العراق

مرضى الثلاسيميا في كردستان.. نقص أدوية ومعاناة مضاعفة

دلشاد حسين
07 أغسطس 2020

لم تكن الأشهر الماضية من العام الحالي سهلة بالنسبة لمرضى الثلاسيميا في إقليم كردستان العراق، فانتشار فيروس كورونا وما ترافقه من إجراءات الحجر الصحي للوقاية من المرض ونقص الدواء وصعوبة الحصول على الدم اثناء الحجر أثقلت كاهلهم كثير.

ورغم حصولهم على تسهيلات حكومية للتنقل والحصول على دم وجلب المتبرعين خلال فترة الإغلاق العام، إلا أن مرضى الثلاسيميا لم يتمكنوا خلال الحجر الصحي من الحصول على الدم الكافي للحفاظ على حياتهم.

سامان صالح، شاب من مدينة أربيل، يعاني من مرض الثلاسيميا، ويحتاج كأقرانه من المرضى إلى عمليات نقل دم كل عشرين يومًا.

يقول لـ"ارفع صوتك": "انخفضت نسبة المتبرعين بالدم خلال فترة الإغلاق العام الذي اتخذته حكومة الإقليم، لذا كان على مرضى الثلاسيميا أثناء الحجر الصحي تسجيل أسمائهم مقدما للحصول على الدم قبل تاريخ نقل الدم بنحو عشرة أيام".

ويشير سامان إلى أنه يعاني من أوجاع وآلام شديدة في الجسم وآلام في الظهر والأطراف مع حمى، عند تأخر موعد نقل الدم إليه، مؤكداً أن مشكلة الحصول على الدم التي كانت موجودة أيام الإغلاق العام لم تعد موجودة حاليا لكن مشكلة نقص الدواء ما زالت حاضرة بشكل لافت.

حكاية كريم

تخرج كريم من المعهد الطبي منذ خمس سنوات، واختار العمل كمتطوع في مركز الثلاسيميا الذي يقع في محافظة أربيل كل يوم لعدة ساعات، منتظرا وظيفة حكومية لإعالة أسرته.

يعيش كريم وزوجته وطفلهما في منزل والده ويعمل يوميا سائق سيارة أجرة بعد الانتهاء من العمل في المركز الصحي.

يقول لـ"ارفع صوتك": "مصدر دخلي الوحيد هو العمل على سيارة الأجرة، لكنني لم أتمكن العمل خلال الحجر الصحي، واعتمدت أسرتي على ما يقدمه لنا المانحون من المساعدات الغذائية".

"والآن لم تعد سيارات الأجرة تعمل كما كانت قبل انتشار كورونا، لا يغادر الناس المنازل كما كانوا في الماضي خوفًا من الإصابة بالفيروس، لذلك ما أحصل عليه من المال يوميا بالكاد يلبي احتياجاتنا الغذائية اليومية" يضيف كريم.

وأضاف أن ما يحصل عليه من دخل يومي لا يكفي لشراء الأدوية التي يحتاجها التي وصفها بباهظة الثمن في الأسواق، في وقت لا يمتلك الإقليم الكميات الكافية من الأدوية ويعاني من نقص حاد في الأدوية، ودعا المنظمات الدولية والمانحين إلى مد يد العون وتزويدهم بالأدوية اللازمة.

وبحسب إحصائيات مركز الثلاسيميا في أربيل وجمعية الثلاسيميا في كردستان، فإن عدد مرضى الثلاسيميا في محافظة أربيل يبلغ نحو 1196 مريضاً 300 منهم نازحون من مدن العراق الأخرى ولاجئون سوريون.

بينما يبلغ عدد المصابين بالثلاسيميا في إقليم كردستان أكثر من ٣٦٠٠ مريضا.

 

نداء للمتبرعين بالدم

بدورها، قالت مسؤولة الإعلام في جمعية الثلاسيميا في كردستان سروة علي، لـ"ارفع صوتك": "تمكنا خلال الحجر الصحي عبر الاتصال بوزارة الداخلية والصحة من الحصول على موافقة لفتح المركز الصحي الخاص بمرضى الثلاسيميا في أربيل، لكن واجهتنا مشكلة نقص الدم وعدم وجود متبرعين آنذاك وعدد المرضى بهذا المرض كبير".

"لذلك تبرعت لنا قوات البيشمركة بالدم، ووجهت الجمعية نداءً إلى المواطنين للتبرع بالدم، وتمكنا من الحصول على إذن من محافظة أربيل ومديرية صحة أربيل، لأربع سيارات لنقل المتبرعين من وإلى مركز التبرع بالدم لسد النقص بسبب حظر التجول" تضيف علي.

وأكدت علي  النقص الحاد في الأدوية المخصصة للثلاسيميا، تقول "وزارة الصحة في الحكومة العراقية لا توفر باستمرار الأدوية لمرضى الثلاسيميا في كردستان، ونوعية الأدوية التي يستلمها المريض من وزارة الصحة رديئة للغاية".

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.