سركو وفاقدو الأطراف.. قصة منظمة بدأت من معاناة
اتخذ سركو رحيم من فقدانه لساقيه إثر حادث سير، دافعاً لإطلاق مشروعه إنساني في حلبجة، يقدم من خلاله خدمات طبية وتوعوية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في كردستان ومناطق عراقية أخرى.
وكان رحيم تعرض قبل نحو ٢٧ سنة لحادث سير عندما كان على متن سيارة متوجهة من مدينة حلبجة إلى مدينة السليمانية في إقليم كردستان، ما أدى لفقدانه ساقيه، وبعد معاناة استمرت أكثر من عام، حصل على ساقين صناعيين.
وشكل الساقان بداية جديدة لرحيم، قرر فيها العمل من أجل الأطفال الذين يمرّون بظروف مشابهة، لهذا كان اسم المنظمة التي أنشأها "نحو حياة جديدة" عام 2008.
سعادتهم سعادته
يقول رحيم لـ"ارفع صوتك" إنه تمكن بعد تأسيس المنظمة وبالتعاون مع منظمة سماريتان پيرس Samaritan's Purse (وهي دولية مقرها الرئيس الولايات المتحدة الأميركية)، من تقديم المساعدات الصحية والمستلزمات الطبية والأطراف الصناعية والكراسي المتحركة للأطفال الذين يحتاجونها، فضلا عن تقديم دعم نفسي لهم ولذويهم.
ويضيف "عندما أقدم المساعدة لهم وتتحسن حالتهم الصحية ويتمكنون من الجلوس والمشي والرياضة بعد الحصول على أطراف صناعية أو كراس متحركة، ألاحظ ملامح السعادة على وجوه والديهم، حينها تغمرني السعادة وأشعر بارتياح نفسي وروحي".
وحسب إحصائية المنظمة التي يديرها رحيم، وصل عدد الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة المستفيدين من مشاريع المنظمة حتى الآن إلى أكثر من ٥٢٠٠ طفل من مختلف محافظات العراق.
وتقدم المنظمة المساعدة للأطفال المصابين بشلل الدماغ والذين فقدوا أطرافهم، وهذه المساعدات تتمثل في توفير الاحتياجات والمستلزمات الطبية، فضلا عن التعاون مع مجموعة الأطباء الأميركيين المختصين بأمراض القلب، الذين يحضرون سنوياً إلى مقر المنظمة في حلبجة، لفحص وعلاج مرضى القلب من الأطفال، مجاناً.
يتابع رحيم حديثه لـ"ارفع صوتك": "نوفر أطرافاً صناعية، ونوعا من الكراسي الخاصة بالأطفال المصابين بشلل الدماغ تمكنهم من الجلوس، واستطعنا حتى الآن من مساعدة أكثر ٣٥٧ طفلا من المصابين المسجلين لدينا على الدخول إلى المدارس ورياض الأطفال".
"كما ننظم باستمرار دورات تقوية خاصة لأهالي الأطفال، تشمل العلاج الطبيعي وعلم النفس وكيفية التعامل مع أطفالهم" يقول رحيم.
ويشير إلى حصوله على الأطراف الصناعية الخاصة بالأطفال الذين فقدوا أطرافهم بالتعاون مع طبيب أميركي وعدد من الأطباء الأتراك في تركيا، حيث ينقل الأطفال المصابين بسيارته الخاصة إلى مدينة ديار بكر جنوب شرق تركيا لصناعة الأطراف وتركيبها لهم.
ويضيف "نستقبل في مركزنا يوميا بين ٣٠ و٥٠ طفلا من مختلف محافظات العراق، يسجلون لدينا، ثم يعرضون على أطبائنا المختصين لتشخيص حالاتهم وبعدها نحاول تقديم كل ما يحتاجونه من مستلزماتطبية بالمجّان، مع المتابعة المستمرة لحالاتهم".
دعم المواطنين
استمر الدعم المالي والعيني من منظمة سمارتيان پيرس الأميركية بين الأعوام ٢٠٠٨ و٢٠١٦، وبعدها بدأت المنظمة العراقية في حلبجة الاعتماد على التبرعات التي تصلها من المواطنين العراقيين شهرياً.
ولم يتوقف رحيم ومنظمته عن تقديم الدعم للأطفال المسجلين لديها خلال فترة الإغلاق العام والحجر الصحي الذي فرضته حكومة إقليم كردستان للحد من انتشار فيروس كورونا.
يقول "كنت على تواصل مستمر مع أهالي الأطفال يومياً عبر الإنترنت، وقدمت لهم النصائح اللازمة، وبعد انتهاء الإغلاق باشرت العمل الميداني فوراً".