تفاصيل جديدة حول اغتيال رهام: تحريض "العهد" وتهديد على الهاتف
ذكرنا في تقرير سابق، التحريض الإعلامي عبر وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء كجزء من حملة منظمة قامت بها الجيوش الإلكترونية في صفحات عراقية، ضد القتيلة الدكتورة رهام يعقوب، من البصرة.
إلا أنها تعرضت للتهديد أيضاً عبر هاتفها الشخصي، من خلال رسالة وصلتها من رقم مجهول بالنسبة لها، يوم 29/10/٢٠١٩ أي بعد مرور شهر على التقرير التحريضي ضدها.
وحصل "ارفع صوتك" على نسخة من هذه الرسالة، من خلال عمر (اسم مستعار) لصديق مقرّب جداً من القتيلة في عملية اغتيال، الأربعاء الماضي، بثلاث رصاصات إحداها في الرقبة واثنتين في الصدر.
ويتحفظ عمر على اسمه الحقيقي بسبب الخطر المحدق به من مليشيات مسلحة في العراق، لدعمه ثورة أكتوبر، اضطرته للهجرة خارج البلاد نهاية العام الماضي.
ونص رسالة التهديد بتصرف "بسم الله الرحمن الرحيم إلى العميلة للأميركان نعرف كل زين جاي أتنضمين للمظاهرات ونندل الشقة لي بتحسينه والجم نعرف مكانه ونعرف الكلية. احذري لقد اقترب يومك".
وبعد تلقيها التهديد، قامت رهام بتقديم شكوى إلى مركز الشرطة من أجل محاولة الوصول إلى صاحب الرقم، لكن إجابة الشرطة كانت بعد أيام "الرقم غير مسجّل باسم".
ويقول صديقها المقرّب في حديث خاص لـ "ارفع صوتك": "من خلال علاقة قوية تربطني بأحد أفراد الأجهزة الأمنية، وسلطته في الوصول لمعلومات عن رقم الهاتف من شركة اتصالات (نتحفظ على اسمها)، توصلنا للاسم الثلاثي لصاحب الرقم وبطاقة سكنه والجنسية (البطاقة الشخصية)، وصورته".
وأكد مصدر عمر له أن هذا الرجل "منتم لأحد الأحزاب" دون أن يذكر له الحزب بالاسم.
ومن خلال معارف عمر ، توصل إلى مكان السكن المذكور في البطاقة ببغداد لكن الرجل لم يعد مقيماً هناك.
"بعثت جميع الوثائق التي حصلت عليها لرهام، وأخبرتها بأن تذهب مجدداً لتقديم الشكوى والمتابعة، وذهبت بالفعل لكن كان الجواب نفسه أن الرقم غير مسجل باسم" يقول عمر.
ويؤكد "قانونياً لم نكن نستطيع تقديم المعلومات التي حصلنا عليها للشرطة، لأننا لا نضمن نزاهتهم، وستتم محاسبتنا بسهولة باعتبار ما قمنا به اختراقاً وانتهاكاً للخصوصية، ونعرّض أكثر من شخص للخطر".
هل يمكن أن يملك شخص هاتفاً غير مسجل باسمه؟
"من الصعب جداً حدوث ذلك في العراق، كل رقم هاتف يتم تسجيله بناء على البطاقة الشخصية، ربما يحمل أفراد عائلة من الدرجة الأولى هواتف مسجلة باسم واحد منهم، لكن ليس أبعد من ذلك" يوضح عمر
ويقول "حتى قبل أسبوع من اغتيال رهام كانت لا تزال تتلقى تهديدات ويتم الترويج ضدها عبر مواقع التواصل".
ويرجّح أن المسؤول عن اغتيالها "عصائب أهل الحق، خصوصاً بعد نشر فيديو تحريضي عنها في قناة العهد، المملوكة للقيادي السياسي الشيعي قيس الخزعلي مؤسس العصائب".
ويقول عمر إن الفيديو وصله من رهام، مضيفاً "كانت لا تهتم للتهديدات، وتظن أنها بأمان بسبب عدم مشاركتها في ثورة أكتوبر، لكن أيضاً كان يصلها من أصدقائها ومعارفها منشورات تحريضية ضدها، كان بينها هذا الفيديو".
