العراق

تجار من كردستان: خسارتنا كبيرة جداً ومستمرة لهذه الأسباب

دلشاد حسين
18 أغسطس 2020

تعاني أسواق إقليم كردستان كغيرها من أسواق مدن العراق الأخرى من كساد كبير، بسبب انخفاض أعداد الزبائن وضعف الحركة التجارية إثر انتشار فيروس كورونا، والإجراءات الوقائية المصاحبة له وارتفاع أعداد المصابين به يوميا.

ورغم رفع إقليم كردستان حظر التجوال داخل مراكز المدن منذ منتصف مايو ٢٠٢٠، إلا أن استمرار إغلاق الطرق بين المدن وخشية الإصابة بالمرض، يعيقان عودة التسوّق إلى سابق عهده.

صورة لأحد الأسواق

 

خسارة 80 ألف دورلار!

ينتظر كارزان أبو زيد رشيد الذي يمتلك محلا لبيع الملابس الرجالية في احدى مناطق مدينة أربيل عودة الحياة الى الأسواق ليعوض ما تكبده من خسائر مادية خلال الأشهر الماضية بسبب فيروس كورونا.

 يوضح رشيد لـ"ارفع صوتك": "تأثيرات كورونا ما زالت متواصلة على كافة مجالات الحياة، ومنها التجاري، ونحن أصحاب محلات الملابس وقع علينا الضرر الأكبر، ومخازننا ممتلئة بالملابس، ولم نبع بضاعتنا الشتوية والربيعية حتى الآن ونقترب الآن من نهاية فصل الصيف الذي يتكدس هو الآخر في المخازن".

ويضيف أن "الناس يخشون الخروج إلى الأسواق ينتظرون انتهاء هذا الوباء، خاصة أن انتشار الفيروس يشهد ذروته في كردستان ولا يريد أي شخص تعريض نفسه للخطر".

"خسرت حتى الآن أكثر من 80 ألف دولار بسبب كورونا، وأصبح محلّي عبئا ماليا علي، لأن المصاريف المتمثلة بإيجاره والخدمات وأجور العمال والمواصلات أكثر مما يجنيه من أرباح" يؤكد رشيد.

ولم يتبق في محل رشيد سوى ثلاثة عمال من أصل تسعة، عملوا فيه قبل الأزمة الوبائية، لأنه لم يتمكن من دفع أجورهم بسبب توقف العمل.

 

"تغيّرت حياتنا 100%"

وأدى انخفاض الحركة التجارية في أسواق الإقليم إلى إخلاء العديد من أصحاب المحلات لمحلاتهم وعرضها للبيع بسبب الخسائر التي تكبدوها خلال الأشهر الماضية من العام الحالي".

يقول كامران قاسم، صاحب مكتب عقارات في محافظة أربيل لـ"ارفع صوتك" إن "انخفاض أعداد الزبائن تسبب في عدم قدرة أصحاب المحلات على تحمل مصاريف العمل، لذا لجأ عدد منهم لإخلائها، رغم أنها تقع في شوارع تجارية، وعرضها للبيع أو للإيجار".

كما دفع استمرار الأزمة في العالم وعدم الإعلان عن لقاح للمرض بشكل رسمي حتى الآن، أصحاب المشاريع التجارية الصغيرة والمحلات في أسواق الإقليم، إلى الاعتماد على الإنترنت للترويج لبضائعهم وإيصالها لبيوت الزبائن عبر خدمات التوصيل، من أجل تعويض خسائرهم خلال الأشهر الماضية، وكشكل من أشكال التأقلم مع الأزمة".
 

حكومة إقليم كردستان/ وزارة الصحة: تسجيل 463 إصابة جديدة بفيروس كورونا.

 

مزاحم عبيد، مواطن من محافظة صلاح الدين، يعمل مشرفا تربويا في أربيل بدأ منذ أشهر بالاعتماد على الإنترنت في شراء ما يحتاجه من مستلزمات.

يقول لـ"ارفع صوتك": "غير الفيروس مسار كافة العائلات من كل النواحي من الحركة والتنقل والذهاب للمدارس والأسواق، حياتنا تغيرت 100% عما كانت عليه قبل تفشي الوباء، وبالطبع الناحية الاقتصادية كونها رئيسية مهمة تغيرت هي الأخرى، وتقلصت قوة العمل والYنجاز، لذلك اضطررنا كمواطنين إلى الاعتماد على الإنترنت للحصول على ما نحتاجه من السوق لتجنب الإصابة بالوباء".

واعتبر الشراء الإلكتروني "أفضل" معللاً "لأن الزبون يمتلك وقتا أكبر لمعاينة البضاعة واختيار الأفضل منها".

 

إحصاءات

وتشير إحصائيات اتحاد مستوردي ومصدري إقليم كردستان إلى أن التبادل التجاري بين الإقليم والعالم تضرر خلال الأشهر الماضية بنسبة 20%.

وقال رئيس الاتحاد مصطفى شيخ عبدالرحمن لـ"ارفع صوتك": "نتوقع أن تتعافى الأوضاع شيئا فشيئا خلال شهر سبتمبر المقبل مع فتح الطرق والمطارات وعودة التبادل التجاري".

من جانبه، حذر الخبير الاقتصادي خطاب عمران الضامن، من ارتفاع معدلات الجريمة والطلاق والانتحار في العراق فيما إذا استمرت الأحوال على ما هي عليه في البلاد بسبب الاثار النفسية والاجتماعية وارتفاع مستويات الفقر إثر الآثار التي يخلفها وباء كورونا.

وتابع "تواجه الأسواق التجارية في بغداد والعراق بشكل عام أزمة كساد أخرى بعد إعادة فرض حظر التجوال الجزئي خلال أيام الخميس والجمعة والسبت من كل أسبوع، ولاحظنا إغلاق القوات الأمنية لمعظم المحلات التجارية والمطاعم بصورة كاملة في بغداد خلال أغسطس الجاري، ما يرفع معدلات البطالة ويزيد من مستويات الفقر التي ارتفعت منذ بداية العام الجاري". 

ودعا الضامن الحكومة إلى رفع القيود المفروضة على عمل المحلات التجارية والمطاعم وفتح الطرق أمام المواطنين، مع فرض وتطبيق إجراءات سلامة صحية وتعقيم وتباعد في كافة الأسواق، الأمر الذي من شأنه أن ينعش الاسواق ويحفظ من معدلات البطالة ومستويات الفقر مع ضمان السلامة من انتشار وباء كورونا.

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.