صناعة الألعاب التراثية هل تنقذ الأطفال من إدمان الاجهزة الإلكترونية
إدمان الأطفال على استخدام الأجهزة والألعاب الإلكترونية وما يتعرضون له من إجهاد نفسي وجسدي جراء البقاء لفترات طويلة أمام هذه الأجهزة دفعت بالنحات الكردي "بختيار حلبجيي"، إلى إحياء لعبة "الدعبل الحجري" التراثية القديمة لإبعادهم عن هذه خطر الأجهزة.
و"الدعبل" هو عبارة عن كرات صغيرة مصنوعة من الحجر أو الزجاج، وهي واحدة من الألعاب الشعبية التي عرفها الانسان منذ القدم.
يواصل بختيار حلبجيي، وهو نحات من محافظة السليمانية بإقليم كردستان شمال العراق، العمل في مجال النحت منذ أكثر من ٢٧عاما.
أنجز خلال هذه الأعوام المئات من الأعمال الفنية، والتي تحتضن غالبية مدن الإقليم العديد منها.
إضافة إلى إنجازه عددا من المنحوتات والتماثيل في شوارع دول المنطقة أيضا.
ونظم حلبجيي ورشة عمل لصناعة الدعبل الحجري للأطفال في الحي الذي يسكنه بالسليمانية، مستغلا أوقات فراغه لإحياء لعبة تراثية يعود تاريخها إلى آلاف السنين، وبقيت محافظة على تواجدها حتى ثلاثينيات القرن الماضي في العراق، حيث حل مكانها الدعبل المصنوع من الزجاج ذي الألوان والاشكال المتنوعة.
يقول حلبجيي، "جمعت الأطفال الموجودين في الحي وبلغ عددهم ١٥ طفلا من كلا الجنسين، وتحدثت معهم عن اللعبة وكيفية صناعتها من الحجر، وكيف كان آبائنا وأجدادنا يلعبون هذه اللعبة"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "لاحظت تشوّق الأطفال لهذه اللعبة التراثية، فقررت أن أفتح لهم ورشة عمل لعدة أيام، علمتهم فيها كيفية صناعة الدعبل من الحجر ومراحلها".
اعتمد حلبجيي في تنظيم الورشة على نفسه من كافة النواحي، ووفر مستلزمات صناعة اللعبة قبل انطلاق الورشة بعدة أيام.
ويوضح النحات الكردي، "أحضرت حجرا خرسانيا كبيرا وكسرته إلى عدة قطع، أجريت عليها بعض التعديلات وأعطيت لكل طفل قطعة مع مطرقة صغيرة وعلمتهم طريقة الصنع، وبدأوا بالعمل وبعد مرور نحو ٥ أيام تمكن عدد منهم صناعة دعابل جميلة ومميزة بعد طلائها بألوان زاهية".
ويسلط حلبجيي الضوء على الأهداف التي حققها من خلال الورشة بقوله، "حققنا عددا من الأهداف في مقدمتها تعريف الأطفال بتراثهم العريق وتوثيق العلاقة بين الطفل وهذه الألعاب التراثية، خاصة أنها من صنع يديه فالشيء الذي يتعب في صناعته المرء لن يتركه ابدا".
ويضيف "كذلك نجحنا في ابعادهم عن الموبايل والأجهزة والألعاب الإلكترونية والبرامج غير الملائمة لعمرهم كأطفال، وفي الوقت ذاته هذه اللعبة وصناعتها تنشط ذاكرة الطفل وتريح حواسه التي أنهكتها الأجهزة الإلكترونية".
ويشير النحات إلى أن الأطفال المشاركين في الورشة تعلموا أيضا العمل الجماعي وكيفية مساعدتهم بعض وتحقيق النجاحات بفضل هذا التعاون.
متحف الإبادة
يخطط حلبجيي حاليا لإنشاء نصب تذكاري بعنوان "نصب السلام" لضحايا عمليات الإبادة الجماعية التي شهدتها دول العالم.
ويقول "أنهيت هذا المشروع من ناحية التخطيط والتصميم والتفاصيل الأخرى لكن حتى الآن لم أجد من يتكفل بتنفيذ هذا المشروع على الأرض من الناحية المادية"، موضحا أن النصب عبارة عن حائط في كل جزء منه نحت بارز خاص بحادثة، وسينجز فنان من كل شعب تعرض للإبادة المنحوتة الخاصة بشعبه أو بلده".
ويتابع حلبجيي، "هذا المشروع يحتاج الى أن يكون في بلد مستقر، فالنصب الذي أخطط له سيكون متحفا ومركزا مهما لاستقبال الزائرين".