العراق

تفاصيل جديدة حول اغتيال رهام: تحريض "العهد" وتهديد على الهاتف

رحمة حجة
21 أغسطس 2020

ذكرنا في تقرير سابق، التحريض الإعلامي عبر وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء كجزء من حملة منظمة قامت بها الجيوش الإلكترونية في صفحات عراقية، ضد القتيلة الدكتورة رهام يعقوب، من البصرة.

🔴 انتبه❗️المنشور مزيف نشرت بعض صفحات الفيس بوك على ان مدربة اللياقة البدنية ومقدمة البرامج في اذاعة الرشيد رهام يعقوب ...

Posted by Ali Alsendaly on Saturday, September 8, 2018

 

إلا أنها تعرضت للتهديد أيضاً عبر هاتفها الشخصي، من خلال رسالة وصلتها من رقم مجهول بالنسبة لها، يوم 29/10/٢٠١٩ أي بعد مرور شهر على التقرير التحريضي ضدها. 

وحصل "ارفع صوتك" على نسخة من هذه الرسالة، من خلال عمر (اسم مستعار) لصديق مقرّب جداً من القتيلة في عملية اغتيال، الأربعاء الماضي، بثلاث رصاصات إحداها في الرقبة واثنتين في الصدر.

ويتحفظ عمر على اسمه الحقيقي بسبب الخطر المحدق به من مليشيات مسلحة في العراق، لدعمه ثورة أكتوبر، اضطرته للهجرة خارج البلاد نهاية العام الماضي.

ونص رسالة التهديد بتصرف "بسم الله الرحمن الرحيم إلى العميلة للأميركان نعرف كل زين جاي أتنضمين للمظاهرات ونندل الشقة لي بتحسينه والجم نعرف مكانه ونعرف الكلية. احذري لقد اقترب يومك".

لقطة من الرسالة مع حذف رقم المرسل، وصلت 29 أكتوبر 2019

وبعد تلقيها التهديد، قامت رهام بتقديم شكوى إلى مركز الشرطة من أجل محاولة الوصول إلى صاحب الرقم، لكن إجابة الشرطة كانت بعد أيام "الرقم غير مسجّل باسم". 

ويقول صديقها المقرّب في حديث خاص لـ "ارفع صوتك": "من خلال علاقة قوية تربطني بأحد أفراد الأجهزة الأمنية، وسلطته في الوصول لمعلومات عن رقم الهاتف من شركة اتصالات (نتحفظ على اسمها)، توصلنا للاسم الثلاثي لصاحب الرقم وبطاقة سكنه والجنسية (البطاقة الشخصية)، وصورته".

وأكد مصدر عمر له أن هذا الرجل "منتم لأحد الأحزاب" دون أن يذكر له الحزب بالاسم. 

ومن خلال معارف عمر ، توصل إلى مكان السكن المذكور في البطاقة ببغداد لكن الرجل لم يعد مقيماً هناك. 

"بعثت جميع الوثائق التي حصلت عليها لرهام، وأخبرتها بأن تذهب مجدداً لتقديم الشكوى والمتابعة، وذهبت بالفعل لكن كان الجواب نفسه أن الرقم غير مسجل باسم" يقول عمر. 

ويؤكد "قانونياً لم نكن نستطيع تقديم المعلومات التي حصلنا عليها للشرطة، لأننا لا نضمن نزاهتهم، وستتم محاسبتنا بسهولة باعتبار ما قمنا به اختراقاً وانتهاكاً للخصوصية، ونعرّض أكثر من شخص للخطر".

هل يمكن أن يملك شخص هاتفاً غير مسجل باسمه؟

"من الصعب جداً حدوث ذلك في العراق، كل رقم هاتف يتم تسجيله بناء على البطاقة الشخصية، ربما يحمل أفراد عائلة من الدرجة الأولى هواتف مسجلة باسم واحد منهم، لكن ليس أبعد من ذلك" يوضح عمر

ويقول "حتى قبل أسبوع من اغتيال رهام كانت لا تزال تتلقى تهديدات ويتم الترويج ضدها عبر مواقع التواصل". 

ويرجّح أن المسؤول عن اغتيالها "عصائب أهل الحق، خصوصاً بعد نشر فيديو تحريضي عنها في قناة العهد، المملوكة للقيادي السياسي الشيعي قيس الخزعلي مؤسس العصائب".

