عبدالله نوري.. صيّاد العسل في جبال كردستان
يشق عبدالله نوري، صياد العسل الجبلي في كردستان العراق، طريقه بين المناطق الوعرة متسلقا الجبال بحثا عن بيوت النحل كي يجني منها العسل الجبلي متحديا الخطورة والخوف من أجل الحصول على لقمة العيش وتوفير العسل الصافي لمن يحتاجه.
يمارس نوري الذي يسكن قرية "ديي گورَ"، التابعة لناحية آغجلر ضمن قضاء جمجمال في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق، منذ أكثر من ٢٧ عاما عمله في جني العسل الجبلي من بيوت النحل في أعالي الجبال والمرتفعات المحيطة بقريته واعتمادها مصدرا لتوفير لقمة العيش له ولعائلته ومازال يواصل هذه المهنة رغم ما يواجه من مخاطر يومية أثناء العمل.
وتبدأ رحلة البحث عن العسل سنويا منذ حلول فصل الربيع مرورا بالصيف حتى الخريف، وتشمل تحديد مواقع بيوت النحل في الجبال ثم جني العسل المخزون منها صيفا.
يقول نوري الذي تجاوز العقد الرابع من عمره لـ"ارفع صوتك": "أجني العسل سنويا، وكمية العسل ما أجنيه متذبذبة بين سنة وأخرى، أحيانا أحصل على ٥٠ كيلغ من العسل من بيت واحد للنحل وأحيانا تنخفض الكمية إلى ١٦ كلغ أو أقل (٥ كلغ) حسب موقع بيت النحل".
ويتابع "أبدأ البحث عن بيوت النحل في المرتفعات والجبال في الربيع، فخبرتي الطويلة في هذا المجال تساعدني على متابعة النحل ومعرفة بيوتها وهذا البحث يستمر حتى شهر تموز أي منتصف الصيف، حينها آخذ قدرا من الراحة لمدة شهر، وأبدأ في نهاية آب بجني العسل".
ويستمر موسم جني العسل حتى أكتوبر، حسب نوري.
مخاطرة كبيرة!
يجني نوري العسل في بداية الموسم من الجبال والمرتفعات المحيطة بقريته ثم يبدأ جولته في المناطق الجبلية الأخرى في كردستان، خاصة محافظة السليمانية، وهو لا يتردد في التوجه الى أي منطقة جبلية تحتضن العسل مهما كان ارتفاعها.
يقول "أعشق صعود المرتفعات، وأستخدم الوسائل القديمة والحبال في الصعود، لأنني لا أمتلك أي وسائل حديثة لتسلق الجبال من التي يستخدمها المتسلقون ".
وكان شقيق نوري الذي رافقه في بداية سنين عمله، تعرّض للسقوط أثناء جني العسل من أحد بيوت النحل، ما تسبب له بالشلل، ورغم ذلك لم يترك نوري العمل.
يوضح نوري لـ"رفع صوتك": "لا يمكنني ترك ا العمل لأنه اختلط بروحي وأصبح جزءا رئيسيا من حياتي، عدا عن كونه مصدر دخل عائلتي، وسبيلاً لمساعدة الناس خاصة المرضى الذين يحتاجون لهذا العسل الجبلي الصافي، فالكثيرون تماثلوا للشفاء من أمراض مستعصية بعد تناولهم هذا العسل، الذي يصنعه النحل من الزهور في الجبال بعيدا عن المدن والإنسان والمزارع".
ورغم خطورة عمله خاصة أنه يستخدم وسائل تسلق قديمة جدا، إلا أن نوري اضطر إلى تدريب نجله على تسلق الجبل وجني العسل كي يكون مرافقا له، فجني العسل كما يقول عمل شاق جدا لا يمكن لشخص واحد أن ينجزه دون وجود مساعد له.
المدة الزمنية
عملية جني العسل تختلف من حيث الوقت الذي تستغرقه باختلاف نوع البيت، يقول نوري "مداخل بيوت النحل في الجبال تكون في بعض الأحيان صغيرة لذلك أحتاج نحو ثلاثة أيام لتوسيع مدخل البيت لأن النحل الجبلي يضيق من مدخل بيته كثيرا، وبعد إخراج العسل من البيت أعيد تضييق المدخل مجددا كي يتمكن النحل مجددا من صناعة العسل ولا تتمكن الحشرات والدبابير من مهاجمة البيت وأكل العسل".
ويؤكد أنه لا يخشى لسعات النحل، قائلاً "أتعرض دائما للعديد من اللسعات من النحل أثناء عملي، لأن النحل يكون شرسا في الدفاع عن بيته وعن العسل، لكن هذه اللسعات جعلت مناعتي قوية جدا وأعطت جسمي مقاومة جيدة حتى أصبح تلقي اللسعات أمراً عادياً".
ويستقبل نوري زبائنه في منزله رافضاً بيع العسل للتجار والباعة في السوق حفاظا على جودة العسل الذي يحصل عليه، فهو يخشى أن يتم العبث والغش في عسله، ويبيع الكيلوغرام الواحد من العسل بـ١٨٠ ألف دينار عراقي (١٥٠ دولار).