العراق

صحافي كردي يطلق حملة لتشجير السليمانية بعد الحرائق

09 سبتمبر 2020

دفع الحريق الذي التهم مساحات واسعة من غابات جبل كويژه المطل على مدينة السليمانية بكردستان العراق، الخميس الماضي، المصور والصحافي زمناكو إسماعيل الى تغيير خطته للاحتفال بعيد ميلاده عبر الإعلان عن حملة واسعة لتشجير الجبل للتعويض عن الأشجار التي احترقت.

واندلع حريق هائل مساء ليلة الثالث من سبتمبر الحالي في غابات جبل كويژه،  واستمر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.

وشكلت النيران خطرا على المجمعات السكنية المحاذية للجبل، ما أدى إلى إخلاء المنطقة بطلب من الدفاع المدني، قبل السيطرة على الحريق الذي أسفر عن احتراق مساحات واسعة من الغابات.

 

زمناكو والأشجار

ويحتفل إسماعيل منذ نحو خمسة أعوام بعيد ميلاده، عبر زراعة عدد من الأشجار في حدائق المدينة، وقد أعد مع بداية سبتمبر الحالي نحو ٤٠ شتلة كي يزرعها في إحدى الحدائق المتروكة بالسليمانية، بمناسبة بلوغه ٤٠ عاما، لكن الحريق غيّر هذه الخطة.

وقام بإطلاق مشروع تشجير جبل كويژه عبر حملة تطوعية للتشجير طويلة الأمد، تهدف لزيادة المساحات الخضراء في السليمانية ومدن كردستان الأخرى.

يقول إسماعيل لـ"ارفع صوتك": "قررت زيادة عدد الشتلات من 40 إلى ٢٠٠ شتلة، ونقلتها بمساعدة ١٠٠ متطوع إلى الجبل، وزرعناها هناك كوجبة أولى، ثم زرعنا أكثر من ٧٠ شتلة أخرى خلال الوجبة الثانية من الحملة".

"هذه الحملة مستمرة اعتمد خلالها على المتبرعين بالأشجار والمتطوعين الذين يستجيبون لنداء الاستغاثة الذي أعلنا عنه بعد الحريق" يوضح إسماعيل.

وأطلق اسم "تنمية جبل كويژه" على مشروعه لزراعة الأشجار في الجبل الذي سيشمل مستقبلاً وبحسب برنامجه الحدائق والغابات المتروكة في السليمانية ومدن كردستان الأخرى.

ويتابع إسماعيل القول "نحتاج الى أكبر عدد من الأشجار لزراعتها في الجبل لأن المساحات المحترقة كبيرة والإحصائية المتوفرة لدينا التي حصلنا عليها من جهات رسمية تشير إلى أن مدينة السليمانية فقدت بسبب هذا الحريق نحو 8% من نسبة الأوكسجين في الجو، وهذا يستدعي أن نتعاون جميعا لإعادة تنمية غابات الجبل من خلال الاستمرار في عملية التشجير".

وينتظر إسماعيل مشاركة واسعة من التجار ورجال الأعمال وميسوري الحال لدعم المشروع من خلال توفير المياه لسقي الأشجار وتوفير الشتلات، داعيا إلى تشكيل مجموعات لزراعة الأشجار والاهتمام بالبيئة وحمايتها.

 

ثقافة التشجير

يقول إسماعيل "ينبغي أن نجعل من ثقافة التشجير جزءاً رئيسياً في حياتنا، ونواصل زراعة الأشجار في كافة المدن والبلدات، ولنزرع الأشجار في كافة مناسباتنا".

ولا يقتصر مشروع "تنمية جبلكويژه" على زراعة الأشجار بل يشمل أيضا الاعتناء بها من خلال توفير المياه اللازمة لريّها، ويوفر إسماعيل حاليا المياه للأشجار بالاعتماد على دخله الخاص، لكنه يسعى للحصول على مساعدة بلدية السليمانية في توفير المياه للأشجار في الجبل.

يوضح لـ"ارفع صوتك": "بدأنا خطواتنا الرسمية للمطالبة من بلدية السليمانية بتوفير المياه لهذه الأشجار، نحن مقبلون على فصل الخريف حيث تبدأ درجات الحرارة بالانخفاض وتزداد الرطوبة في الجو وتبدأ الأمطار بالهطول،  ما يسهل  ريّ الأشجار في هذه المناطق الجبلية، والأشجار التي زرعناها في الجبل هي أشجار الصنوبر والسرو والبلوط تتحمل كافة العوامل الجوية وتحتاج إلى كميات أقل من المياه مقارنة بالأشجار الأخرى".

ويؤكد إسماعيل أن مشروع التشجير "لن يكون الأخير في الحفاظ على البيئة" مشيراً إلى أنه هدفه المقبل "مشروع إنشاء مأوى خاص بالكلاب السائبة في مدينة السليمانية بمساعدة دائرة البلدية".

ويعمل إسماعيل كصحافي ومصور وصانع أفلام وثائقية، تمكن حتى الآن من حصد العديد من الجوائز الدولية كانت إحداها جائزة "روري بيك" الدولية عام 2015، لتغطيته عمليات الإبادة الجماعية التي تعرض لها الايزيديون على يد تنظيم داعش في سنجار غرب الموصل عام 2014.

