العراق

حزن الكاكائيين العراقيين في صوتها.. روبار تغنّي

دلشاد حسين
27 يوليو 2020

تغني روبار رشيد، العراقية الكاكائية بلهجة أبناء طائفتها الدينية (ماجو)، عن معاناتهم بسبب الجماعات المتشددة، وتحاول أن يصل صوتها للعالم.

تقول روبار  لـ"ارفع صوتك" إنها "أول امرأة كاكائية تسجّل أغنية "عن المآسي والويلات التي يواجهها أتباع الديانة في العراق، الذين قدموا العديد من الشهداء خلال السنوات الماضية إثر الهجمات الإرهابية التي ما زالت تستهدفهم".

وتضيف أن "حملات الاختطاف والقتل والتهجير واحراق المحاصيل الزراعية وتفجير مراقد ومعابد الكاكائيين في العراق لم تتوقف منذ عام 2003".

"رغم ما تعرضنا ونتعرض له من إبادة على يد التنظيمات الإرهابية، إلا أننا لم نشهد توفير الحماية لنا من أي طرف من الأطراف سواء الحكومة العراقية أو البرلمان أو الأحزاب، لم يقدموا لنا شيئاً، لذا قررت أن أوصل صوت الكاكائيين عبر هذه الأغنية إلى العالم" تقول روبار.

ولحن الأغنية من ألحان التراث الكاكائي، أما كلماتها، فهي قصيدة للشاعر ياسر عادل كاكائي، وتوزيع أراس رفعت، وإخراج هونر ديلون.

 

تقول روبار "هدفي من الغناء باللهجة الكاكائية، الحفاظ على هذه اللهجة القديمة من الاندثار بمرور الزمن، خاصة أننا مستهدفون دائما من قبل الجهات المتطرفة والجماعات الإرهابية لذلك الحفاظ على لهجة (ماجو) أمر مهم لاستمرار الكاكائية وبقائهم".

وواجهت روبار  عوائق عديدة لحين الحصول على الموافقات من الجهات الأمنية في محافظة كركوك كي تتمكن من تصوير كليب الأغنية، حيث رفضت السلطات التصوير داخل المقبرة الخاصة بالكاكائية الواقعة في منطقة علي سراي في قضاء داقوق جنوب كركوك.

 واضطرت مجددا إلى تقديم طلب الموافقة وهذه المرة بعد انتظار دام أكثر من 15 يوما حصلت على الموفقة لتصوير الأغنية في قلعة كركوك التاريخية. 

وتعتبر نفسها أول امرأة تغني من أتباع الديانة، مؤكدة "فضلا عن أن الأغنية هي لإيصال صوت الكاكائيين للعالم في الوقت ذاته تعتبر خطوة لكسر بعض العادات والتقاليد المتوارثة، لأن غالبية الكاكائيين محافظون ومتمسكون بالعادات والتقاليد، وليس من السهل لامرأة كاكائية أن تغني أمام الناس دون أن تتعرض للانتقاد".

"ورغم تعرضي لبعض الانتقادات، تمسكت بحقي في الغناء، وكان زوجي إلى جانبي ويؤيدني باستمرار، ويساعدني لإنجاح الأغنية" تؤكد روبار.

وعبّرت عن إيمانها بالفن كوسيلة مهمة جدة لإيصال أصوات المظلومين للعالم، مضيفة "أتمنى ألا يسكت أي شعب عن الظلم أبدا ويحاول بكافة الطرق إيصال صوته للعالم".

 

هجمات داعش

وكثف تنظيم داعش هجماته على القرى الكاكائية في محافظة كركوك وفي قضاء خانقين بمحافظة ديالى شمال شرق بغداد مع بداية العام الحالي 2020.

وحسب إحصائيات رسمية عراقية تعرض سكان سبع قرى كاكائية للتهجير منذ بداية العام، على يد داعش والجماعات المسلحة المتشددة، بواقع قريتين في قضاء خانقين وخمس قرى في قضاء داقوق جنوب غرب كركوك، ولا تزال عمليات التهجير مستمرة.

وأسفرت آخر هجمة لتنظيم داعش على اتباع الديانة في خانقين بتاريخ 13 يونيو ٢٠٢٠ في قرية دارا التابعة لقضاء خانقين عن مقتل 7 أشخاص من أتباع الكاكائية، وإصابة أكثر من خمسة آخرين بينهم عناصر في القوات الأمنية.

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.