الحديث عن المليشيات في العراق ولبنان بين الأمس واليوم
جولة سريعة على صفحات المدونين في مواقع التواصل الاجتماعي، تكشف اختلافا كبيرا في لغة تناول واقع المليشيات المسلحة، سواء في العراق أو لبنان.
قبل عام فقط، كان معظم تلك المليشيات خطا أحمرا يخشى المعظم تناوله في تدويناتهم، لكن اليوم هناك اختلاف كبير في الحديث عنها.
في العراق، وبعد تصاعد حدة التظاهرات في تشرين الأول/ نوفمبر من العام الماضي، وتصفية المئات من الناشطين فيها بعمليات اغتيال أو خطف أو اعتقال، بدأ المدونون يتناولون الجهات التي تقف خلف تلك العمليات.
خصوصا بعد نفي الحكومة مسؤوليتها عن الخطف والقتل، واتهامها لـ"طرف ثالث" دون توضيح طبيعة ذلك الطرف أو جهة التي يتبع لها.
أجمع المدونون على أن الطرف الثالث الذي تشير له الحكومة وتخشى الكشف عنه، هو "المليشيات المسلحة المرتبطة بإيران، والتي تخشى على مكاسبها السياسية والمالية في حال تغير نظام الحكم".
ووصفوا تلك المليشيات بـ"الدولة العميقة"، التي تدير بشكل مخفي أو علني زمام إدارة الأمور في العراق.
"أفعال شاذة"
ويرى الكاتب والصحفي حسن حامد سرداح، أن "الدولة العميقة" مازالت موجودة وتتحكم.
ويوضح في حديث لموقع (ارفع صوتك) "موجودة بشكلها الواضح، قد يكون نفوذها أو سطوتها قلت عن الحكومات السابقة لكنها موجودة".
ويستدل سرداح بزيارات الوزراء ورئيس الحكومة المستمرة لقادة الفصائل، والتي كان آخرها "قبل يومين لتناول موضوع زيارة الكاظمي لواشنطن".
ويقول الكاتب والصحفي، والمدون على فيسبوك، "أصبح هناك وعي لدى المواطنين بتشخيص تلك الجماعات والحديث عنها بشكل مباشر في مواقع التواصل الاجتماعي وحتى في الأماكن العامة، وتسمية تلك الجماعات التي تعمل خارج إطار المؤسسة الأمنية بالاسم، وتقتل المواطنين لمجرد مخالفتهم الرأي".
"وهذا الوعي أعطى نتيجة عكسية لما كان يحصل في السنوات السابقة"، بحسب حامد.
ويتابع "جرائم حملة السلاح باسم الحشد وفصائل المقاومة فاقت طاقة التحمل لدى الناس، وكثرة عمليات الاغتيال لأغراض شخصية أو انتقامية أو لإشاعة الفوضى، لم يعد يمكن السكوت عنه، فتلك أفعال شاذة".
ويعود الكاتب والصحفي بأفعال تلك المليشيات إلى صور أيام نشوء تنظيمي القاعدة وداعش، موضحا "هذه الجرائم تذكرنا ببداية أيام القاعدة وداعش التي كانت تغتال بحجة العمل كمترجم أو العمل مع الحكومة، لكن اليوم بحجج مختلفة، أوراقهم كشفت للمواطنين وبدأ الحديث عن جرائمهم بشكل علني".
حزب الله اللبناني
في لبنان، وبعد تفجير ميناء بيروت انطلقت لهجة الانتقاد لمليشيا "حزب الله" والتي كانت حاضرة بالأصل، لكنها محدودة.
يقول الصحافي اللبناني رشيد قيامي، "بالأول كان الحديث يقتصر على المثقفين والكتاب والصحفيين ورجال السياسة المعارضين لحزب الله، لكن بعد احداث المرفأ انفجر الغضب بشكل كبير لدى الناس التي لم تكن تتحدث بالسياسة، والتي كان همها فقط أن تؤمن معيشة عوائلها".
ويضيف في حديث لموقع (ارفع صوتك)، أن الغضب "أصبح شعبي أكثر والناس لم تعد تخاف بتاتا من أن تجاهر وتقول إن حزب الله لديه سلاح ويعمل تفجيرات ويبعث أبنائنا للقتال في سوريا واليمن والعراق".
ولم ينعكس غضب الشارع على حزب الله فقط، بل شمل "حلفائه بالشارع المسيحي من التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية"، وفقا لقيامي، موضحا "خصوصا وأن المناطق التي تضررت هي بغالبيتها مناطق مسيحية".
لكن تغير المواقف تجاه مليشيا حزب الله يبقى على مستوى الأحاديث والتصريحات فقط، فتغير وضع هذه المليشيا على أرض الواقع يحتاج إلى "تدخل دولي لأن الحزب مسيطر على الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة والبرلمان وكل الأماكن التي تتخذ القرارات المهمة"، بحسب الصحفي اللبناني.
ويتابع "أي قرار يريد البرلمان اتخاذه سيخضع لإرادة حزب الله وشريكه في البرلمان التيار الوطني الحر".
ويرى قيامي أنه إذا لم تجر انتخابات برلمانية مبكرة، بدعم وإشراف دولي لن يتغير وضع حزب الله في البلاد، لأن الحزب "مستعد للقتال حتى آخر رصاصة في سبيل عدم تنازله عن السلطة التي يمتلكها في لبنان".
ويضيف "القبول الشعبي لحزب الله وحلفائه اختلف، لو كانت انتخابات البرلمان نزيهة لن يحصل حزب الله على مكاسبه السياسية الحالية، الحزب مسيطر على بيئته إلى حد ما، لكنه لا يمتلك سيطرة على بيئات السنة والدرز والمسيح".