يتابع عمر "وفي 10 تموز (يوليو) 2019 راسلت رهام للاطمئنان عليها، فأجابتني أختها تخبرني أنها مبتعدة عن الفيسبوك لفترة بسبب الضغط النفسي لرؤية كل التحريض ضدها ومحاولة النأي بالنفس عن أي حدث، وكان فيديو قناة العهد وصلها قبل هذا التاريخ بأيام".
ويصف المذيع في الفيديو ضمن حملة أطلقتها القناة الفضائية "أنقذوا البصرة" في بث مباشر، القنصل العام للقنصلية الأميركية في البصرة تيمي ديفيس بـ"العملاق الأسود".
كما نشرت القناة نفسها، على موقعها الإلكتروني، أمس الخميس، أجزاء من مقابلة تلفزيونية مع النائب في البرلمان العراقي كاظم الصيادي، يتهم فيها المتواجدين في السفارة الأميركية بـ"العمالة"، ويتهم القتيلة الدكتورة رهام بأنها "عميلة وليست ناشطة".
وتم تداول الفيديو على نطاق واسع في مواقع التواصل.
فديو اخر لنفس النائب في قناة اخرى وهو يتهم الشهيدة رهام يعقوب بال"عَمالة" ..
— Ahmed Albasheer -احمد البشير (@ahmedalbasheer1) August 21, 2020
السلطات القضائية وبقايا مجلس النواب عليهم ان يتخذوا الاجراءات القانونية تجاه هذا المحرّض على دماء الشباب العراقيين .. pic.twitter.com/oAZ8Y7QOKQ
اعتداء مباشر على سيارتها
في 12 مايو 2019، أي بعد مرور أشهر على التحريض الإلكتروني وتقرير "مهر" الإيرانية، وقبل خمسة شهور من رسالة التهديد التي وصلت المدربة الرياضية وطالبة الدكتوراة رهام يعقوب، تم الاعتداء على سيارتها بتحطيم زجاج واجهتها الأمامية.
رسائل رهام
وأكد عمر لـ"ارفع صوتك" عبر محادثة هاتفية من منفاه، أن حسابات رهام في فيسبوك و إنستاغرام تعرّضت للإغلاق ولمحاولات اختراق عدة مرات، من جهات لم يتمكنوا من تحديدها.
في المنفى وحيدًا
يتكلم عمر بسرعة بالكثير من التفاصيل كأنه "الغريق المتعلّق بقشّة" حسب تعبيره، يتحدث عن رهام كأنها لا تزال على قيد الحياة، مصدوماً مما جرى، مثل الكثير من أصدقائها، الذين تساءلوا في مواقع التواصل "صدق لو جذب؟ ريهام ماتت؟ منتظر أحد يكولي الخبر جذب".
يقول لـ"ارفع صوتك": "3 سنوات من صداقة قوية وثقة بيننا، ولم أعلم أنها شيعية إلا حين رأيت فيديو الدفن. نعم لهذه الدرجة علاقتنا إنسانية خالصة، بحيث لم نسأل بعضنا عن انتماءاتنا الطائفية. هذا ليس مهماً أساساً".
ويضيف "كنت راسلتها قبل نحو نصف ساعة قبل مقتلها، وذهبت لتناول ساندويتش في محل قرب الشقة التي أقيم فيها، وحين عدت وجدت رسالة من أحد أصدقائنا المشتركين يقول فيها إنها قُتلت. لم أصدقه. فتحت الفيسبوك رأيت الدنيا مكلوبة، انتابتني هستيريا.. وتذكرت كل شيء تعرضت له، وشعرت أكثر بالوحدة، ليس من أحد قريب هنا حتى أخبره عن حزني، وحيداً في منفاي بين أربعة جدارن، لا أعرف ماذا أفعل".
ويختم عمر حديثه بالقول "فقدت أفراداً من عائلتي بعمليات اغتيال عام 2014 , والعديد من أصدقائي في ثورة أكتوبر 2019 منهم الإعلامي أحمد عبد الصمد، والآن رهام. صحيح أنني نجوت بنفسي، لكن وحيداً مع كل هذا الفقد".