تزوير فحوصات كورونا.. ما أسباب زيادة الجرائم في العراق؟
دفع خوف زينب هاشم (31 عاماً) من أعراض الإصابة بفيروس كورونا قبل أسابيع، أمها للاتصال بطبيب عبر صفحته في فيسبوك، لاستشارته عن معاناتها من أعراض شبيهة بالإنفلونزا.
تقول لـ "ارفع صوتك": "كان الشعور مخيفاً من مراجعة أي مستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة، لذا بحثت أمي عن طبيب في فيسبوك وطلبت المساعدة منه، ووافق مقابل مبلغ من المال".
بعد أيام على حضور الطبيب لمنزلها الذي يشاركها فيه سبعة أفراد لإجراء مسحة الفيروس، اتصل وأخبرها أنها مصابة بكوفيد-19، وأكد على ضرورة فحص جميع أفراد العائلة لاحتمالية انتقال العدوى إليهم.
وتضيف زينب "بلغت كلفة الفحوصات التي أجراها الطبيب في المنزل حوالي مليون و300 ألف دينار عراقي ( نحو 1000$)".
"حتى أن الطبيب قام بتزويدنا بتقارير مفصلة عن حالاتنا الصحية، التي أظهرت إصابة ثلاثة منا، ولكن للأسف اتضح فيما بعد أنها تقارير مزورة" تقول زينب.
واكتشفت أنها مزورة عند تقديمها لمكان عملها، لتعاود الاتصال بالطبيب، الذي "فقد أثره كأنه لم يكن موجوداً بالأساس" حسب تعبيرها.
وتتابع زينب القول "ولكن بعد البحث والسؤال عرفنا أن هذا الطبيب نصّاب ومحتال وألقي القبض عليه من الأجهزة الأمنية".
الجريمة وحظر التجوّل
زار قسم الرصد في المفوضية العليا لحقوق الإنسان، قيادة شرطة محافظة بغداد، إذ أبدت الأخيرة تعاونها التام مع فريق المفوضية من خلال تقديم المعلومات والإحصاءات، التي بينت انخفاض نسبة الجريمة في العاصمة بغداد خلال أوقات الحظر بسبب جائحة كورونا وخاصة أثناء الحظر الكلي، حيث انخفضت نسبة جرائم القتل العمد إلى 51% والاغتيالات بنسبة 92% وجريمة محاولة الاغتيال إلى 100% وكذلك انخفاض جريمة حيازة وتعاطي المواد المخدرة والقبض على أعداد كبيرة من مروجيها.
في نفس الوقت، ظهرت زادت الاعتداءات على الأجهزة الأمنية منذ بداية العام الجاري، فضلا عن زيادة عدد حالات الطلاق والعنف الأسري والانتحار.
وفي تعليقه على هذه الأرقام، يقول المحامي عامر ضياء إن "معدلات الجريمة ارتفعت في البلاد خلال أزمة تفشي كورونا، إذ فرضت أشكالاً وطرقاً جديدة متعلقة بالوباء، مثل المتاجرة بالأدوية المغشوشة والتالفة وعمليات السرقة والابتزاز الإلكتروني والنصب والاحتيال والعنف الموجه ضد الملاكات الصحية وغير ذلك".
ويقول لـ "ارفع صوتك" إن "كل الارقام المقدمة هي أقل من ذلك بكثير على أرض الواقع".
ويضيف ضياء "المعلومات المتاحة عن الجرائم شحيحة، وغير متداولة لأن الكثير من ضحاياها يخشى الإبلاغ عنها لأسباب اجتماعية واقتصادية، بينما آخرون لا يثقون بالأجهزة الأمنية. لذا فإن معدلات الجريمة في ارتفاع لا انخفاض".
ويشير إلى أنه حتى معدلات ارتفاع العنف الاأسري تعود بالأساس لكثير جرائم تتعلق بسرقة يقوم بها أحد أفراد هذه الأسرة أو احتيال أو تعاطي مخدرات وغير ذلك.
"حتى نرى أن الأسرة بأكملها هي من تعاني من الضغط المستمر الذي يتسبب في العنف كالاعتداء بالضرب والقتل والانتحار وغيره" يؤكد المحامي ضياء.
الشرطة المجتمعية
يشكل فيروس كورونا إحدى الأزمات التي تسببت في تأجيل العديد من المشاريع التي بدأت وزرة الداخلية متمثلة بشرطتها المجتمعية للحد من تزايد الجريمة في البلاد.
يقول مدير الشرطة المجتمعية العميد غالب العطية لـ "ارفع صوتك" إن الوزرة تسعى لتقليل الجريمة عبر التوصل مع الأسر مباشرة من خلال الشرطة المجتمعية والنسوية.
ويضيف "العنف مرتبط على نطاق واسع بالأسرة التي يشكل ضحاياه خطراً كبيراً على المجتمع، والذي يعني ارتفاع نسبة الجريمة".
ويعتبر العميد أن فقدان رقابة الأهل والمتابعة ينعكس بشكل سلبي على الأبناء في مجال انخفاض نسب الجريمة.
ويشير إلى وجود مشكلة حقيقة هي "عدم استعانة الأبناء والبنات من ضحايا الإجرام بأسرهم خشية وقوفهم ضدهم أو معاقبتهم كما يحدث في القتل والانتحار".
"وكذلك الفقر والبطالة إذ أسهما في توريط الكثير من الشباب بجرائم نصب واحتيال وابتزاز " حسب العطية.
ويؤكد العطية أن الشرطة المجتمعية "تعمل الآن على عديد من الورش التثقيفية بمختلف الجرائم وكذلك بدورها وضرورة اللجوء إليها لطلب المساعدة، لأن قلة التوعية والتثقيف تتسبب بتزايد معدلات الجريمة".
وكان وزير الداخلية عثمان الغانمي، ترأس أمس الاثنين، المؤتمر الأمني الذي أقامته مديرية مكافحة إجرام بغداد التابعة لوكالة الوزارة لشؤون الشرطة، لمناقشة معدلات نسبة الجريمة وسبل مكافحتها بحضور عدد من القادة والضابط.
وأكد خلال المؤتمر أن وزارة الداخلية "أمام مهمة كبيرة للحد من الجريمة والتعامل السريع ومراعاة الوقت بالبدء في التحقيق المهني في حال وقع جريمة ما".
ووصف الغانمي رجال قوى الأمن الداخلي بـ "رجال المرحلة" مضيفاً "يجب أن يكون شعار الوزارة (الداخلية من المواطن وإليه)".
كما بين الوزير أن مديرية مكافحة إجرام بغداد مفصل حيوي وأساس الأمن المجتمعي ويجب العمل وفق الأساليب الحديثة لكشف الجريمة من خلال اتباع السياقات الصحيحة، مشيرا إلى أنه في حال تحقق العمل باكتشاف جريمة قتل والوصول إلى الجاني فإن هناك ارتياح للضمير.
ودعا الغانمي إلى تحقيق بيئة آمنة والوقوف أمام التحديات للحفاظ على أرواح المواطنين.