العراق

"الحسين ثورة" شعار موكب متظاهري أكتوبر في عاشوراء

27 أغسطس 2020

"الله ينتقم من كل سياسي!".. هتاف يتردد داخل ضريح الإمام الحسين في كربلاء، وسط العراق، حيث يتجمع آلاف الزوار يندبون الحسين، ويدعون من أجل تحقيق العدالة اليوم.

وترتدي حشود الزوار ملابس سوداء كما جرى التقليد خلال المشاركة في إحياء محرم، الشهر الأول في التقويم الإسلامي الذي قتل خلاله الحسين، حفيد النبي محمد في معركة كربلاء عام 680 ميلادي.

بالنسبة للبعض في كربلاء الواقعة على بعد 80 كيلومترا جنوبي غرب بغداد، الظلم الذي لحق بالحسين، والذي ينظر إليه الشيعة على أنه إحدى أعظم مظالم التاريخ التي مضت بلا عدالة، ما زال مستمرا. 

ويحمل 24 رجلا وفتى بدا الحزن على وجوههم، صورا لبعض المتظاهرين والناشطين والصحافيين العراقيين الذين قتلوا منذ اندلاع التظاهرات المناهضة للحكومة في أكتوبر ويرفعونها داخل المكان، فيما يرفع آخرون أعلاما عراقية إلى جانب رايات محرم السوداء المطرزة باسم الحسين.

ويقف الزوار في مواجهة أضواء النيون الساطعة للضريح الرئيسي، ويرددون ترانيم الحداد المعتادة خلال هذا الشهر، مع إضافات لهذه السنة: "عندما رأينا الشريف كيف يغتالونه، والمنصب الفاسد يختارونه..."، ثم يضيفون "الله ينتقم من كل سياسي!".

بين الصور المرفوعة صورة، ريهام يعقوب، البالغة من العمر 29 عاما، وهي ناشطة قتلت بالرصاص الأسبوع الماضي في مدينة البصرة الجنوبية الغنية بالنفط. وقدم رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، التعازي لأسرة يعقوب الأسبوع الماضي، متعهدا بالانتقام لموتها.

لكن تعهدات مماثلة صدرت بعد مقتل آخرين من دون الوصول الى نتيجة.

 

"الحسين ثورة!" 

ومنذ اندلاع التظاهرات العام الماضي في الأول من أكتوبر مع اقتراب محرم من نهايته، يشبه المحتجون العراقيون الغاضبون على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز، أنفسهم بأتباع الحسين الذي قتل كربلاء على أيدي قوات الخليفة يزيد التي أضرمت النار في خيام أتباعه في الصحراء. 

ويذكرون أن قوات الأمن أحرقت خلال فترة الاحتجاجات الشعبية التي تخللتها مواجهات الخيم التي كانوا نصبوها في الساحات.

ويلازم شعار "الحسين ثورة!" الحركة الاحتجاجية.

وليس تقليد المزج بين الزيارة الدينية والمطالب الاحتجاجية جديدا في كربلاء التي نظمت لعقود مسيرات ضد المظالم.

داخل الضريح، تصل مسيرات يسير فيها عراقيون متدينون جنبا إلى جنب مع شباب ذوي ميول ليبرالية.

ويقول، حاتم النورس، أحد المسؤولين عن موكب العباسية، وهو أقدم وأبرز موكب عزاء إلى كربلاء منذ أربعينات القرن الماضي، "نحن معروفون بقافلة ثورية، ثورة مثل ثورة الإمام الحسين. نريد أن ننقل معاناة الشارع العراقي إلى العالم أجمع".

بالنسبة لعلاء الصراف، الذي يشارك في ترانيم محرم منذ ما يقرب من عقدين، "الحسين يمثل النهضة ضد الظلم".

ويقول "لدينا تاريخ في كتابة الهتافات بناء على ما يريده الشارع: لقد عارضنا الغزو الأميركي والطائفية بعد عام 2003، واليوم نحن ندعم خدمات أفضل ووضع حد للفساد والحقوق للجميع".

 

انتقاد لإيران 

ونزل آلاف الزوار إلى كربلاء منذ أن بدأ محرم في 21 أغسطس، متجاهلين تحذيرات المسؤولين وحتى رجال الدين للبقاء في منازلهم في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد.

وسجل العراق ما يقرب من 215 ألف إصابة بالفيروس وأكثر من 6600 وفاة. وحذرت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي من "الارتفاع المضطرد" في الإصابات.

لكن لا شك أن القيود المرتبطة بالفيروس أدت إلى انخفاض ملحوظ في عدد الزوار مقارنة بالسنوات الأخرى عندما كان يتجمع ملايين الشيعة في المدينة المقدسة قادمين من مناطق بعيدة مثل أفغانستان أو من إيران المجاورة.

 

وتشير بعض لافتات المشاركين في العزاء إلى طهران التي تتعرض لانتقادات شديدة منذ بدء الحركة الاحتجاجية، لدعمها طبقة سياسية عراقية ينظر إليها على أنها فاسدة وغير كفوءة، ولفرض نفوذها على البلاد.

وكتب على ملصق "كم عدد المسؤولين من أتباع 'الجار'؟ لقد أصبحوا خداما لها ويرضون على كل هذا العار".

وتعهد "موكب عزاء شهداء أكتوبر"، بمواصلة الدعوات حتى تحقيق العدالة.

ويقول إيهاب الوزني "سينتهي نفوذها كما ينتهي حكم كل الطغاة مهما طال الوقت".

ويضيف في إشارة الى المسؤولين العراقيين، "سيأتي يومك أيضا إذا لم تنفذ مطالب الشعب العراقي".

 

المصدر: فرانس برس

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.