ويقول عمر إن الفيديو وصله من رهام، مضيفاً "كانت لا تهتم للتهديدات، وتظن أنها بأمان بسبب عدم مشاركتها في ثورة أكتوبر، لكن أيضاً كان يصلها من أصدقائها ومعارفها منشورات تحريضية ضدها، كان بينها هذا الفيديو".

يتابع عمر "وفي 10 تموز (يوليو) 2019 راسلت رهام للاطمئنان عليها، فأجابتني أختها تخبرني أنها مبتعدة عن الفيسبوك لفترة بسبب الضغط النفسي لرؤية كل التحريض ضدها ومحاولة النأي بالنفس عن أي حدث، وكان فيديو قناة العهد وصلها قبل هذا التاريخ بأيام".

ويصف المذيع في الفيديو ضمن حملة أطلقتها القناة الفضائية "أنقذوا البصرة" في  بث مباشر، القنصل العام للقنصلية الأميركية في البصرة تيمي ديفيس بـ"العملاق الأسود".

 

 

فيديو قناة العهد الفضائية التحريضي ضد نشطاء بصريين بينهم رهام

 

كما نشرت القناة نفسها، على موقعها الإلكتروني، أمس الخميس، أجزاء من مقابلة تلفزيونية مع النائب في البرلمان العراقي كاظم الصيادي، يتهم فيها المتواجدين في السفارة الأميركية بـ"العمالة"، ويتهم القتيلة الدكتورة رهام بأنها "عميلة وليست ناشطة".

لقطة من موقع قناة العهد 20 آب 2020

 

وتم تداول الفيديو على نطاق واسع في مواقع التواصل.

 

اعتداء مباشر على سيارتها

في 12 مايو 2019، أي بعد مرور أشهر على التحريض الإلكتروني وتقرير "مهر" الإيرانية، وقبل خمسة شهور من رسالة التهديد التي وصلت المدربة الرياضية وطالبة الدكتوراة رهام يعقوب، تم الاعتداء على سيارتها بتحطيم زجاج واجهتها الأمامية.

رسائل رهام 

المقطع الأول- رسائل رهام حول تحطيم زجاح سيارتها

 

المقطع الثاني- رسائل رهام حول تحطيم زجاح سيارتها

 

جانب من زجاج سيارتها المحطّم

 

سيارة رهام بعد تحطيمها

 وأكد عمر لـ"ارفع صوتك" عبر محادثة هاتفية من منفاه، أن حسابات رهام في فيسبوك و إنستاغرام تعرّضت للإغلاق ولمحاولات اختراق عدة مرات، من جهات لم يتمكنوا من تحديدها.

في المنفى وحيدًا

يتكلم عمر بسرعة بالكثير من التفاصيل كأنه "الغريق المتعلّق بقشّة" حسب تعبيره، يتحدث عن رهام كأنها لا تزال على قيد الحياة، مصدوماً مما جرى، مثل الكثير من أصدقائها، الذين تساءلوا في مواقع التواصل "صدق لو جذب؟ ريهام ماتت؟ منتظر أحد يكولي الخبر جذب".

يقول لـ"ارفع صوتك": "3 سنوات من صداقة قوية وثقة بيننا، ولم أعلم أنها شيعية إلا حين رأيت فيديو الدفن. نعم لهذه الدرجة علاقتنا إنسانية خالصة، بحيث لم نسأل بعضنا عن انتماءاتنا الطائفية. هذا ليس مهماً أساساً".

ويضيف "كنت راسلتها قبل نحو نصف ساعة قبل مقتلها، وذهبت لتناول ساندويتش في محل قرب الشقة التي أقيم فيها، وحين عدت وجدت رسالة من أحد أصدقائنا المشتركين يقول فيها إنها قُتلت. لم أصدقه. فتحت الفيسبوك رأيت الدنيا مكلوبة، انتابتني هستيريا.. وتذكرت كل شيء تعرضت له، وشعرت أكثر بالوحدة، ليس من أحد قريب هنا حتى أخبره عن حزني، وحيداً في منفاي بين أربعة جدارن، لا أعرف ماذا أفعل".

ويختم عمر حديثه بالقول "فقدت أفراداً من عائلتي بعمليات اغتيال عام 2014 , والعديد من أصدقائي في ثورة أكتوبر 2019 منهم الإعلامي أحمد عبد الصمد، والآن رهام. صحيح أنني نجوت بنفسي، لكن وحيداً مع كل هذا الفقد".

رحمة حجة

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.