العراق

هل ينجح العراق في تفادي ما وقع ببيروت؟

06 أغسطس 2020

في وقت مبكر من اليوم الخميس، بدأ العراق الذي يعاني من فساد ونقص حاد في الخدمات العامة، التحقيق في المتفجرات المخزنة على المنافذ الحدودية، بعد الانفجار المروع الذي ضرب ميناء بيروت الثلاثاء الماضي.

ونقل بيان رسمي عن رئيس هيئة المنافذ الحدودية عمر عدنان الوائلي "شكلت لجنة عاجلة لجرد الحاويات عالية الخطورة المتكدسة والموجودة داخل المنافذ الحدودية (مثل المواد) الكيميائية مزدوجة الاستخدام نترات الامونيا" التي تسببت بوقوع الانفجار الهائل في مرفأ بيروت.

وأكد "أهمية هذه الإجراءات الاحترازية لتفادي ما حدث في دولة لبنان الشقيقة والدمار الذي خلفته هذه الانفجارات".

وأضاف "على اللجنة إنهاء أعمالها وتقديم تقريرها خلال الـ72 ساعة المقبلة".

وهزت انفجارات الثلاثاء العاصمة اللبنانية وأديا إلى مقتل 137 شخصا على الأقل وجرح نحو خمسة آلاف آخرين.
كما تسببا في تشريد ما لا يقل عن 300 ألف شخص، بحسب محافظ بيروت.

ونجم الانفجار عن اندلاع حريق في مستودع داخل ميناء بيروت، يحتوي مئات الأطنان من نترات الأمونيوم، وفقا للسلطات اللبنانية.

وعلى الفور تناقلت شبكات التواصل الاجتماعي المحلية هذا الحدث المروع الذي هز العراقيين الذين خرجوا في إحتجاجات مطلبية واسعة مع بداية تشرين الأول/ أكتوبر، تزامناً مع اللبنانيين، ضد ساسة البلاد واتهموهم بالفساد والفشل في إدارة البلاد.

مخازن المليشيات

وفي العامين الماضيين، أدت انفجارات متكررة في مخازن أسلحة ومواد متفجرة مخزنة في أحياء سكنية، إلى وقوع أضرار كبيرة في العراق الذي دمرته حروب متكررة خصوصا في موسم الصيف في هذا البلد الذي يعد بين أكثر دول العالم التي تشهد حرا.

كان أقواها مخزن معسكر الصقر بمنطقة الدورة جنوبي بغداد، تابع لإحدى الفصائل المسلحة المنتمية للحشد الشعبي، ومخزن آخر جنوب قضاء بلد (شمالي العاصمة).

وقبل عام انفجار في مخزن للأسلحة داخل مدرسة في مدينة الصدر شرق بغداد، تابع لسرايا السلام التي يقودها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

اتهمت الفصائل المسلحة حينها طائرة مسيرة باستهداف تلك المخازن.

فيما كانت الرواية الرسمية الحكومية سوء خزن وارتفاع درجات حرارة الجو.

لكن دراسة لـ"معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، خلصت إلى أن "انفجار مخزن الأسلحة في معسكر الصقر جنوب بغداد لم يكن الأول ولن يكون الأخير، والسبب خروج الميليشيات عن سيطرة الحكومة العراقية وتنفيذها لأوامر إيران".

وشدّدت الدراسة على أن سيطرة الميليشيات على الأسلحة الثقيلة التي لم يعد خطرها يقتصر على المواطن العراقي، تتطلب ضغطا دوليا وخصوصا من الولايات المتحدة على الحكومة العراقية، للسيطرة على تلك الميليشيات.

وفي حديث سابق للخبير بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، قال إن سيطرة الحكومة على فصائل الحشد الشعبي في الوقت الحالي "صعب جدا".

وأضاف لموقع (ارفع صوتك) أن إدارة الدولة العسكرية تجاه فصائل الحشد "لا تزال ضمن "سياسة الاحتواء والمسايرة"، موضحا، "لا تملك جميع فصائل الحشد الشعبي القدرة على المناورة والتمرد ومخالفة الأوامر العسكرية الصارمة، هناك من خمسة إلى سبعة فصائل باستطاعتها أن تخرج على سيطرة الحكومة دون أن يكون للحكومة أي ردة فعل انضباطية أو إجرائية بحق تلك الفصائل".
 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.