العراق

الانتخابات المبكرة.. هل تصطدم برغبة الكتل البرلمانية في العراق؟

21 يوليو 2020

خاص- ارفع صوتك

كرر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في زيارته الأخيرة لمدينة البصرة تعهداته بإجراء انتخابات مبكرة ونزيهة، إيفاءا لجزء من وعود برنامج الحكومة عند تكليفه برئاستها، والتزاما لما قطعه على نفسه لأسر ضحايا التظاهرات عند لقائه بهم الشهر الماضي.

إلا أن الأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة التي رافقتها سطوة فيروس كورونا على الواقع الصحي في البلد، تضع العديد من علامات الاستفهام أمام  إمكانية إجراء انتخابات مبكرة.

 

مفوضية انتخابات جاهزة 

تعيين الكاظمي بداية تكليفه لـ حسين الهنداوي، كمستشار له لشؤون الانتخابات، يعكس رغبته في المضي نحو تحكيم العراقيين لشكل السلطة التشريعيه القادمة والتنفيذية أيضا.

من جهته، يؤكد الرئيس الأسبق لمفوضية الانتخابات عادل اللامي لـ"ارفع صوتك" جهوزية المفوضية الحالية من الناحية اللوجستية لإجراء الاستحقاق، لكنه يرى أن إرادة الكتل السياسية هي من تضع النقاط على الحروف في مسألة تحديد موعد الانتخابات.

ويقول "لا غبار على نية الكاظمي في إجراء انتخابات مبكرة، لكن إمكانياته تقف عند حدود تعبئة المفوضية، بينما للرغبة السياسية الكلمة الفصل في الأمر، لأن تحديد الموعد متعلق بالاتفاقات السياسية والتصويت لاحقا على تحديد يوم الانتخابات".

ويضيف اللامي أن مدة ستة شهور كافية لأن تكون المفوضية جاهزة لإجراء الانتخابات حال تسلمها لميزانيتها الانتخابية، بغض النظر عن نوع الدوائر الانتخابية مفردة كانت أم على مستوى الأقضية أو المحافظات.

 

خطوات تشريعية لابد منها

انتهاء الدورة التشريعية الحالية قبل موعدها المحدد بأربعة سنوات وحل البرلمان تمهيدا لإجراء انتخابات مبكرة، لا بد أن يسبق بمسألتين جوهريتين: الأولى تتضمن استكمال ما تبقى من قانون الانتخابات لا سيما تحديد نوع الدوائر الانتخابية التي على أساسها ستتم المنافسة.

والثانية وهي الأهم فهي التصويت على استكمال ما تبقى من أعضاء المحكمة الاتحادية التي لها سلطة المصادقة على نتائج الانتخابات ومنحها مشروعيتها.

في هذا السياق، يقول القاضي المتقاعد على التميمي لـ"ارفع صوتك": "يحل البرلمان بطريقتين إما أن يصوت مجلس النواب على حل نفسه بطلب من ثلث الأعضاء وموافقة الأغلبية المطلقة، أو بطلب من رئيس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية الذي يوعز عندها بإجراء انتخابات عامة".

ويتوقع التميمي أن تكون هناك مماطله من قبل البرلمان لتأخير التصويت على قانون الانتخابات والمحكمة الاتحادية، ليتمكن مجلس النواب من الاستمرار  حتى انتهاء دورته الحالية المحددة بأربع سنوات وتصبح الانتخابات حينئذٍ دورية كما هي العادة، لا مبكرة.

وصوت مجلس النواب في  ديسمبر 2019 على حل مفوضية الانتخابات ونقل جميع مدرائها إلى خارج المجلس، ليفتح لاحقا باب التقديم لمجلس مفوضية انتخابات جديد بطريقة الاقتراع، شريطة أن يكونوا قضاة من داخل مجلس القضاء الأعلى.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.