العراق

العمل الخيري وأزمة كورونا.. ما الذي تغيّر في العراق؟

التحديث 04 سبتمبر 2020 12:40

مع تأكيدوزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي عادل الركابي في تصريح سابق، على ارتفاع معدلات الفقر في البلاد بسبب تفشي فيروس كورونا من 22% إلى 34%، يسلط اليوم الدولي للعمل الخيري في الخامس من سبتمبر هذا العام الضوء على الأضرار الاقتصادية الكبيرة الذي تعرضت لها الكثير من العائلات العراقية.

يقول الخبير الاقتصادي جاسم خالد لـ "ارفع صوتك" إن "الكثير من العمال فقدوا مصادر رزقهم ولم يتمكنوا حتى اللحظة من استئناف أعمالهم مقارنة بالأزمات الاقتصادية السابقة". 

"لأنهم كانوا يعملون بقطاعات ومجالات يؤثر الفيروس بشكل مباشر على ديمومتها، كالمطاعم والأماكن الترفيهية وكذلك سواق الأجرة وغيرها من المهن التي تفقد انتعاشها في التباعد الاجتماعي"، يوضح خالد.

أزمة تفشي كوفيد-19 تسببت أيضاً بفقدان الكثير من العائلات لأفرادها نتيجة الإصابة بالعدوى، إذ بلغ مجموع الوفيات لأكثر من 7200 حالة لغاية الآن.

وفي تعليقه على الأمر، يقول الخبير  "هذا يعني بالنسبة لآلاف منهم، فقدان مصادر رزقهم، وتحمّل مسؤولية توفير لقمة العيش التي كانت على عاتق الذين فقدوا حياتهم بسبب الوباء".

كما يتوقع خالد انكماش وتباطؤ النمو الاقتصادي وتضاعف معدلات الفقر في البلاد حتى بعد انتهاء أزمة الوباء.

 

الفرق التطوعية

في المقابل، يزداد إقبال الناس على الأعمال الخيرية لمساعدة الفقراء والمحتاجين والمصابين بالوباء، ونشطت الكثير من الفرق التطوعية بعضها أطلق مبادراته عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي عن تجميع التبرعات وتوزيعها على من لا خيار لديه سوى اللجوء لطلب المساعدة.

استلمنا يوم أمس من السيد الدكتور اديب الجابري ١١ احد عشر جهاز توليد اوكسجين لردهات عزل الشطرة، جلبها بالتعاون مع الدكتور...

Posted by ‎نعيم آل مسافر‎ on Thursday, September 3, 2020

 

بينما فضل البعض الآخر العمل بعيداً عن الأضواء الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي.

ففي منزل لا تتسع باحته الخارجية لاستيعاب كل النساء اللاتي ينتظرن دورهن للحصول على أكياس معبأة بالفاصوليا المجففة والأرز والمعكرونة وكذلك الخضار كالبطاطا والباذنجان والطماطم والبصل وغيرها، راحت ماجدة خليل (49 عاماً) تباشر عملها بتوزيعها وقد ارتدت كمامة وقفازين. 

فبعد تفشي فيروس كورونا، وجدت ماجدة وهي ناشطة حقوقية، نفسها مضطرة للانخراط في العمل مع فريق تطوعي لمساعدة الفقراء والمرضى في البلاد، عبر تجميع التبرعات والمساعدات المالية والغذائية.

تقول لـ "ارفع صوتك": "يجب أن يأكل أطفالهن. أكثرهن مطلقات وأرامل لا قدرة لديهن على العمل ويعشن بظروف صحية واجتماعية صعبة".

وتضيف ماجدة "وغيرهن معيلات لأسرهن يعملن بخدمة المنازل ومربيات للأطفال وخياطات وغير ذلك من مهن تكفي لتأمين تكاليف المعيشة اليومية فقط، ولكن مع تفشي الوباء توقف كل شيء، ولم يعد بإمكانهن استعادة أعمالهن كالسابق رغم استئناف حركة الحياة من جديد". 

وتشير  إلى أن الشيء الجيد الذي يسهم في تقليل معاناة البعض من الذين تضرروا بسبب فيروس كورونا هو تزايد الفرق التطوعية الفردية وحملات الخيرية والمساعدات، لكن على الحكومة التصرف وإيجاد الحلول الناجعة.

 

توزيع النذور 

في نفس السياق، يقول فيصل حسن، وهو متطوع في مبادرة خيرية، إن "الكثير من الناس استغلوا أزمة تفشي الوباء بشهر محرم بتوزيع النذور والطعام المطبوخ على الفقراء والمتضررين، بينما غيرهم فضلوا التبرع بالأموال التي تنفق على مواكب العزاء ومجالسها للمحتاجين".

ويؤكد لـ "ارفع صوتك" أن هذا الأمر "من الطقوس التي يحرص العراقي على إحيائها بهذا الشهر".

ويشير فيصل إلى أن البلاد تعرضت للكثير من الأزمات التي كانت تدفع الناس إلى مساعدة كل من يحتاج، ولكن وجود الانفتاح التكنلوجي ووسائل الاتصال الاجتماعي سهل مهمة تقديم الأعمال والمبادرات الخيرية عبر إطلاق مختلف الحملات المساندة. 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.