العراق

عراقيون ضد غلاء المهور في مواقع التواصل وفتيات: هذه أسبابنا

26 أغسطس 2020

بوسوم تهكمية ضد النساء، نشر شباب عراقيون على مواقع التواصل إحباطاتهم من الواقع الاقتصادي وعدم قدرتهم على تحمّل أعباء الزواج، حيث ارتفاع المهور والتكاليف الأخرى.

من هذه الوسوم: #خليها_تعنس، #لا_تتورط، #خليك_يم_أمك.

كما طالبوا بتخفيض قيمة المهور التي تدفع بالكثير من المقبلين على الزواج إلى الاستدانة من غيرهم.

 

 

وشاركت العديد من النساء بإبداء رأيهن في هذه المسألة، وسواء بشكل جدي أو ساخر.

 

 

غيث: على الزوجة المشاركة

يلقي غيث حميد (28 عاماً) باللوم على الفتيات في إلغاء مشروعه بالزواج وتكوين أسرة.

ويقول لـ "ارفع صوتك" إن "قيمة المهر الذي تطلبه الفتاة قد تجاوز ثلاثين مليون دينار عراقي (نحو 25 ألف دولار)" مستنكراً "من أين يوفر شاب بمثل سني هذا المبلغ وهو يعمل منذ تخرجه من الجامعية على تاكسي لا يملكه أساساً".

ويضيف غيث الذي تخرج من كلية الآداب أن "الحياة تغيرت ولم تعد كالسابق، وصار على الزوجة مشاركة الزوج في كل شيء وتحمل المسؤولية سوياً، لا التفكير فقط في جيبه، وكأن وجود الرجل في حياتها يتعلق بالمال فقط".

 

فرح: أدرس وأعمل ولا أتزوج فقيراً

في نفس السياق، تقول فرح سالم (25 عاماً)  إن "من حق الفتاة أن تشعر بالأمان والاستقرار، بعد أن تترك منزل أهلها لتعيش في منزل زوجها، وهذا الاستقرار لن يكون إلاّ عندما يكون الزوج قادراً على توفير المال".

وتضيف  "كل الزيجات التي تغاضى فيها الزوجان عن الحالة الاقتصادية انتهت بالانفصال والطلاق".

وتشير فرح إلى أن "الكثير من الفتيات اليوم يفضلن إكمال دراستهن والعمل، على الزواج من شاب فقير أو عاطل عن العمل".

 

اقتراض قيمة المهر 

من جهته، ينتقد حسن السيد (49 عاماً) الحكومة بوصفها "المسؤولة عن معاناة الشباب بسبب الأوضاع المادية الصعبة التي يعيشونها".

وطبقا لتقاليد البلاد، يتحمل الرجل قيمة المهر وشراء الأثاث وغيرها من التكاليف، إلا أن ذلك أصبح تقليداً من الصعوبة تنفيذه بالنسبة لكثير من الشباب العاطلين عن العمل.

ويقول لـ "ارفع صوتك" إنه "يرفض تزويج ابنته لشاب لا يتمكن من توفير قيمة مهرها إلاّ عبر اقتراض المبلغ أو استدانته، لأن هذه البداية ستؤثر سلبا على استقرار حياتهما الزوجية".

ويتابع حسن الذي يعمل في وظيفة حكومية: "الحياة الزوجية أو الأسرية فيها الكثير من الأعباء التي تحتاج لمصاريف والتزامات، والشاب الذي يبدأ زواجه باستدانة تكاليفه قد يتوجب عليه الدخول في مشاكل تؤدي ضغوطها إلى الخلافات الزوجية ثم الطلاق".

وعن هذه المشكلة، تتحدث المحامية نجاة فاضل، لـ "ارفع صوتك"، فهي تتعامل دائماً مع قضايا الطلاق والنفقة التي تتقدم بها المتزوجات للمحاكم لعدم قدرة الزوج على تحمل تكاليف الحياة الأسرية ونفقاتها.

وتضيف أن "طلب المرأة للطلاق أمر شائع في البلاد، وتشير إحصائيات سابقة للسلطة القضائية إلى أن 70% من دعاوى الطلاق أمام المحاكم ترفعها المرأة".

وتوضح فاضل أن "المال من أهم مسببات الطلاق في البلاد، ونقصه يتسبب في الكثير من حالات العنف الأسري".

وأظهرت إحصائية رسمية، أن عدد حالات الطلاق في جميع المحافظات العراقية باستثناء إقليم كردستان، خلال شهر يناير 2020،  بلغ 5143 حالة، فيما بلغ مجموع حالات التفريق بحكم قضائي 1443.

كما سجلت هذه المحافظات حالات زواج في الشهر ذاته بلغ مجموعها 24367 حالة، سُجل في بغداد وحدها 3356 حالة منها. 

وفي تعليقها على هذه الأرقام، تقول فاضل "هذه إحصائيات قبل تفشي فيروس كورونا، ما يعني تزايدها بشكل كبير وخاصة بين المتزوجين الجدد لارتفاع نسب الفقر والبطالة، وكل هذا يعود بالأساس إلى أن غالبية المقبلين على الزواج لم يكونوا مؤهلين مادياً". 

 

مرصد الحريات 

وكشف مرصد الحريات للدفاع عن المرأة ارتفاع عدد حالات الطلاق عام 2019، مقارنة بنظيرتها عام 2017، حيث بلغت 49328 حالة طلاق يقابلها 262007 حالة زواج، إلا أن حالات الطلاق ارتفعت في سنة 2018 حيث بلغت 73569حالة طلاق يقابلها 245296  حالة زواج في بغداد والمحافظات العراقية باستثناء محافظات إقليم كردستان.

وبين المرصد الحريات للدفاع عن المرأة المعنفة،  أن "70% من حالات الطلاق كانت بين سن 15 عاماً و30 عاماً، فيما بلغت 30% باقي الأعمار"، مشيراً إلى أن "الزواج المبكر ومواقع التواصل الاجتماعي والظروف الاقتصادية في البلاد تعد من أبرز الأسباب حالات الطلاق في العراق".

والإحصائية الجديدة هي الأعلى تاريخياً في البلاد، وفقاً لمصدر قضائي حيث حافظ العراق وللسنوات بين 2007 وحتى نهاية 2016، على نسب الطلاق سنوياً بين (44-45) ألف حالة، لكن النسبة ازدادت بنحو ملحوظ وبمعدل 50% لنكون أمام 145 ألف حالة خلال سنتين فقط، فيما رجح ارتفاع معدلات الطلاق في البلاد منذ عام 2004 إلى مليون حالة بحلول 2020، "نظراً لارتفاعها المستمر"، على حد قوله.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.