العراق

صناعة الألعاب التراثية هل تنقذ الأطفال من إدمان الاجهزة الإلكترونية

دلشاد حسين
20 أغسطس 2020

إدمان الأطفال على استخدام الأجهزة والألعاب الإلكترونية وما يتعرضون له من إجهاد نفسي وجسدي جراء البقاء لفترات طويلة أمام هذه الأجهزة دفعت بالنحات الكردي "بختيار حلبجيي"، إلى إحياء لعبة "الدعبل الحجري" التراثية القديمة لإبعادهم عن هذه خطر الأجهزة.

و"الدعبل" هو عبارة عن كرات صغيرة مصنوعة من الحجر أو الزجاج، وهي واحدة من الألعاب الشعبية التي عرفها الانسان منذ القدم.

يواصل بختيار حلبجيي، وهو نحات من محافظة السليمانية بإقليم كردستان شمال العراق، العمل في مجال النحت منذ أكثر من ٢٧عاما.

أنجز خلال هذه الأعوام المئات من الأعمال الفنية، والتي تحتضن غالبية مدن الإقليم العديد منها.

إضافة إلى إنجازه عددا من المنحوتات والتماثيل في شوارع دول المنطقة أيضا.

ونظم حلبجيي ورشة عمل لصناعة الدعبل الحجري للأطفال في الحي الذي يسكنه بالسليمانية، مستغلا أوقات فراغه لإحياء لعبة تراثية يعود تاريخها إلى آلاف السنين، وبقيت محافظة على تواجدها حتى ثلاثينيات القرن الماضي في العراق، حيث حل مكانها الدعبل المصنوع من الزجاج ذي الألوان والاشكال المتنوعة.

يقول حلبجيي، "جمعت الأطفال الموجودين في الحي وبلغ عددهم ١٥ طفلا من كلا الجنسين، وتحدثت معهم عن اللعبة وكيفية صناعتها من الحجر، وكيف كان آبائنا وأجدادنا يلعبون هذه اللعبة"، مضيفا في حديث لموقع (ارفع صوتك)، "لاحظت تشوّق الأطفال لهذه اللعبة التراثية، فقررت أن أفتح لهم ورشة عمل لعدة أيام، علمتهم فيها كيفية صناعة الدعبل من الحجر ومراحلها".

اعتمد حلبجيي في تنظيم الورشة على نفسه من كافة النواحي، ووفر مستلزمات صناعة اللعبة قبل انطلاق الورشة بعدة أيام.

ويوضح النحات الكردي، "أحضرت حجرا خرسانيا كبيرا وكسرته إلى عدة قطع، أجريت عليها بعض التعديلات وأعطيت لكل طفل قطعة مع مطرقة صغيرة وعلمتهم طريقة الصنع، وبدأوا بالعمل وبعد مرور نحو ٥ أيام تمكن عدد منهم صناعة دعابل جميلة ومميزة بعد طلائها بألوان زاهية".

ويسلط حلبجيي الضوء على الأهداف التي حققها من خلال الورشة بقوله، "حققنا عددا من الأهداف في مقدمتها تعريف الأطفال بتراثهم العريق وتوثيق العلاقة بين الطفل وهذه الألعاب التراثية، خاصة أنها من صنع يديه فالشيء الذي يتعب في صناعته المرء لن يتركه ابدا".

ويضيف "كذلك نجحنا في ابعادهم عن الموبايل والأجهزة والألعاب الإلكترونية والبرامج غير الملائمة لعمرهم كأطفال، وفي الوقت ذاته هذه اللعبة وصناعتها تنشط ذاكرة الطفل وتريح حواسه التي أنهكتها الأجهزة الإلكترونية".

ويشير النحات إلى أن الأطفال المشاركين في الورشة تعلموا أيضا العمل الجماعي وكيفية مساعدتهم بعض وتحقيق النجاحات بفضل هذا التعاون.

متحف الإبادة

يخطط حلبجيي حاليا لإنشاء نصب تذكاري بعنوان "نصب السلام" لضحايا عمليات الإبادة الجماعية التي شهدتها دول العالم.

ويقول "أنهيت هذا المشروع من ناحية التخطيط والتصميم والتفاصيل الأخرى لكن حتى الآن لم أجد من يتكفل بتنفيذ هذا المشروع على الأرض من الناحية المادية"، موضحا أن النصب عبارة عن حائط في كل جزء منه نحت بارز خاص بحادثة، وسينجز فنان من كل شعب تعرض للإبادة المنحوتة الخاصة بشعبه أو بلده".

ويتابع حلبجيي، "هذا المشروع يحتاج الى أن يكون في بلد مستقر، فالنصب الذي أخطط له سيكون متحفا ومركزا مهما لاستقبال الزائرين".

دلشاد حسين

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.