العراق

أشجار الزيتون السورية في كردستان العراق

09 سبتمبر 2020

بجهود سليمان شيخو وهو رجل أعمال كردي من سوريا، تغطي تلال اقليم كردستان الآن عشرات الآلاف أشجار الزيتون التي تمتد جذورها في أرض جديدة بعد نقلها من حقول في البلد المجاورة.

ويفتخر هذا الرجل بفتح مشروع لإنتاج زيت الزيتون من أشجار جاء بها من بلدته عفرين لتثمر اليوم على أرض إقليم كردستان العراق.

يقول شيخو (58 عاما) الذي بدأ بنقل أشجار الزيتون من مسقط رأسه عفرين عام 2017 إلى كردستان العراق، لوكالة الصحافة الفرنسية "هذا العام كان عام خير"، مضيفا وهو يشير إلى أشجار الزيتون، "في هذه المزرعة عندي 42 آلف شجرة زيتون كلها جلبتها في عامها الثالث، من عفرين"، الواقعة في شمال غرب سوريا.

لكن مهمة شيخو أصبحت معقدة بعدما سيطرت القوات التركية وفصائل سورية موالية لها على عفرين، بداية عام 2018.

ومن المفارقة، أطلق أسم "غصن الزيتون" على تلك العملية التي أدت لنزوح عشرات الآلاف من سكان عفرين، الكثير منهم كانوا يعملون منذ عقود في إنتاج زيت الزيتون في ظل مناخ بلدتهم المعتدل.

ويملك شيخو في عفرين أربعة آلاف شجرة عمرها أكثر من قرن.

ودفع ذلك رجل الأعمال هذا الذي كان يرأس اتحاد عفرين لإنتاج الزيتون، للعمل بإنتاج زيت الزيتون.

وتولى شيخو نقل بعض أشجاره بطريقة رسمية وهرب أخرى عبر الحدود المشتركة بين البلدين وتسيطر عليها سلطات كردية مستقلة على الجانبين.

ورغم بيعه للكثير من تلك الأشجار لفلاحين من مناطق متفرقة في إقليم كردستان، ترتفع أخرى الآن بعدما أعاد زراعتها في بستانه الذي يمتد بين منازل صيفية فاخرة قرب مدينة أربيل، عاصمة اقليم كردستان.

ويعد الزيتون جزءا رئيسيا على مائدة الطعام في بلاد الشام، كما يستخدم زيت الزيتون في الطبخ ومع المقبلات بينها الحمص المعروف.
كما يستخدم الزيتون الخام المتبقي من عمليات إنتاج الزيت، لصناعة قطع صابون نباتي مميز.

أرض خصبة

وتعتبر شجرة الزيتون في العراق والمنطقة كما هي النخلة، مباركة ويفضل زراعتها في المنازل.

لكن الحرارة المرتفعة ووجود مساحات صحراوية واسعة في العراق تقلص وبشكل كبير من زراعة أشجار الزيتون، ما دفع أهل العراق منذ زمن بعيد الى استيراد زيت الزيتون من لبنان أو سوريا وتركيا.

لكن ثمنه بالتأكيد مرتفع، ولتغيير هذه المعادلة كان لا بد من تحقيق إنتاج محلي.

من جانبه، يشعر شيخو براحة كبيرة لأن الأرض التي يزرعها قرب أربيل، خَصبة كالتي في مسقط رأسه، مع الفارق في درجات الحرارة التي ترتفع أكثر، ما يتطلب وجود أنظمة ري أكثر فاعلية.

وتجنى محاصيل الزيتون مرتين كل العام، في شباط/ فبراير وتشرين الثاني/ نوفمبر.

وبنى شيخو المولع بشجرة الزيتون، معصرة يتم فيها فصل الزيتون عن الأغصان والأوراق ثم يحفر، بعدها تُعصر الحبات للحصول على زيت كثيف تفوح منه رائحة مميزة.

ويذوق شيخو الذي يرتدي سترة رصاصية جودة الزيت الكثيف اللزج قبل تعبئته في قناني بلاستيكية.

ويقول "أنتج 23 كيلوغراما من زيت الزيتون من كل مئة كيلوغرام من حبات الزيتون".

ويعتبر إنتاج زيت الزيتون محدوداً في العراق لكنه بدأ بالازدهار بعد توافد نازحين سوريين هربا من الحرب التي اندلعت في بلادهم منذ حوالي عشر سنوات، وبعد انطلاق مشروع شيخو.

وفي عام 2008، لم يكن في الاقليم سوى نحو 169 ألف شجرة زيتون وفقا لوزارة الزراعة في حكومة إقليم كردستان.

لكن اليوم يصل اليوم إلى حوالي أربعة ملايين شجرة زيتون في الإقليم، بعدما استثمرت الوزارة حوالي 23 مليون دولار في استيراد وزراعة هذه الشجرة.

ويرى شيخو أن الأرض التي يزرعها حاليا ستكون أكثر انتاجاً في المستقبل، موضحا أن المزارعين "هنا لديهم أفكار عظيمة وطموحون جداً".
ويضيف "بالعمل الجاد وخبرة مزارعي عفرين، سيخلقون مستقبلاً مشرقاً جداً للعمل في الزيتون".
 

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.