفير مبالغ المصاريف من خلال "خياطة الملابس وبيع الخبز وصناعة الكبة (الطعام) وبيعها".
وتتابع "الأرامل في العراق كثيرات، وأكثرهن بلا مرتبات أو مصدر معيشة لأبنائهن أو لأنفسهن ولا حتى مسكن".
تأمل والدة الطفلين لو تحصل على عمل يوفر لها دخل ثابت، ويساعدها على سد احتياجات الحياة، "أتمنى أن أعتمد على نفسي، أن يكون لدي مشروع أعيل أبنائي ونفسي منه، مشروع خياطة أو أي مشروع آخر يوفر معيشة أبنائي ولا أحتاج معه للمساعدات".
وترى منظمة "يونيسف"، أن انقطاع التعليم، وارتفاع معدلات سوء التغذية، والعنف، واقعا يواجهه أطفال الفقراء في العراق حاليا.
وتعتبر أن الفقر الذي يعاني منه الفقراء، ولا سيما الأطفال، "ظاهرة متعددة الأوجه لا يمكن التعبير عنها من الجوانب النقدية (المالية) فحسب".
وما زاد من معدل هذه الظاهرة هو ظهور وتزايد انتشار وباء كورونا في العراق.
وبحسب تقييم صدر مؤخرا عن وزارة التخطيط العراقية، بدعم من اليونيسف، والبنك الدولي، ومبادرة أكسفورد للفقر والتنمية البشرية، فأن "42% من السكان هم من الفئات الهشة، يواجهون مخاطر أعلى كونهم يعانون من الحرمان من حيث العديد من الأبعاد، التعليم والصحة والظروف المعيشية والأمن المالي".
أما بالنسبة للأطفال، فهناك طفل من بين كل اثنين (أي 48.8%) أكثر عرضة للمعاناة من الحرمان في أكثر من بعد واحد من هذه الأبعاد الأربعة.
ويُعد الحرمان من الالتحاق بالمدارس، والحصول على مصادر المياه المحسنة، من العوامل الرئيسية التي تساهم في هشاشة الأسر والأطفال.
وورد في التقييم أن "4.5 مليون آخرين من العراقيين (أي ما يقارب 11.7%) يواجهون خطر الوقوع تحت خط الفقر نتيجة التأثير الاجتماعي الاقتصادي لجائحة كورونا".
وستؤدي هذه الزيادة الحادة إلى رفع معدل الفقر الوطني من 20% عام 2018 إلى 31.7%، وزيادة العدد الإجمالي للفقراء إلى 11.4 مليون.
ويواجه الأطفال واليافعون أعلى زيادة في معدلات الفقر. قبل تفشي الجائحة، كان واحدا من بين كل خمسة أطفال ويافعين فقيراً. لكن هذا قد تضاعف إلى أكثر من 2 من بين كل 5، أو ما يمثل 37.9 % من العدد الكلي للأطفال.
وفي هذا الشأن، قالت حميدة لاسيكو، ممثلة اليونيسف في العراق، "نحن بحاجة إلى الاستجابة، وعلينا أن نفعل ذلك بسرعة. نحن في اليونيسف ندعو شركاءنا في الحكومة إلى وضع السياسات الهادفة إلى حماية الأطفال من الفقر، وتعزيز امكانية وصول الأطفال إلى الخدمات الأساسية الجيدة، مع التركيز على معالجة أزمة التعلم، والعنف ضد الأطفال على المدى القصير والمتوسط والطويل".
وأضافت في بيان "الاستثمار في الأطفال اليوم هو استثمار في مستقبل العراق".
وأبرز ما جاء من نتائج في الدراسة الوزارية المدعومة:
- نحو 4.5 مليون عراقي (11.7%) دون خط الفقر نتيجة لجائحة كورونا وما نجم عنها من آثار اجتماعية واقتصادية
كما تسببت في الخسائر الكبيرة في الأعمال والوظائف، وارتفاع الأسعار، في ارتفاع معدل الفقر الوطني من 20% في 2018 إلى 31.7%.
- النسبة الإضافية ممن وقعوا تحت خط الفقر والبالغة 15.8%، فإن الأطفال هم الأكثر تأثراً بالأزمة.
بينما كان طفل واحد من كل خمسة أطفال يعاني من الفقر قبل الأزمة، فإن النسبة قد تضاعفت تقريباً إلى طفلين من أصل خمسة أطفال أي (37.9%) مع بداية الأزمة.
- إن 42% من السكان يصنفون على أنهم من الفئات الهشة، إذ يواجهون مخاطر أعلى كونهم يعانون من الحرمان من حيث العديد من الأبعاد الأربعة (التعليم، والصحة، والظروف المعيشية، والأمن المالي).
إن انقطاع الخدمات وتبني استراتيجيات التكيف السلبي من قبل الأسر الفقيرة، من شأنه أن يزيد الحرمان من سبل الرفاهية، وزيادة التفاوت ولا سيما بين الأطفال.
- بالنسبة إلى الأطفال، هناك طفل واحد من بين كل اثنين (أي 48.8%) معرض للمعاناة من الحرمان في أكثر من بعد من هذه الأبعاد الأربعة.
- يُعد الحرمان من الالتحاق بالمدارس، والحصول على مصادر المياه المحسنة، من العوامل الرئيسية التي تساهم في هشاشة الأسر والأطفال.
- إن توسيع نطاق الحماية الاجتماعية وتعزيز الوصول المتكافئ إلى الخدمات الاجتماعية ذات النوعية الجيدة، مع التركيز على التعليم، والصحة، وحماية الطفل، هي توجهات سياسة مركزية للاستجابة للازمات الناجمة عن جائحة كورونا. وبالنسبة إلى أطفال ومستقبل العراق، لا بد من استجابة سريعة لحماية الأطفال من الفقر، والاستثمار لأجل تجنب أزمة التعلم، وزيادة سوء التغذية، ووفيات الأطفال، وتصاعد العنف ضد الأطفال.