العراق

احتجاجات البصرة.. شهادات مصورّة للمتظاهرين والشرطة

رحمة حجة
17 أغسطس 2020

تظاهر عشرات العراقيين في البصرة، مساء الأحد، على مقربة من منزل المحافظ أسعد العيداني، تنديداً بمقتل الناشط المدني تحسين أسامة، واحتجاجاً على المماطلة بكشف قاتلي المتظاهرين خلال الاحتجاجات السابقة التي انطلقت في أكتوبر2019 واستمرت أربعة شهور قبل حلول جائحة كوفيد19.

وأثار مقتل أسامة صدمة وغضبا كبيرين في المحافظة وعموم العراق، خاصة أنه  من ناشطي البصرة المعروفين، وهو أب لأربعة أطفال.

وطالب المتظاهرون بإقالة مدير شرطة المحافظة، المثير للجدل، رشيد فليح.

 

تظاهرات سابقة في يونيو 2020

صورة مقتطعة من أحد فيديوهات البصرة اليوم
قمع بالرصاص الحي في البصرة.. مطلب المتظاهرين: إقالة العيداني وفليح
وكان عشرات المتظاهرين والمتظاهرات احتشدوا قرب مكتب مجلس النوّاب قبل ساعات، للمطالبة بإقالة المحافظ أسعد العيداني، وإحالة القادة الأمنيين إلى القضاء على خلفية تورطهم بالفساد وقمع التظاهرات، من بينهم قائد الشرطة رشيد فليح.

 

ويتهم المتظاهرون، فليح، بالمسؤولية عن التدهور الأمني في المحافظة، وقمع المتظاهرين، والسماح للميليشيات بالانتقام من الناشطين وقتلهم.

وكان نشطاء عراقيون في مواقع التواصل، تناقلوا منشورات لأسامة ينتقد فيها تصريحات فليح ويحمّله مسؤولية قتل المتظاهرين، مرجّحين أنها كانت سبباً لاستهدافه بالقتل.

 

 

وينظر المتظاهرون بعين الشك إلى وعود الحكومة العراقية بالكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين، ولا سيما بعد مرور أكثر من 40 يوما على مقتل الخبير الأمني، هشام الهاشمي، برصاص مسلحين في العاصمة بغداد، من دون الكشف عن القتلة.

 

 

#البصرة_تقمع

وفي تويتر، تصدّر وسم "البصرة تقمع" تغريدات العراقيين، الذين اتهمّوا القوات الحكومية باستهداف المتظاهرين بالرصاص الحي والأسلحة المتوسطة.

يقول أحد المتظاهرين في الفيديو إن القوات الأمنية ضربتهم بـ"أحادية"، وهو  "رشاش طلق يوضع غالبا فوق سيارات الـ بيك-اب، من نوع سلاح kord الروسي أو الدوشكا الروسية، معروف بالعراق باسم الأحادية، عيار الطلق 12,7 ملم نفس وهو من الأسلحة المتوسطة"، حسب توضيح الناشط العراقي أحمد شدود.

 

 

 

وأثناء تغطية قناة الحرة لاحتجاجات البصرة، تعرضت مراسلتها نجاح العابدي للضرب، وزميلها المصوّر للاعتقال على يد عناصر أمنية، وصادروا معداته، ثم أطلقوا سراحه بعد تدخل مسؤولين.

وأكدت العابدي أن "القوات الأمنية اعتدت عليها بالضرب المباشر على الوجه والكلمات النابية".

وظهرت وهي تعاني من كدمة على وجهها، قالت إنها نتيجة تعرضها للضرب، مضيفة أن "سيارات عسكرية كانت تطارد المتظاهرين وتقوم بإطلاق النار عليهم من أسلحة ثقيلة ومتوسطة يستقلها جنود غير معروفي الانتماء".

 

رواية شرطة البصرة 

نشرت شرطة البصرة على حسابها الرسمي في فيسبوك صور عناصر من أفرادها مصابين بجروح، قالت إنهم تعرّضوا للاعتداء على أيدي المتظاهرين.

وجاء في بيان الشرطة المرافق "أحداث البصرة 16 / 8 /2020: انطلقت عصر هذا اليوم تظاهرة سلمية في ساحة البحرية باتجاه مديرية شرطة محافظة البصرة ثم باتجاه منزل عائلة المحافظ، وطيلة هذه المسيرة كانت الأجهزة الأمنية توفر الحماية للمتظاهرين، إلا أنهم حال وصولهم، قام بعض الأشخاص برمي زجاجات حارقة باتجاه المنزل السكني وكرفان الحماية، مما أدى إلى حرق جزء من الحديقة وحرق الكرفان".

وأضافت "كذلك رمي زجاجة حارقة (مولوتوف) على إحدى عجلات الشرطة مما أدى إلى حرقها وتضرر أربع عجلات أخرى وإصابة ١٤ منتسباً بإصابات مختلفة، إحداها عين أحد المنتسبين وهي الآن في حالة حرجة".

 

 

مقتل ثلاثة في نزاع عشائري

وبالتزامن مع اندلاع الاحتجاجات أمام بيت محافظ البصرة أسعد العيداني، وعلى بعد حوالي 30 كم، اندلع نزاع بين عشيرتين في قضاء الهارثة شمال البصرة، قتل  فيه ثلاثة أشخاص بينهم امرأة، وفق ما تناولته مصادر إعلام محليّة.

وفي هذا الفيديو، الذي بثته وكالة "نون الخبرية" يظهر عناصر الأمن مستقرّين في مكانهم.

ونقل تلفزيون الشرقية العراقي، فيديو يصوّلار استخدام أسلحة ثقيلة في هذا النزاع، مؤكداً أن "قوات عسكرية تدخلت لفضّه".

وقال مصدر أمني عراقي، إن "النزاع العشائري، الذي اندلع في قضاء الهارثة اشتد بين العشيرتين ووصل إلى حد التراشق بقذائف الهاون ومختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة" (البيان).

رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.