مواضيع ذات صلة:

Iranian President Pezeshkian visits Erbil
من زيارة الرئيس الإيراني لكردستان العراق- رويترز

استخدم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الحالية إلى العراق اللهجة الكردية ليقول إن بين طهران وكردستان "علاقات جيدة"، في مؤشر واضح على تحسّن روابط بلاده مع الإقليم العراقي الذي يتمتع بحكم ذاتي واستهدفته ضربات إيرانية مرّات عدّة في السنوات الأخيرة.

فكيف تمكّن الإيرانيون وأكراد العراق من تسوية خلافاتهم؟

 

تقارب حقيقي؟

شهدت العلاقات بين جمهورية إيران الإسلامية وإقليم كردستان العراق، وهو تقليدياً حليف لواشنطن والأوروبيين في الشرق الأوسط، تحسناً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة.

وكثرت الزيارات التي أجراها مسؤولون من الجانبين والتصريحات الإيجابية.

وحضر كلّ من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني وابن عمّه رئيس الوزراء مسرور بارزاني جنازة الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قضى مع مسؤولين بينهم وزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان في تحطّم طائرتهم في 19 مايو الماضي.

كذلك زار القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري أربيل عاصمة الإقليم في يونيو الفائت.

ولدى خروجه الأربعاء من القصر الرئاسي في بغداد حيث اجتمع بنظيره العراقي عبد اللطيف رشيد، قال بزشكيان بالكردية لقناة "رووداو" المحلية الكردية "لدينا علاقات جيدة مع كردستان وسنعمل على تحسينها أكثر".

وزار نيجيرفان طهران ثلاث مرات في غضون أربعة أشهر، والتقى بارزاني المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

يقول مدير "المركز الفرنسي لأبحاث العراق" عادل بكوان لوكالة فرانس برس: "أصبحنا حالياً في مرحلة التطبيع" في العلاقات.

ويعود ذلك بالنفع على أربيل من ناحية "حماية أمنها واستقرارها ونموها الاقتصادي، ما يجعل تطبيع العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ضروريا للغاية"، بحسب بكوان.

 

لماذا قصفت طهران إقليم كردستان؟

في السنوات الأخيرة، تعثّرت العلاقات بين أربيل وطهران بسبب الخلاف حول مجموعات مسلحة من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن المنصرم بعد اندلاع حرب استمرت ثماني سنوات بين العراق وإيران.

على جانبي الحدود، كان الأكراد العراقيون والإيرانيون يتكلّمون اللهجة نفسها ويتشاركون روابط عائلية.

واستمرت المجموعات الإيرانية المعارضة وغالبيتها يسارية الميول وتندّد بالتمييز الذي يعاني منه الأكراد في إيران، في جذب الفارّين من القمع السياسي في الجمهورية الإسلامية. من هذه المجموعات حزب "كومله" الكردي والحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني اللذان تعتبرهما طهران منظمتين "إرهابيتين".

وكان لهذه المجموعات مقاتلون مسلحون، إلا أنهم كانوا ينفون تنفيذ أي عمليات ضد إيران عبر الحدود.

واتّهمت طهران هذه المجموعات بتهريب أسلحة بالتسلّل إلى أراضيها انطلاقاً من العراق وبتأجيج التظاهرات التي هزت إيران في أعقاب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022 بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم امتثالها لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

في نهاية عام 2023، وبعد ضربات عدّة نفذتها إيران في العراق، تعهدت السلطات العراقية بنزع سلاح هذه الفصائل وإخلاء قواعدها ونقلها إلى معسكرات.

وقال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي للتلفزيون الإيراني الرسمي، الثلاثاء الماضي، إن الحكومة العراقية أغلقت 77 من قواعد هذه المجموعات قرب الحدود مع إيران ونقلت المجموعات إلى ست معسكرات في أربيل والسليمانية.

وأكّد أن استعدادات تجري لمغادرتها العراق إلى بلد ثالث.

 

ما التحديات التي لا تزال قائمة؟

في ظلّ اضطرابات جيوسياسية في الشرق الأوسط، استهدفت طهران كردستان مرّات أخرى، متهمة الإقليم بإيواء مواقع للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (موساد).

في يناير 2024 ووسط توترات إقليمية على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، شنّت القوات الإيرانية هجوما على مواقع في إقليم كردستان العراق، مشيرة إلى أنّها استهدفت "مقرا لجهاز الموساد". 

من جانبها، نفت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة كردستان أن يكون "الموساد" متواجدا في الإقليم.

ويمكن كذلك قراءة التقارب الذي بدأته أربيل مع طهران في ضوء "الانسحاب" الأميركي المحتمل من العراق، بحسب عادل بكوان.

وتجري بغداد وواشنطن منذ أشهر مفاوضات بشأن التقليص التدريجي لعديد قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في العراق.

وتطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

وقال وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في مقابلة تلفزيونية، الأحد الماضي، إن العاصمتين توصلتا إلى تفاهم حول جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي من العراق "على مرحلتين".

وأوضح أن التفاهم يتضمّن مرحلة أولى تمتدّ من سبتمبر الجاري حتى سبتمبر 2025 وتشمل "بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين"، يليها انسحاب "في المرحلة الثانية من سبتمبر 2025 حتى سبتمبر 2026 من كردستان العراق".

ولم تعد أربيل في السنوات الأخيرة في موقع قوة أمام الحكومة المركزية في بغداد التي تربطها بها علاقات متوترة.

يقول بكوان "كلما انسحبت الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، بالتالي من العراق بالتالي من كردستان العراق، أصبحت أربيل أضعف في مواجهة بغداد (...) المدعومة بقوة من جمهورية إيران الإسلامية" المعادية لواشنطن.