العراق

حملة #تنفّس لإنقاذ مرضى كورونا في العراق

23 يوليو 2020

تشهد منصات مواقع التواصل الاجتماعي حملات إعلامية تدعو المواطنين للتبرع ومساعدة المصابين بفيروس كورونا.
وأطلق ناشطون ومدونون عراقيون، وسم #تنفس، لحمل العراقيين على المشاركة في إنقاذ الناس في هذه الأزمة. 

 

عبوات الأوكسجين

يقول منظمو هذه الحملات عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، إن "الهدف منها شراء عبوات الأوكسجين وتقديمها لمحتاجيها من مرضى كورونا، ممن يحجرون أنفسهم في منازلهم، من خلال فريق من المتطوعين للإغاثة".

ويدعم العشرات من الأفراد هذا النوع تحديداً من حملات الإنقاذ التي تنوعت بين النفقات المالية والأجهزة الطبية والعقاقير والأدوية وكذلك السلال الغذائية.

بدوره، يقول سجاد محمد وهو متطوع في الحملة، إنها تستخدم كل ما يتم جمعه لتوفير احتياجات كل من يصاب بفيروس كورونا ويعزل نفسه بالمنزل ولا يذهب للمستشفى.

ويضيف لـ "ارفع صوتك": "تستهدف حملات الإنقاذ بشكل أساسي المصابين غير القادرين على تحمل النفقات المالية مثل عمال الأجور اليومية وسائقي التاكسي وغيرهم من الذين توقفت أعمالهم بسبب جائحة كورونا".

ومع أزمة الأوكسجين بسبب الوباء، أعلنت الشركة العامة للصناعات الكهربائية والإلكترونية إحدى تشكيلات وزارة الصناعة العراقية، عن تأمين 80% مـن حاجة وزارة الصحة لغاز وسائل الأوكسجين الطبي، فضلا عن تجهيز فوري للمواطنين.

من جانبه، يرى الناشط الحقوقي ثامر سهيل، أن هذه الحملات تنفع في هذه الأزمة، لأن الجميع تقريباً يمرّ بظروف مادية صعبة بسبب توقف الأعمال.

ويقول لـ "ارفع صوتك": "لكنها في الوقت نفسه، لن تنقذ إلاّ من الذين يتمكنون من الوصول إليهم، وهو ما يجعل الحملات التي يطلقها الأفراد والمنظمات الحقوقية غير مستمرة لأنها تعمد بالأساس على التمويل والدعم المادي الذي يكون للعاطفة الدور الكبير في ديمومته".

ويضيف سهيل "غالبا ما تُعطي مثل هذه الحملات الأولوية للمعارف من الناس لأنها لا تعتمد القوانين وتركز على أولئك الذين يقدمون معلومة عمن هم بحاجة للمساعدة".

ويشير إلى أن هذا الأمر يجعلها ضيقة أو محدودة نوعاً ما، رغم أهميتها، لأنها مهمة الحكومة وليس الأفراد.

 

منح إغاثة

إقبال ساطع (49 عاما)، ممن استفادوا من حملات الإنقاذ، وهي متزوجة ولديها خمسة أبناء.

تقول إن زوجها أصيب بكوفيد-19، فقامت العائلة مباشرة بعزل نفسها عنه داخل البيت.

وساءت الحالة الصحية لزوجها، ولم يكن بحوزته المال لتوفير العلاجات، واتصلوا بفرد من جيرانهم الذي لجأ إلى متطوعين من أجل الدعم المالي.

تضيف ساطع لـ "ارفع صوتك": "مررنا بفترات عصيبة، ولولا الجيران ومساعدتهم لنا عبر واحدة من هذه الحملات لما تمكنا من تجاوز المحنة".  

وتشير إلى إنه لم يكن أمامهما سوى الاستعانة بهذه الحملات كي يعيلوا أنفسهم خلال هذه الأزمة،"لأن الحكومة لم تشملنا كما غيرنا الكثير من العراقيين بمحن أصحاب الدخل المحدود الذين تضرروا من فيروس كورونا" وفق تعبيرها.

 

انهيار اقتصادي وصحي

في المقابل، تعتقد الناشطة الحقوقية نادية عبد، أن تقديم دعم مالي وصحي كمساعدات للناس في مثل هكذا أزمات "مهمة الحكومة ودوائرها".

وتقول لـ "ارفع صوتك" إن الكثير من دول العالم قدمت مساعدات فورية لشعوبها، وكانت مساعدات حقيقية وقيمّة وليست رمزية لا تسد احتياجات ونفقات الناس الذين يواجهون ظروفا صعبة بسببتوقف أعمالهم ومصالحهم.

وتشير إلى أن ما يحدث الآن من انهيار اقتصادي وصحي "كان متوقعاً بسبب الطبقة السياسية والموالين لهم والفساد المستشري بالإضافة إلى الإرهاب والنزوح والحروب".   

وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية عادل الركابي كشف أن "معدلات الفقر في البلاد شهدت زيادة كبيرة بسبب تفشي فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط في السوق العالمية، محذرا من حدوث أزمات اقتصادية وصحية في العراق جراء ذلك".

وقال الركابي إن "نسبة الفقر ارتفعت من 22% إلى 34%" مؤكدا أن العراق يسعى إلى تجاوز الأزمة من خلال التعاون مع مختلف الجهات الدولية لإيجاد حلول سريعة لزيادة معدلات الفقر والبطالة.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.