العراق

تزوير فحوصات كورونا.. ما أسباب زيادة الجرائم في العراق؟

01 سبتمبر 2020

دفع خوف زينب هاشم (31 عاماً) من أعراض الإصابة بفيروس كورونا قبل أسابيع،  أمها للاتصال بطبيب عبر صفحته في فيسبوك،  لاستشارته عن معاناتها من أعراض شبيهة بالإنفلونزا.

تقول لـ "ارفع صوتك": "كان الشعور مخيفاً من مراجعة أي مستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة، لذا بحثت أمي عن طبيب في فيسبوك وطلبت المساعدة منه، ووافق مقابل مبلغ من المال".

بعد أيام على حضور الطبيب لمنزلها الذي يشاركها فيه سبعة أفراد لإجراء مسحة الفيروس، اتصل وأخبرها أنها مصابة بكوفيد-19، وأكد على ضرورة فحص جميع أفراد العائلة لاحتمالية انتقال العدوى إليهم.

وتضيف زينب "بلغت كلفة الفحوصات التي أجراها الطبيب في المنزل حوالي مليون و300 ألف دينار عراقي ( نحو 1000$)".

"حتى أن الطبيب قام بتزويدنا بتقارير مفصلة عن حالاتنا الصحية، التي أظهرت إصابة ثلاثة منا، ولكن للأسف اتضح فيما بعد أنها تقارير مزورة" تقول زينب.

واكتشفت أنها مزورة عند تقديمها لمكان عملها، لتعاود الاتصال بالطبيب، الذي "فقد أثره كأنه لم يكن موجوداً بالأساس" حسب تعبيرها.

وتتابع زينب القول "ولكن بعد البحث والسؤال عرفنا أن هذا الطبيب نصّاب ومحتال وألقي القبض عليه من الأجهزة الأمنية".

 

الجريمة وحظر التجوّل

زار قسم الرصد في المفوضية العليا لحقوق الإنسان، قيادة شرطة محافظة بغداد، إذ أبدت الأخيرة تعاونها التام مع فريق المفوضية من خلال تقديم المعلومات والإحصاءات، التي بينت انخفاض نسبة الجريمة في العاصمة بغداد خلال أوقات الحظر بسبب جائحة كورونا وخاصة أثناء الحظر الكلي، حيث انخفضت نسبة جرائم القتل العمد إلى 51% والاغتيالات بنسبة 92% وجريمة محاولة الاغتيال إلى 100% وكذلك انخفاض جريمة حيازة وتعاطي المواد المخدرة والقبض على أعداد كبيرة من مروجيها.

في نفس الوقت، ظهرت زادت الاعتداءات على الأجهزة الأمنية منذ بداية العام الجاري، فضلا عن زيادة عدد حالات الطلاق والعنف الأسري والانتحار. 

وفي تعليقه على هذه الأرقام، يقول المحامي عامر ضياء إن "معدلات الجريمة ارتفعت في البلاد خلال أزمة تفشي كورونا، إذ فرضت أشكالاً وطرقاً جديدة متعلقة بالوباء، مثل المتاجرة بالأدوية المغشوشة والتالفة وعمليات السرقة والابتزاز الإلكتروني والنصب والاحتيال والعنف الموجه ضد الملاكات الصحية وغير ذلك".

ويقول لـ "ارفع صوتك" إن "كل الارقام المقدمة هي أقل من ذلك بكثير على أرض الواقع".

ويضيف ضياء "المعلومات المتاحة عن الجرائم شحيحة، وغير متداولة لأن الكثير من ضحاياها يخشى الإبلاغ عنها لأسباب اجتماعية واقتصادية، بينما آخرون لا يثقون بالأجهزة الأمنية. لذا فإن معدلات الجريمة في ارتفاع لا انخفاض".

ويشير إلى أنه حتى معدلات ارتفاع العنف الاأسري تعود بالأساس لكثير جرائم تتعلق بسرقة يقوم بها أحد أفراد هذه الأسرة أو احتيال أو تعاطي مخدرات وغير ذلك.

"حتى نرى أن الأسرة بأكملها هي من تعاني من الضغط المستمر الذي يتسبب في العنف كالاعتداء بالضرب والقتل والانتحار وغيره" يؤكد المحامي ضياء.

 

الشرطة المجتمعية

يشكل فيروس كورونا إحدى الأزمات التي تسببت في تأجيل العديد من المشاريع التي بدأت وزرة الداخلية متمثلة بشرطتها المجتمعية للحد من تزايد الجريمة في البلاد.

يقول مدير الشرطة المجتمعية العميد غالب العطية لـ "ارفع صوتك" إن الوزرة تسعى لتقليل الجريمة عبر التوصل مع الأسر مباشرة من خلال الشرطة المجتمعية والنسوية.

ويضيف "العنف مرتبط على نطاق واسع بالأسرة التي يشكل ضحاياه خطراً كبيراً على المجتمع، والذي يعني ارتفاع نسبة الجريمة".

ويعتبر العميد أن فقدان رقابة الأهل والمتابعة ينعكس بشكل سلبي على الأبناء في مجال انخفاض نسب الجريمة.

ويشير إلى وجود مشكلة حقيقة هي "عدم استعانة الأبناء والبنات من ضحايا الإجرام بأسرهم خشية وقوفهم ضدهم أو معاقبتهم كما يحدث في القتل والانتحار".

"وكذلك الفقر والبطالة إذ أسهما في توريط الكثير من الشباب بجرائم نصب واحتيال وابتزاز " حسب العطية.

ويؤكد العطية أن الشرطة المجتمعية "تعمل الآن على عديد من الورش التثقيفية بمختلف الجرائم وكذلك بدورها وضرورة اللجوء إليها لطلب المساعدة، لأن قلة التوعية والتثقيف تتسبب بتزايد معدلات الجريمة".

وكان وزير الداخلية عثمان الغانمي، ترأس أمس الاثنين، المؤتمر الأمني الذي أقامته مديرية مكافحة إجرام بغداد التابعة لوكالة الوزارة لشؤون الشرطة، لمناقشة معدلات نسبة الجريمة وسبل مكافحتها بحضور عدد من القادة والضابط.

وأكد خلال المؤتمر أن وزارة الداخلية "أمام مهمة كبيرة للحد من الجريمة والتعامل السريع ومراعاة الوقت بالبدء في التحقيق المهني في حال وقع جريمة ما". 

ووصف الغانمي رجال قوى الأمن الداخلي بـ "رجال المرحلة" مضيفاً "يجب أن يكون شعار الوزارة (الداخلية من المواطن وإليه)".

كما بين الوزير أن مديرية مكافحة إجرام بغداد مفصل حيوي وأساس الأمن المجتمعي ويجب العمل وفق الأساليب الحديثة لكشف الجريمة من خلال اتباع السياقات الصحيحة، مشيرا إلى أنه في حال تحقق العمل باكتشاف جريمة قتل والوصول إلى الجاني فإن هناك ارتياح للضمير.

ودعا الغانمي إلى تحقيق بيئة آمنة والوقوف أمام التحديات للحفاظ على أرواح المواطنين.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.